الثورة – رفاه الدروبي:
يحتلُّ الجصُّ مكانةً بالغة الأهمية في آثار دمشق بالقرن الثاني عشر من بين مختلف أنواع الزخارف، وتتيح المجموعات المحفوظة معلومات شاملةً لها.
ضمن هذا الإطار أشار الباحث والأكاديمي السوري في تاريخ العمارة والتراث الثقافي العمراني والأثريّ الدكتور عبد الرزاق معاذ إلى أنَّ الزخارف الجصِّيَّة في القرن الثاني عشر الميلادي، لا تقتصر على الآثار الدينية، إذ لا توجد نماذج باقية من الجص من المباني المدنية العائدة إلى القرن نفسه، وناقش البرنامج الزخرفي الخطوط العريضة لتوزيع الجص في المباني العائدة لذات القرن، ويمكن تزيين عناصر معمارية مختلفة به مثل: المنافذ، وسطح القباب، والجدران الداخلية، والأقواس، والمحاريب، والنوافذ، وغيرها.
ولفت إلى محاولة التعرُّف إلى السمات الأساسية والجوهرية والاتجاهات الرئيسة للزخرفة النموذجية في دمشق في القرن ذاته، مذكِّراً أنه ليس هناك دراسة متخصصة حول الزخرفة الإسلامية في سوريا، كما أن الأعمال التفصيلية في هذا المجال قليلة، حتى في العالم الإسلامي بأكمله، ولكن من ناحية أخرى لدينا دراسات مهمة حول آثار دمشق وعمارتها، بدءاً من القرن 12 إلى منتصف القرن 13، أي خلال فترة حكم السلاجقة، والأتابكة، والزنكيين، والأيوبيين. وأشار إلى اقتراح المستشرق الفرنسي المهتم بالتاريخ الإسلاميّ جان سوفاجيه إلى إطلاق اسم عام للآثار نفسها، ربَّما لا يكون دقيقاً بما فيه الكفاية، ولكنَّه بسيط، إنَّه اسم الآثار الأيوبيَّة، حيث تعاون جان سوفاجيه مع المعماري الفرنسي ميشيل إيكوشار على إعداد دراسات شملت المخططات، والبناء، والزخارف تتعلق بـ 16 أثراً أيوبياً، وشكَّلت الأعمال نفسها أساساً مهماً لديه. خاتماً حديثه عن اكتساب الفترة المحددة أهميَّة خاصة في تاريخ الفن السوري الإسلامي، ويرجع الاهتمام نفسه وفقاً لجان سوفاجيه إلى التناغم والرصانة والمنطق والوضوح، باعتبارها مجموعة من الصفات تبدو اليوم سمةً مميزةً للعصور “الكلاسيكية”، إذ اتسمت الفترة نفسها بتأثير الجزء الشرقي من العالم الإسلامي، وكان لأمراء دمشق علاقات وثيقة مع بلاطي الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي في المنطقة الشرقية نفسها، وسعى المهندسون المعماريون والحرفيون في دمشق إلى مصادر إلهامهم لاستيعاب أساليب البناء بالطوب.