الثورة – علا محمد :
حين تتنفس الأفكار، يصبح الابتكار واقعاً ملموساً، وقد جسد جناح “جامعة دمشق” في معرض دمشق الدولي هذا التغيير، إذ تحوّ لت إبداعات الطلاب من خيال أكاديمي إلى حلول عملية تخدم المجتمع وتفتح آفاق المستقبل، فكلّ زاوية تحكي قصة شغف، وكلّ تجربة تختصر رحلة بحث وعمل دؤوب، مؤكدةً أن العلم ليس مجرد نظرية، بل أداة للتغيير الحقيقي.
ابتكار يخدم المجتمع
مدير جناح جامعة دمشق والمكتب الإعلامي، حافظ ترمان، أكد لصحيفة الثورة أن مشاركة الطلاب في معرض دمشق الدولي تمثل فرصة لإبراز الابتكارات التي تخدم المجتمع بشكل عملي، مشيراً إلى أن أبرز هذه الإنجازات كانت البطاقة الصحية، التي تتيح الحفاظ على المعلومات الطبية للمريض والاستفادة منها في المشافي الحكومية والخاصة على حدّ سواء، وأضاف ترمان أن المشاركة قد تفتح المجال أمام تبني بعض هذه الاختراعات من قبل الشركات، بما يعود بالفائدة على الأفراد والمجتمع.
ومن بين الابتكارات التقنية، طورت الطالبة سارة زرزور وزميلتها آية حمد تجربة لتعقب حركة البصر ضمن تخصصهن في المعلوماتية، باستخدام تقنيات Open CV والطباعة ثلاثية الأبعاد لإنشاء عيون ميكانيكية دقيقة، وأشارت زرزور في حديثها مع “الثورة” إلى أن الهدف الأساسي من التجربة تعليمي، لكنّه يحمل تطبيقات واسعة تشمل مساعدة الأشخاص المصابين بالشلل على التحكم بالأجهزة، فضلاً عن الاستخدامات التجارية لتحديد اهتمامات المستهلكين، وأكدت أن مشاركتهما في المعرض سمحت لهما بالتعرف على مشاريع زملائهما والتفاعل معها، ما أضاف بعداً اجتماعياً وتربوياً لتجربتهما الأكاديمية.
ابتكار في العناية بالبشرة
وفي موازاة ذلك، نجحت آلاء الدباغ في تطوير سيروم للعناية بالبشرة، يعالج الهالات السوداء والانتفاخات تحت العين، مع تعديل التركيبة لإزالة المواد المسببة للحساسية، وأوضحت الدباغ أن هذا المشروع يمثل جزءاً من خطّة تطوير منتجاتها، مشيرةً إلى أن المعرض وفر لها فرصة لتوسيع آفاقه عملياً، وأكدت أن المشروع يجمع بين الابتكار العلمي والفائدة المجتمعية، خصوصاً في منتجات تحظى باهتمام واسع من الجمهور.
ولا تقل الابتكارات البيئية أهمية عن غيرها، فقد شهد جناح الجامعة تطوير خط سير آلي لفرز النفايات بواسطة الطالبة سارة صديقة بالتعاون مع أربعة زملاء، وبحسب قولها :إن النظام يتيح التعرف على نوع النفايات وفصلها تلقائياً إلى خشب أو معدن أو ورق، مع تحريك المحركات المناسبة لكل نوع، كما أوضحت أن الهدف من هذه التجربة حماية البيئة، مؤكدةً أن المعرض أتاح للزوار متابعة كيفية تحويل الأفكار الأكاديمية إلى حلول عملية تخدم المجتمع.
اختراعات رائدة تغير الواقع
وعلى صعيد الإنجازات الكيميائية والبحثية، قدّمت الطالبة إيلاف آلوسي الحائزة على ماجستير في الكيمياء، مركباً فعالاً -ضد طفيلي “اللايشمانيا”- قادراً على القضاء على نحو مليوني طفيلي خلال 48 ساعة، وهو ابتكار عالمي.
وأضافت آلوسي: إنها تعمل أيضاً على تطوير نظام لتوفير خمسة هكتارات من المياه سنوياً باستخدام تقنية ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن مراقبتها عن بعد عبر الهاتف المحمول، ما يجمع بين الابتكار والكفاءة والأمان، وشددت على شعارها في المعرض: “معرض دمشق الدولي يستقبل العالم، وجامعة دمشق تصدر العلم للعالم”.
بهذا التلاحم بين التجارب التقنية والبيئية والطبية، يظهر جناح جامعة دمشق كمساحة حيّة لمشاريع الطلاب، حيث تتلاقى الإنجازات العلمية والاجتماعية والتطبيقية لتؤكد أن الجامعة لا تقدّم العلم فحسب، بل تخلق بيئة عملية تخدم المجتمع وتفتح آفاق المستقبل.