الثورة – فؤاد الوادي:
يتخذ الدعم العربي والإقليمي والدولي لسوريا منحى ومساراً تصاعدياً، وعلى أعلى المستويات وفي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، في دلالات ورسائل جمة، لا تعكس توافقاً وإجماعاً عربياً وإقليمياً ودولياً على مواصلة وتعزيز جهود الإسناد والإمداد للدولة السورية فحسب، بل تعكس إجماعاً وتوافقاً على الجهود الكبيرة والاستثنائية التي لاتزال تقوم بها دمشق لتزيل عن كاهلها إرث النظام البائد، ولتبني من جهة أخرى كل قواعد نهوضها واستقرارها وقوتها.
حالة الأمن والاستقرار التي تعيشها سوريا، وبالرغم من محاولات بعض الأطراف المرتبطة بأجندات ومشاريع خارجية، تعكيرها والعبث بمقوماتها وركائزها، كانت وستبقى الدافع الأبرز وراء ارتفاع وتيرة الدعم للدولة السورية، في كل الجوانب والأصعدة، لاسيما الدعم المتعلق بوحدة الأراضي السورية، والاستقرار والسيادة، هذا بالإضافة إلى دعم الجانب الاقتصادي، الذي ما كان ليكون، لولا وجود مقوماته وظروفه على الأرض، وهو البيئة المستقرة والآمنة.
ارتفاع وتيرة الدعم للجهود السورية، عكستها بيانات الدعم والمواقف التي كانت ظاهرة وحاضرة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، ومن أكثر من مكان وعاصمة، ولعل آخرها ما جاء في البيان الختامي للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، في ختام دورته الـ 165 في دولة الكويت، أمس، حيث حمل البيان دعماً كاملاً للحكومة السورية في جهودها لحفظ الأمن والاستقرار.
كما ندد بالانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، ودعا إلى احترام سيادة سوريا ووحدتها، محذراً من أن هذه الاعتداءات الإسرائيلية تزعزع أمن سوريا ووحدة وسلامة أراضيها ومواطنيها، وتقوض جهود الحكومة السورية في إعادة الإعمار.
كما شدد البيان الختامي للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي على ما جاء في قرار مجلس الأمن 2782، في ال 30 من حزيران الماضي بشأن ضرورة التزام جميع الأطراف باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974م، مؤكداً أن الجولان المحتل أرض عربية سورية، مندداً بقرارات الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع في الاستيطان في الجولان المحتل، والتوغل في المنطقة العازلة.
ودعا البيان أيضاً، مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهما القانونية والأخلاقية لوقف الاعتداءات على الأراضي السورية، وضمان انسحاب إسرائيل الكامل من كل الأراضي السورية المحتلة.
وأمس أيضاً، جدّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس تأكيد بلاده على احترام وحدة واستقرار سوريا وسيادتها على كامل أراضيها.
وأفادت وزارة الخارجية المصرية في بيان بأن عبد العاطي استعرض مع كالاس محددات الموقف المصري القائم على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها، ورفضها للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية.
وفي وقت سابق، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها يصب في مصلحة المنطقة بأسرها، مشدداً على رفض بلاده لأي محاولات تهدد أمن وسلامة الأراضي السورية.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن أردوغان قوله خلال مشاركته في الجلسة الموسعة لقمة مجلس رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين الصينية: “إن تركيا ستواصل الوقوف في وجه أي محاولة من شأنها تهديد أمن وسلامة سوريا”، مشيراً إلى أن رؤية بلاده تقوم على حل الأزمات عبر الحوار والدبلوماسية، واحترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول.
وتؤكد تصريحات الرئيس التركي في قمة شنغهاي أهمية وحدة سوريا كركيزة للاستقرار الإقليمي، كما تعكس دعوته للحوار والتعددية التزاماً بمسار دبلوماسي لحل الأزمات الدولية، وفي ظل تصاعد التحديات العالمية، تبقى وحدة المواقف ضرورة لتعزيز العدالة والسلام.
وقبلها بساعات، دعا أعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي إسرائيل إلى وقف أعمالها العدائية ضد سوريا فوراً، مؤكدين أن استمرار هذه الاعتداءات يعرقل جهود تحقيق الاستقرار.
وأوضح بيان مشترك صدر عن السيناتور الديمقراطية جين شاهين، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والسيناتور الجمهورية جوني إرنست، وعضو مجلس النواب جو ويلسون، أنهم عادوا مؤخراً من زيارة إلى سوريا التقوا خلالها الرئيس أحمد الشرع وعدداً من الوزراء وممثلين عن مختلف المكونات الاجتماعية والدينية، حيث لمسوا رسالة واضحة بأن سوريا تحتاج إلى فرصة للنجاح وتجاوز أكثر من أربعة عشر عاماً من الصراع.
وأشاروا في البيان إلى أن الضربات الإسرائيلية المزعزعة للاستقرار التي استهدفت دمشق مؤخراً تجعل تحقيق هذا الهدف أكثر صعوبة، لافتين إلى ضرورة وقف هذه الاعتداءات فوراً.
وأضاف البيان: نشيد بالقرار الجريء للرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا، وندعو “إسرائيل” لاغتنام الفرصة ووقف الأعمال العدائية حتى يتمكن السوريون، بالتعاون مع المبعوث الخاص توماس باراك، من متابعة التقدم المحرز.
اليابان كذلك جسدت دعم الدولة السورية من خلال إعلانها قبل يومين عن تقديم 5.5 ملايين دولار لدعم برنامج الأمم المتحدة “موئل”، المعني بالعمل من أجل تحسين الظروف المعيشية في سوريا.
ونقلت وكالة أنباء كيودو اليابانية عن وزارة الخارجية اليابانية قولها في بيان: إنّه مع استمرار الأوضاع في سوريا وعودة المزيد من اللاجئين إلى ديارهم، أصبحت مساعدة الناس لتأمين بيئة معيشية آمنة قضية ملحة.
وفي وقت سابق، وصفت السيناتور الأميركية عن الحزب الديمقراطي إليزابيث وارن، قرار تخفيف ضوابط التصدير إلى سوريا، الذي أعلنت عنه وزارة التجارة الأميركية يوم الخميس الماضي، بالقرار المهم لإعادة إعمار البلاد، وتعزيز دور الولايات المتحدة في عملية تعافي سوريا والمنطقة.
وقالت وارن في تصريح نقله موقع سيمافور الأميركي الإخباري: “إنّ هذه الخطوة مهمة؛ لأنها ستساعد الشركات الأميركية والمنظمات غير الحكومية والشركاء في المساهمة في إعادة إعمار سوريا، وتعزيز دور أميركا في تشكيل تعافي البلاد والمنطقة”.
وأعلن مكتب الصناعة والأمن في وزارة التجارة الأميركية، في الـ 28 من آب الجاري، عن قاعدة تنظيمية جديدة تخفف متطلبات الترخيص الخاصة بالصادرات المدنية إلى سوريا، بما يتضمن إعفاءات تسمح بتخفيف القيود المفروضة على صادرات السلع والبرمجيات والتقنيات الأميركية ذات الاستخدامات المدنية البحتة إلى سوريا من دون الحاجة إلى ترخيص مسبق.
بدروه، أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك أن الاستقرار في سوريا يتطلب تمكين الاقتصاد فيها.
وفي تغريدة له عبر منصة X، قال باراك: “يستمر قرار الرئيس الأميركي الجريء بشأن تخفيف العقوبات عن سوريا، مع تخفيف وزارة التجارة لضوابط التصدير، ما يسمح بالموافقة على تراخيص أساسية للاتصالات والبنية التحتية والطاقة والطيران وغيرها.. الاستقرار في سوريا يتطلب تمكين الاقتصاد من العمل”.
وكان مكتب الصناعة والأمن في وزارة التجارة الأميركية، أعلن قبل يومين، عن قاعدة تنظيمية جديدة تخفف متطلبات الترخيص الخاصة بالصادرات المدنية إلى سوريا، وذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان وزارة الخزانة الأميركية إزالة لوائح العقوبات المفروضة على سوريا من مدونة القوانين الفيدرالية.