الثورة – آنا عزيز الخضر:
السينما منارة المجتمع وهي الوسيلة الثقافية إنها الذاكرة والرسالة والوثيقة، خصوصاً في وقت تشهد فيه سوريا مرحلة انتقالية تاريخية، وتبرز السينما كأحد أهم أدوات إعادة البناء الثقافي والإنساني.
كيف يجب أن تكون وكيف تبلور مسؤوليتها تجاه المجتمع والطفولة..
حول ذلك وحول دورها ورسالتها وتفاصيل أخرى كان اللقاء التالي مع المخرج السوري محمد سمير طحان، عبر مشواره الإبداعي، أصبح صوتاً للمهمشين والطفولة الضائعة، إذ مثل فيلمه “أماني” سوريا في مهرجاني الأردن لأفلام الأطفال و”كازان” السينمائي الدولي. في هذا الحوار، نغوص في رؤيته لمستقبل السينما السورية ودورها في حل قضايا المجتمع..
– كيف ترى دور السينما السورية في المرحلة الحالية، وما الرسالة التي يحملها فيلم “أماني” للمشاهد العالمي؟
= السينما السورية اليوم ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي رسالة إنسانية توثق معاناة شعبنا وتنقل روايته للعالم، وفيلم “أماني” هو نافذة على معاناة الأطفال الذين حرموا من طفولتهم بسبب الحرب، حيث يبحث الطفل “كريم” الذي فُرض عليه التواجد في مكبات القمامة عن طفلة متخيلة تدعى “أماني” كرمز للأمل والأمان المفقود.
المشاركة في مهرجانات مثل “كازان والأردن”، تؤكد أن السينما السورية قادرة على المنافسة دولياً، وتعزيز الحوار الثقافي.
– لماذا تركز على سينما الأطفال والقضايا الإنسانية في أعمالك؟
= لأن الأطفال والنساء هما ضحايا الحرب، ومستقبل أي بلد مرهون بأطفاله. في فيلم “أماني”، أردت تسليط الضوء على عمالة الأطفال وانتهاك حقهم في التعليم والحلم.. ودائماً السينما يمكن أن تكون أداة لتغيير الوعي المجتمعي وحث صناع القرار على حل هذه القضايا.
– ما أبرز التحديات التي تواجه السينما السورية اليوم، وكيف يمكن تجاوزها؟
= إن أهم التحديات الجسيمة هي غياب البيئة التشريعية الداعمة للاستثمار السينمائي، وتداعي البنية التحتية، إن صالات العرض محدودة، والمعدات قديمة، وأيضاً هناك هجرة الكفاءات بسبب الأجور المتدنية، إلى جانب منافسة المنصات الرقمية والسينما المصرية.
الحلول تتطلب إرادة سياسية، عبر إصدار قانون سينمائي جديد يمنع الاحتكار ويشجع الاستثمار الخاص، وتحديث المؤسسة العامة للسينما لتصبح كياناً عصرياً، وبناء صالات عرض جديدة وتأهيل الكوادر الفنية والمعدات التقنية، وإيجاد تمويل سخي للإنتاج.
– كيف ترى فرص السينما السورية في التعاون الدولي بعد رفع العقوبات؟
= إن رفع العقوبات فتح آفاقاً للتعاون مع شركات إنتاج خليجية وعربية وعالمية، الدراما السورية تحظى بمتابعة واسعة في العالم العربي، ويمكن أن تكون قاطرة لمشاريع سينمائية مشتركة.
أيضاً، التنوع الجغرافي السوري “سهول، صحاري، مدن أثرية” يجعل من سوريا “استوديو طبيعياً” يجذب المنتجين الدوليين.
– كيف يمكن للسينما أن تساهم في حل قضايا المجتمع السوري؟ السينما هي مرآة المجتمع، تعكس آلامه وآماله، ومن خلال الأعمال الواقعية، يمكن كشف مكامن الخلل وطرح الحلول، مثلاً، فيلم “أماني” يثير قضية عمالة الأطفال، مما قد يلهم صناع القرار لتطوير برامج حماية الطفولة، وأيضاً، السينما يمكن أن تكون أداة قوة ناعمة تعزز الحوار الثقافي مع الآخر وتظهر عمق الحضارة السورية.
– ما رؤيتك لمشروعك السينمائي المستقبلي؟
= لدي مشروعان سينمائيان أحدهما فيلم روائي طويل تم قبوله في سوق أفلام مهرجان “كازان”، وأهدف من خلاله إلى مواصلة تناول القضايا الإنسانية والاجتماعية، مع تعزيز التعاون الدولي. أيضاً لدي فيلم روائي قصير يحكي عن اللحظات الأخيرة قبل انتصار الثورة والحالة المزرية التي وصل لها الإنسان السوري نتيجة ممارسات الفساد والقمع، وأسعى حالياً لاستثمار الفرص الجديدة بعد رفع العقوبات لجذب استثمارات عربية ودوليّة في السينما السورية.
– كلمة أخيرة توجهها للجمهور وصناع القرار؟
= إلى صناع القرار أقول: إن السينما والمسرح ركيزتان ثقافيتان ترتبطان بتاريخنا وهويتنا، ونحتاج اليوم بشكل ملح إلى تشريعات داعمة، واستثمار في البنية التحتية، وتحرير الإبداع من القيود.
وإلى الجمهور والمستثمرين أقول ادعموا السينما السورية، ففننا هو صوتنا للعالم، ومعاً، يمكننا تحويل السينما إلى صناعة وطنية رابحة تسهم في الاقتصاد وتعكس روح سوريا الجديدة.
محمد سمير طحان.. يمثل نموذجاً للمبدع السوري الذي يصنع من الألم فنّاً، ومن الحرب رسالة أمل، السينما السورية، رغم التحديات، تثبت حضورها في المحافل الدولية، وتحمل راية الثقافة السورية العريقة، وكما يؤكد أن السينما ستظل نافذة مشرعة على مستقبل أفضل لسوريا.