الثورة – إيمان زرزور:
أدى حادث سير مروّع على طريق الحسكة – الشدادي قرب قرية الميلبية – الخمائل إلى وفاة أكثر من 11 شخصاً، إثر اصطدام سرفيس لنقل الركاب بصهريج وقود ضخم، إذ تداخلت السرعة الزائدة مع الإهمال ورداءة الطريق لتصنع فاجعة جديدة أضيفت إلى سلسلة طويلة من المآسي على الطرق السورية.
وتشهد سوريا في السنوات الأخيرة ارتفاعاً لافتاً في معدلات الحوادث المرورية، التي تحصد مئات الأرواح وتتسبب بإصابات جسيمة سنوياً، في ظل واقع مروري متدهور وبنية تحتية مدمرة لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من الإهمال.
ولم تعد هذه الحوادث مجرد أرقام في التقارير الرسمية، بل تحولت إلى أزمة يومية تهدد حياة السوريين بشكل مباشر.
أوضحت التقارير أن أسباب الحوادث متعددة، أبرزها سوء حالة الطرق العامة وامتلاؤها بالحفر، غياب الإنارة والإشارات المرورية، إضافة إلى السرعة المفرطة، وتجاهل قواعد السير، والقيادة من قبل مراهقين أو دون رخصة.
كما ساهم غياب الدوريات المرورية، وضعف الرقابة، وانتشار استخدام الهواتف أثناء القيادة أو قيادة المركبات تحت تأثير الأدوية والمنبهات، في تفاقم الظاهرة.
أدت الحوادث إلى فقدان أسر كثيرة لمعيلها بشكل مفاجئ، وإصابة آخرين بإعاقات دائمة في أعمار صغيرة، إلى جانب أعباء مالية وصحية ضخمة في ظل انهيار المنظومة الطبية.
كما تركت آثاراً نفسية عميقة على الناجين وعائلات الضحايا، وخاصة الأطفال الذين شهدوا المأساة أو فقدوا أحد ذويهم.
ورغم وجود قانون للمرور في سوريا، إلا أن تنفيذه يواجه ضعفاً شديداً، إذ يفلت كثير من المخالفين من العقاب بسبب المحسوبيات أو غياب المراقبة الإلكترونية كالأنظمة الذكية والكاميرات والرادارات.
ويبرز هنا مطلب ملحّ بتحديث التشريعات وتشديد العقوبات على المخالفين المتهورين الذين يهددون حياة الآخرين.
طرحت جهات مختصة سلسلة حلول للحد من هذه الكارثة اليومية، منها إطلاق حملات توعية مرورية في المدارس والجامعات، والبدء بصيانة الطرق وتوسيعها مع وضع إشارات واضحة، وفرض رقابة إلكترونية صارمة على المخالفات، كما دعت إلى تشديد شروط منح رخص القيادة، والتأكد من كفاءة المتقدمين عبر تدريب فعلي، وتسليط الضوء على قصص واقعية من ضحايا الحوادث للتأثير في وعي السائقين، خصوصاً الشباب.
تحولت حوادث السير في سوريا إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة تتجاوز كونها أخطاء فردية لتغدو انعكاساً لفوضى مرورية وغياب الردع.
وبينما تستمر أرواح السوريين بالنزف على الطرقات، لا تزال الإجراءات الحازمة غائبة، فيما يبقى الوعي المجتمعي عاجزاً عن إدراك حجم الكارثة.
وأصبحت حماية حياة السوريين التزاماً جماعياً لا يحتمل التأجيل، يتطلب وضع سلامة الإنسان فوق كل اعتبار.