الثورة – لميس علي:
بعد مشاهدة خمس عشرة حلقة من العمل المعرّب الأحدث “سلمى”، الذي يعرض حالياً على شاشة (mbc1)، إعداد لبنى مشلح ومي حايك، عن نص العمل التركي “امرأة” إخراج أندر ايمير، أصبحت ملامح خطوطه الأساسية أكثر وضوحاً. فالعمل يخوض بمواضيع اجتماعية أُسرية ذات أبعاد نفسية.. وليشكل محور الطفولة فيه أحد أهم عوامل الجذب والقوة، ولاسيما بحضور الطفلين “جولي، روسيل إبراهيم “و”شادي، أحمد شاويش” اللذين يؤديان دوري ابني بطلة العمل “سلمى”. منذ الحلقات الأولى بدا واضحاً الحضور اللافت للطفلين المرسوم بعناية حافظت، غالباً، على تلقائية الطفولة.. لدرجة سيتمكن بها هذان البطلان “الصغيران” من خطف انتباهنا وإدراج بقية من يقف معهما في المرتبة الثانية من جمالية الأداء.
فلم يشتغل طاقم العمل من إعداد نص وإعداد ممثل وحتى الإخراج على جعل “خط الطفولة” خطاً ثانوياً، إنما كان أساسياً ومن أهم عوامل الجذب وإضفاء إيقاع حياتي يومي مقنع. ومن هنا.. من خلال تكريس محور “الطفولة” الذي سُلط الضوء عليه بكثافة، استطاع العمل الخروج من دائرة اعتيادية الأعمال المعرّبة أو المدبلجة عن التركية في جعل محورها الأساسي “الخيانة والانتقام”.وحتى إن وُجد، بالعمل، فسيكون باتجاه آخر يرتبط بحالة نفسية تمثّلت بغيرة مَرَضية من الأخت غير الشقيقة لسلمى “ميرنا، ستيفاني عطا الله” تجاه “سلمى”. هكذا سينسحب العمل لجهة محاولته تقديم بطولة من نوع آخر عملت على “تلوين” محاوره الاجتماعية، بمجملها، بظلال غاية في البراءة والعفوية. وبالمحصلة نتج لدينا ثنائية أدائية لم تكن ما بين الطفلين مع بعضهما، إنما كانت بينهما وبين الأم “سلمى، مرام علي” التي يُحسب لها خروجها عن نمط “معين” للأدوار، بقيت سنوات تُجاري تقديمها، كسرته بأداء شخصية الأم الأرملة “سلمى” التي تربي طفليها وحيدةً وتواجه كل صعوبات الحياة وتحدياتها بقوة تستمدها غالباً من حضورهما.
وبالتالي.. ثمة إيحاءات إيجابية يشتغل عليها المسلسل لتفعيل أجواء تخرج عن نمطية كانت سائدة عموماً في نوعية الأعمال “المعرّبة والمدبلجة”، من دون خلوّه من محاولة تقديم الصراع الدرامي المعهود ما بين “شر وخير”، لكنه الصراع الذي بقي منحازاً لهالة حضور العائلة ودفئها.
في مسلسل “سلمى” تُسرد الحكاية وفق خطين زمنيين.. الأول يروي الأحداث في تصاعد درامي يجاري لحظته الحالية، فيما الثاني يعود لتصوير الماضي باستخدام تقنية “الفلاش باك”، وهو الخط الزمني الذي يختصّ برواية حكاية سلمى وزوجها “جلال، نيكولا معوّض”، فيسترجع تفاصيل حياتهما معاً.. دون أن يتم إظهار كامل “حكاية الماضي” وكأنما تمّ توظيف هذه التقنية كأسلوب لزيادة غموض السردية المعروضة علينا.. فنحن إلى الآن لا نعلم سرّ غياب “جلال” الميت، كما أُعلن، لكن هل يكون بالفعل ميتاً، إثر حادثة سقوطه في البحر..؟
يتعمّد العمل ترك هذه الفجوة من الحكاية لزيادة جرعة التشويق ولتبدو كخطّ مشدود ما بين الأختين “سلمى، ميرنا” يزيد من اشتعال الصراع فيما بينهما على مهل وبالخفاء كحيلة درامية تستمر فيها لعبة السرد. فهل ينجو المسلسل من صفة “الإطالة والحشو” التي تتصف بها مطوّلات الأعمال المعرّبة..؟.