الثورة – نيفين أحمد :
بين غابات ريف اللاذقية المشتعلة لا يواجه رجال الدفاع المدني ألسنة النار وحدها بل يختبرون في كل مهمة ثنائية الخطر لهب يلتهم الأشجار ومخلفات حرب ما زالت تترصد خطواتهم.
وفي إحدى هذه المواجهات الأخيرة تحوّل يوم اعتيادي في مهمة إطفاء إلى لحظة فارقة في حياة اثنين من المتطوعين.
الإطفائي حمود الحمود دفع ثمناً باهظاً حين انفجر لغم أرضي تحت قدميه ليخسر ساقه وهو يحاول إنقاذ ما تبقى من الغابة. بجانبه أصيب زميله عمار عبد القادر بجروح طفيفة لكنها كانت شاهداً آخر على أن المهمة التي حملوها طوعاً ليست مجرد عمل، بل مغامرة يومية مع الموت.
هذه الحادثة تفتح نافذة على واقع لا يُروى كثيراً، أن رجال الدفاع المدني في سوريا يقفون في نقطة تقاطع بين الكوارث الطبيعية وبقايا الحرب.
هم من يواجهون حرائق الغابات المتكررة في الساحل يتنقلون في تضاريس وعرة محملة بالألغام ويتحملون ضغطاً نفسياً وجسدياً يفوق حدود المهنة لكنه جزء من الرسالة التي اختاروها.
ومع ذلك يبقى الإصرار هو اللغة التي يتحدث بها هؤلاء المتطوعون فبين جراح تُثقل الجسد وحرائق تتكرر كل صيف يواصلون السير على خط النار حاملين قناعة واحدة أن حماية الأرواح والممتلكات تستحق أن تُدفع في سبيلها أثمان غالية حتى وإن كانت من صحتهم أو حياتهم.