الثورة – فردوس دياب:
لم يعثر لهم على أثر، لا في سجون النظام المجرم، ولا في أقبيته، ولا حتى داخل أكياس الجثث التي تحولت إلى مجرد أرقام لا تعرف أسماء أصحابها، اختفوا إلى غير رجعة.
لم يعثر لهم على أي أثر، لكن أناتهم وصرخاتهم، لا تزال موجودة في زاويا الزنازين المظلمة، وغرف الإعدام والتعذيب، التي ستبقى شاهدة على إجرام ووحشية نظام لم يعرف التاريخ له مثيلاً.
الرحلة الأخيرة
أيمن أحمد مرعي (أبو يزن)، يروي لنا تفاصيل اختفاء أخيه أكرم مع ثمانية من زملاء العمل في فرن الزبداني في العام 2012، يقول: “أخي يعمل في فرن الزبداني، وفي تاريخ 1-4-2012 طلب منهم مدير الفرن أن يقوموا بعجن كميات كبيرة من الطحين لإنتاج الخبز وتوزيعه على الأهالي هناك، إذ كانت ظروف الطقس باردة جداً والثلوج متراكمة، وبعد أن انتهوا في صباح اليوم التالي، وذلك في تاريخ 2-4-2012، انطلقوا عائدين إلى بيوتهم وأسرهم، لكنهم لم يعرفوا أنها كانت رحلتهم الأخيرة قبل أن يختفوا في معتقلات وسجون النظام البائد”.
ويضيف أبو يزن: “وأثناء مرورهم على إحدى حواجز النظام البائد، تم اعتقاله مع زملائه الثمانية، ومنذ تلك اللحظة لم يعرف لهم أي أثر، إذ لم نترك أي جهة أمنية أو عسكرية إلا وسألنا عنهم، لكن أحداً لم يعترف لنا بوجودهم، فيما تناهى إلى أسماعنا الكثير من الأخبار التي لم نستطع التحقق منها عن إعدامهم ميدانياً بالرصاص”.
ودعا مرعي اللجان التي شكلتها الدولة السورية الجديدة للتحقيق بهذا الأمر إلى مواصلة جهودها لمعرفة مصير أخيه ورفاقه، وجميع الذين اختفوا قسراً، لأن ذلك ضروري وأساسي لتحقيق وتطبيق العدالة الانتقالية، ومن ثم تحقيق مصالحة حقيقية تؤسس لبناء وطن يسوده التسامح والعيش المشترك.