الثورة – آنا عزيز الخضر:
أسئلة الألق حاضرة عبر أي منجز ثقافي، لكن ماذا لو أخذتك الأسئلة بعيداً عن وجهتك، في عالم من الذهول من جراء مقدرة فنية متكاملة الأركان والعناصر الفنية، ناسجة مشهدها الإنساني وفق شفافية تنسيك أنك أمام مشهد تمثيلي أو صناعة فنية، بل أنت أمام لحظات إنسانية مدهشة في صدقيتها تحديداً، وقد صورت الحرمان الإنساني بكل أبعاده ومعانيه وأشكاله متجلياً عبر الحالة النفسية بانفعالاتها وآلامها، بأحزانها وأوجاعها، ولحظات عذابات مريرة وقاتمة.
هذا ما نقله أبطال العرض المسرحي “ذاكرة اعتقال” إخراج محمد مروان إدلبي، ولعب دور البطولة فيه محمود زكور، إذ جسد بأداء ديناميكي حار برفقة كل من الممثلين محمد ملقي، وفاطمة عبد، وثناء صقر، شهادات حقيقية جمعوها من المعتقلين المحررين لتقديمها للجمهور بجوانب إنسانية، تختصر قصص آلاف السوريين في ذاكرة جماعية تسمى “الاعتقال”، وما تحمله من تفاصيل دامية وممارسات لا إنسانية مارسها النظام البائد.
صحيفة الثورة حاورت بطل العمل محمود زكور، حول العرض وعوالمه وأسلوبه، فقال: بداية تم بناء الفكرة الأساسية على سيناريو روائي، كانت الفكرة في البداية لعمل مسرحي موندراما، ثم بِدءُ تشكيل الشخصيات الثانوية، تم ادخال السجان ومن ثم أطياف الزوجة والأم. السبب الرئيس لملامسة وجع الناس هو أننا لم نكن نمثل أو نبالغ في مشاعرنا، إنما كنا ننقل جزءاً بسيطاً مما كان يفعله النظام البائد في المعتقلات، هناك أمور أفظع بكثير مما رأيتموها لا نستطيع عرضها، طبعاً الفن له دور كبير وتأثير كبير جداً على المتلقي، وخصوصاً المسرح حيث أنه يترك أثراً كبير جداً في ذهن المتلقي، ولا بد من تمكين دور الفن في سوريا الجديدة لتوصيل الرسائل المراد توصيلها الى فئات عديدة من المجتمع.
وحول مسألة احتمالية فرض الفكرة لأسلوبية فنية من دون غيرها ورؤيته الخاصة لسبب نجاح العمل تابع الفنان زكور قائلاً:الفكرة لم تفرض علينا شيئاً أبداً، إنما نقل الحقيقة كما هي من دون تحريف أو زيادة، ربما ما كان قريباً من قلوب الناس هو السنوغرافيا المستخدمة في هذا العمل المسرحي، نوع الموسيقا المستخدم، وبعض المشاهد المثيرة للمشاعر كالرقص مع الزوجة واسترجاع الذكريات مع الأم. أعتقد أن نسبة كبيرة من المجتمع قد لامس هذه المشاعر، فإن لم يكن معتقلاًً فهو أدرك مشاعر الفراق. وختم زكور حديثه: لا أستطيع أن أجزم لكم ما هو سبب نجاح العرض، وأن خصوصية الفكرة بالاتفاق مع السينوغرافيا المستخدمة في العرض شكلا مزيجاً متماسكاً، ووثقا واقعاً راسخاً في عقول السوريين.