الثورة – وعد ديب:
تغيير العملة في سوريا ليس مجرد خطوة اقتصادية، ولا يمكن فهمها من دون قراءة اقتصادية سياسية، هذا ما أكده لـ”الثورة” الباحث الاقتصادي الدكتور خالد التركاوي.
وبين أن الحديث عن تغيير العملة وحذف الأصفار ما زال يملأ النقاشات، لكن اختزال العملية في بعدها الاقتصادي فقط هو تبسيط مخلّ.
لفهم الصورة الكاملة، يجب أن ننظر للأمر من ثلاث زوايا متكاملة.
الزاوية الاقتصادية
الزاوية الأولى هي الزاوية الاقتصادية، حيث تعتبر خطوة ضرورية لكنها ليست كافية، لا شك أن حذف الأصفار سيسهل الحسابات والمعاملات اليومية التي أرهقتها الأرقام الفلكية، متابعاً: هذه الخطوة قد تعطي دفعة ثقة مؤقتة وتزيل ما يعرف بـ “وهم التضخم” من الأرقام، لكنها لن تكون العصا السحرية التي تحل مشكلة التضخم المتجذر.
فالتحدي الحقيقي يكمن في بناء سياسات نقدية ومالية صارمة، دعم الإنتاج المحلي، وإعادة بناء الثقة في النظام المصرفي الذي يئن تحت وطأة اقتصاد الظل الذي يقدر بـ 40 تريليون ليرة.
الزاوية الأمنية
وفقاً للخبير الاقتصادي، تتعلق بتجفيف منابع أموال الفساد والحرب خلال سنوات الصراع، إذ تجمعت ثروات طائلة خارج المنظومة المصرفية الرسمية، وهذه الأموال، التي نهبها رموز النظام السابق وأعوانه، وتلك التي جمعها أمراء الحرب وتجار الأزمات، تشكل خطراً أمنياً واقتصادياً على مستقبل سوريا، كذلك تغيير العملة، مع ضوابط صارمة على عملية الاستبدال، هو فرصة نادرة لحصر هذه الأموال وكشفها، وتقييد قدرة هذه الشبكات على تمويل أنشطتها التي تعادي استقرار السوريين.
الزاوية السياسية
أما من الزاوية السياسية، فبحسب التركاوي، تتعلق بقطع رمزي مع الماضي، لا يمكن بناء سوريا الجديدة وعملتها لا تزال تحمل صور من تسببوا في دمارها.
كما تمت إزالة صور الأسد من المباني والساحات، فإن إزالتها من العملة هي خطوة سيادية ورمزية بامتياز.
إنها إعلان صريح بانتهاء حقبة وبداية عهد جديد، عملته تحمل رموزاً تعبر عن الحرية والاستقرار وتطلعات السوريين لمستقبل أفضل.
وبرأي الدكتور التركاوي، فإن تغيير العملة ليس مجرد عملية فنية، بل هو قرار استراتيجي يتقاطع فيه الاقتصادي مع الأمني والسياسي، وأن نجاح هذه الخطوة يعتمد على تكاملها مع إصلاحات حقيقية وشاملة.