الثورة – ابتسام هيفا:
السليقة أو سليقة الحنطة، إحدى أهم الأكلات المتوارثة عبر السنين، وصولاً إلى يومنا هذا من قبل معظم العائلات في ريف الساحل السوري، تبدأ طقوس “السليقة” بعد الانتهاء من موسم الحصاد، استعداداً لفصل الشتاء.
الباحث في التراث والموروث الشعبي نبيل عجمية صرح لصحيفة الثورة أنه قبل البدء بسلق القمح هناك عملية “التصويل”، أي تنظيف الحبوب من الأتربة، والزيوان، والأوساخ العالقة من البيادر خلال الحصاد، وتبدأ بعدها عملية سلق القمح في قدور كبيرة تدعى “الحلة” باستعمال الحطب، وتغطى الحلة بقماش أبيض، وحين الانتهاء من السلق يُنشر القمح المسلوق على أسطح المنازل لمدة ثلاثة أيام مع تعريضه للشمس وتقليبه بشكل مستمر لضمان جفافه كلياً.
ومن الأهازيج المتداولة في القرى عندما يغني الحبيب للمحبوبة:
شوفا بتصوّل حبا.. قلبي من جوا حبا،
ويقول عاشق آخر:
شوفا ع البير تصوّل.. عزمتني وقالت حولو يا رب العشرة طول.. أنا وريم الغزلاني.
وبين عجمية أنه بعد الانتهاء من عملية السلق يبدأ استخراج عدة أنواع، منها البرغل الذي يشكل مادة أولية لأغلب الأكلات الشعبية، وكان يتم تحضيره بواسطة طاحونة يدوية مصنوعة من الحجر “الرحية”، هذه الأداة التي تغنى بها كثيرون، ومن الحنطة المسلوقة ما كان يُقشر في الجرن الحجري بواسطة الضرب بالمجنة الخشبية، أو المدقة لصنع الهريسة والبربارة.
وأوضح أنه يرافق طقوس السليقة في القرى جو من البهجة عند الأطفال الذين كانوا يحملون الصحون التي يتم تعبئتها بالسليقة، وتؤكل إما برش الملح عليها مع إضافة القليل من السمن العربي، أو بإضافة القليل من السكر، إلا أنه ومع الأسف هذا الطقس مهدد بالاندثار بسبب تراجع الكثير من الأهالي عن صنع السليقة التي تتطلب مجهوداً كبيراً في صناعتها، على الرغم من أنها تلقى شعبية كبيرة.