محطات تنقية وتعاون إقليمي في الأفق.. شراكة استراتيجية لتحسين الواقع المائي

الثورة – لينا شلهوب:

في وقت تتزايد فيه التحديات المتعلقة بإدارة الموارد المائية في منطقة الشرق الأوسط، تأتي مبادرات التعاون الدولي كنافذة أمل لتحسين الواقع الخدمي والبيئي في العديد من المناطق.

ومن دمشق، أُعلن مؤخراً عن توقيع اتفاقية جديدة بين مؤسسة مياه دمشق وريفها والسفارة التشيكية، تهدف إلى تنفيذ محطتين لتنقية مياه الشرب في بلدتي عدرا الجديدة، ويلدا بريف دمشق، بتكلفة تقديرية بلغت 830 ألف دولار أميركي، كما تتضمن صيانة الشبكات الحالية، وإنشاء خطوط جديدة لتوزيع المياه، وتأتي ضمن سلسلة مشاريع تعاون سابقة بين الجانبين، بالإضافة إلى ذلك.

وضمن جهود تعزيز التعاون الثنائي في إدارة الموارد المائية، عقدت اللجنة السورية الأردنية المشتركة المعنية بحوض نهر اليرموك اجتماعها الثاني في دمشق استكمالاً للاجتماع السابق الذي جرى في عمّان، وناقش الجانبان البنود المطروحة سابقاً، وتوافقا على نقاط جديدة تدعم الاستخدام المستدام والعادل لموارد حوض اليرموك، كذلك تم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية مشتركة لدراسة سبل الاستفادة المثلى من الواردات المائية، مع التأكيد على أهمية مواصلة التنسيق الفني والمؤسسي لضمان الأمن المائي في البلدين.

هذه الخطوة ليست جديدة في سجل التعاون بين الجانبين، إذ تأتي استكمالاً لمشاريع مماثلة نُفذت خلال السنوات السابقة في بلدات حزة، وعقربا، وشبعا، ودوما بمحافظة ريف دمشق، وأسهمت بشكل ملموس في تحسين جودة المياه التي تصل إلى آلاف السكان، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة على البنية التحتية للمياه نتيجة النزوح والتمدد العمراني والضغوط البيئية.

تطوير منظومة مياه الشرب

تشمل الاتفاقية الجديدة، إلى جانب إنشاء محطتي التنقية، أعمال صيانة للشبكات المائية الحالية وإنشاء خطوط توزيع جديدة لضمان وصول المياه النقية إلى أكبر عدد ممكن من السكان، ومن المتوقع أن تسهم هذه المحطات في تقليل الاعتماد على مصادر المياه غير المأمونة، وتحسين المعايير الصحية وجودة الحياة في المنطقتين المستهدفتين.

الخبير في إدارة الموارد المائية المهندس حسين حيدر، أشار في حديثه مع صحيفة الثورة إلى أهمية المشروع قائلاً: هذه المشاريع تشكّل ركيزة أساسية لتحسين الواقع المائي في المناطق الريفية، ونحن نعمل مع الشركاء الدوليين على تأمين حلول مستدامة تراعي التوزيع العادل والكفاءة في استثمار الموارد المتاحة، كما أوضح أن مثل هذه المحطات تعتمد على تكنولوجيا تنقية متقدمة تضمن إزالة العكارة، والملوثات الدقيقة والميكروبية من المياه، ما يضمن سلامتها للاستخدام البشري وفقاً للمعايير الدولية.

دعم مستمر وفاعل

من جهتهم، ممثلون من السفارة التشيكية في دمشق أكدوا التزامها بدعم مشاريع التنمية والخدمات الأساسية في سوريا، خاصة في مجال المياه والصحة العامة، وأنهم ملتزمون بمواصلة الدعم من خلال مشروعات نوعية تحقق أثراً ملموساً على الأرض، ويتم العمل على نقل الخبرات التشيكية في مجالات تنقية المياه والإدارة المتكاملة للموارد، مضيفة أن التعاون القائم مع مؤسسة المياه في دمشق يعكس شراكة استراتيجية قائمة على الثقة ووضوح الأهداف، مؤكدة أن هذا المشروع قد يفتح الباب لمزيد من المبادرات التنموية في المستقبل.

حوض اليرموك نموذجاً

على صعيد متصل، شهدت دمشق أيضاً انعقاد الاجتماع الثاني للجنة السورية الأردنية المشتركة المعنية بحوض نهر اليرموك، في خطوة تهدف إلى استكمال مخرجات الاجتماع الأول الذي جرى في العاصمة الأردنية عمّان، وترأس الاجتماع عن الجانب السوري معاون وزير الطاقة المهندس أسامة أبو زيد، وعن الجانب الأردني أمين عام سلطة وادي الأردن هشام الحيصة، وتباحث الجانبان البنود العالقة، وتوصلا إلى توافقات جديدة تُعزز الاستخدام المستدام والعادل لمياه الحوض، كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية مشتركة لدراسة سبل الاستفادة المثلى من الواردات المائية، بما يضمن الأمن المائي للبلدين.

وفي تعليق لخبير في شؤون المياه الدولية الدكتور نزار السعدي، قال: الاتفاق بين سوريا والأردن بخصوص حوض اليرموك يحمل طابعاً استراتيجياً، إذ يُعد من الأحواض النهرية المشتركة القليلة في المنطقة التي لا تزال قيد الاستخدام الزراعي والسكاني المكثف، فيما أن التعاون في هذا السياق يعكس وعياً متنامياً بأهمية التشارك في إدارة الموارد العابرة للحدود، ويضيف: إن أهمية هذا التعاون لا تقتصر فقط على تبادل الحصص المائية، بل تمتد لتشمل تبادل البيانات الهيدرولوجية، والتنسيق في أوقات الجفاف، وتطوير البنية التحتية المشتركة، الأمر الذي يسهم في تقليل النزاعات وتعزيز الاستقرار.

نحو إدارة مائية أكثر استدامة

تأتي هذه التحركات والنشاطات في ظل واقع مائي متغيّر، إذ تعاني العديد من المناطق السورية من تراجع مصادر المياه السطحية والجوفية بسبب التغيرات المناخية والضغط السكاني، ووفق تقارير الأمم المتحدة، فإن نحو 60 بالمئة من سكان سوريا يواجهون تحديات في الحصول على مياه نظيفة وآمنة، ما يجعل هذه المشاريع أكثر من مجرد إنجاز فني، بل ضرورة إنسانية.

الباحثة في قضايا إدارة المياه المهندسة رُبى عبد الكريم، تؤكد أن الربط بين الجهود المحلية في البنية التحتية، والتنسيق الإقليمي، والدعم الدولي هو مفتاح لحل الأزمة المائية في سوريا، لافتة إلى أن المياه ليست فقط خدمة، بل هي حق أساسي وحجر زاوية في تحقيق التنمية والاستقرار.

فهل تعتبر سوريا في مواجهة قاسية مع أزمة نقص المياه نتيجة ما تعانيه من التغيرات المناخية، والجفاف وتراجع سقوط الأمطار؟ وهل هناك من خطوات عملية فعلية لاستدراك أي طارئ ؟.

إن ما تحتاجه سوريا اليوم ليس فقط مزيداً من الاستثمارات في قطاع المياه، بل أيضاً منظومة تخطيط وتعاون شاملة تأخذ بعين الاعتبار التحديات المناخية والديموغرافية، وتعتمد الشفافية والابتكار والمساءلة كأسس لإدارة واحدة من أكثر الموارد حساسية وأهمية في حياة البشر، خاصة أنه بعد سنوات طويلة من سوء إدارة مصادر المياه الطبيعية، بات الإصلاح الهيكلي ضرورياً لمعالجة أزمة ندرة المياه التي تعانيها سوريا.

آخر الأخبار
وقف استيراد الفروج المجمد.. مدير الدواجن يدعو لمراقبة السوق تعزيز العلاقات التجارية مع مجلس الأعمال السوري- الأميركي وزير المالية يطمئن.. الخبير عمر الحاج لـ"الثورة": تنشيط قطاع الكهرباء يحتاج تكاليف كبيرة إعادة تأهيل ست آبار.. وإزالة تعديات على خطوط المياه بدرعا مطاعم المزة.. نكهات باهظة في مدينة تتعافى ببطء بداية تعاف ونقطة قوة تسجل للحكومة.. جمعة حجازي لـ "الثورة": تحويل المحافظات المهمشة اقتصادياً لمراكز... "أمية" ينفض الغبار بانطلاقة جديدة.. مصطفى خطاب: نراهن على الجودة والسعر معاً ارتفاع الأسعار يودي بزيادة الرواتب في مهب الريح موازنة العام 2026.. رؤية مختلفة عن سابقاتها التمديد الحكمي في عقود الإيجار.. الأكثر أثارة للجدل مشروع القاضي طارق برنجكجي يعيد التوازن التشريعي مشاريع تركيب وصيانة لتعزيز موثوقية الكهرباء بريف دمشق قرية اليعقوبية تحيي طقوس عيد القديسة آنا بريف إدلب قرار جديد يضع التمريض على مسار مهني صارم ويحمي حق المريض وسوريا محكومة بالوحدة والتعايش السلمي بعيداً عن مشاريع التقسيم محطات تنقية وتعاون إقليمي في الأفق.. شراكة استراتيجية لتحسين الواقع المائي خدمات طبية متنوعة يقدمها مستشفى جبلة الوطني المشاريع الاستثمارية رافعة تنموية للاقتصاد المحلي في اللاذقية صناعيو حلب : الصناعة على شفير الانهيار ما لم تُتخذ إجراءات حكومية سريعة من الشوارع إلى الورش السرية.. الوجه الآخر للاقتصاد أزمة الثقة في القطاع المصرفي.. كيف نشأت وكيف المعالجة؟