دمشق – علي إسماعيل:
لابد للجرح أن يندمل ولابد للأزمة أن تنتهي، طالما وجدت الإرادة والعزم على ذلك، لتبدو خارطة الطريق الجديدة لحل الأزمة في محافظة السويداء، التي أعلنتها وزارة الخارجية والمغتربين عقب اجتماع ثلاثي ضم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، مثالاً واضحاً، ونموذجاً عملياً لجدية الحكومة في السير نحو ترميم النسيج الاجتماعي الوطني والحفاظ على وحدة سوريا السياسية والجغرافية والمجتمعية.
كما أنها فتحت آفاقاً للتعاون الإقليمي والدولي لتحقيق هدف سام يتمثل ببناء مستقبل آمن لسوريا وشعبها، حيث تبنت خارطة الطريق مجموعة من المبادئ الأساسية التي تؤكد احترام سيادة الدولة ووحدة أراضيها ومجتمعها واحترام حقوق المواطنين السوريين، إضافة إلى خطوات عملية إجرائية للمبادئ المتفق عليها مع تقديم ضمانات لحماية حقوق مواطني السويداء من كل فئاتهم بما يعزز المساواة والمواطنة والمصالحة الوطنية.
البيان الصادر عن وزارة الخارجية يؤكد أن الحلول لا تقوم على الإقصاء والانقسام، بل على التوافق والاندماج تحت مظلة الدولة ورعايتها.
محافظة السويداء، جزء أصيل من سوريا، ولا يمكن أن تكون خارج نسيجها، وهذه الرؤية تحديداً تؤكد تمسك الحكومة بكل إمكانياتها لتعزيز جهود المصالحة الوطنية، وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، كنقطة انطلاق أسياسية نحو إنهاء الأزمة.
أحد أهم جوانب هذه الخارطة أنها تقوم على الحوار والشراكة الإقليمية والدولية، وفق نهج دبلوماسي متوازن يدعم الجميع ولا يخفي مصالحه المباشرة المرتبطة باستقرار سوريا وأمنها، باعتبارها مفتاح استقرار المنطقة برمتها، لذلك نشاهد الحضور الأردني والأمريكي في إطار دعم هذه المبادرة التي لا تخرج عن السيادة السورية ومصلحة الشعب السوري.
خارطة الطريق تشمل نقاط عدة تثبت النظرة الواقعية والشمولية للأزمة، لذلك أقرت تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمحاسبة كل من ثبت تورطه في الانتهاكات ومن أي طرف كان، إضافة لتأمين إيصال المساعدات الإنسانية وإعادة الخدمات الأساسية، وصولاً إلى نشر قوات شرطية مؤهلة ومدربة تضمن أمن الحركة داخل المحافظة وحماية المدنيين.
هذه الخطوات الإجرائية التي تضمَنتها الخارطة، تعكس الجدية والإرادة العملية لإنهاء الأزمة بشكل متوازن ودبلوماسي، قائم على تفاهمات سياسية بعيداً عن الحلول الأمنية كإطار عملي يوازن بين فرض القانون والحفاظ على وحدة المجتمع.
تضافر الجهود الإقليمية والدولية المتمثل بين سوريا والأردن والولايات المتحدة يقف في وجه المحاولات العديدة الإسرائيلية الساعية لتقسيم سوريا ويسحب الذرائع أمام ممارساتها العدوانية، ويؤكد على احترام كامل للسيادة السورية، ويفتح الباب أمام توسيع الشراكة الإقليمية والدولية، لشركاء جدد بما لا يتعارض مع سيادة الدولة ويتناسب مع هدف زيادة فرص التعاون لإعادة الإعمار والتنمية.
وهنا يبرز الدور المحوري للأردن الشقيق في جهوده باستقرار الأوضاع، خصوصاً في مناطق الجنوب السوري التي تمثل موضوعاً استراتيجياً وحيوياً للجانب الأردني، إضافة إلى العمل نحو اتجاه محدد يقوم على حوار أمني بين سوريا وإسرائيل وتفاهمات مشتركة برعاية دولية، في محاولة لخلق بيئة مستقرة تفضي إلى خفض حدة النزاعات.
سياق عمل خارطة الطريق، يتضمن خطوطاً واضحة محددة لمعالجة خطاب الكراهية ومنع التمييز الطائفي والعراقي، وتعزيز خطاب وطني جامع ينطلق من حقيقة راسخة مفادها أن قوة المجتمع السوري بتنوعه، كخطوة نوعية نحو القضاء على بذور الأزمات والانقسامات التي عانت منها سوريا خلال العقود الماضية.
لذلك فإن تشكيل قوة شرطية محلية متعددة المكونات، وتفعيل المؤسسات المدنية بالتعاون مع المجتمع المحلي، يمثلان خطة عمل متكاملة تعزز من انتماء المواطن وأمانه، وتهيئ بيئة مناسبة لاندماجه بمجتمعه الوطني الأوسع بشكل يضمن الحقوق ويمنع الاستغلال.
إن إرادة الدولة في إنهاء الأزمة في السويداء، والتي عبر عنها الشيباني، تلتقي مع دعم الشركاء الإقليميين والدوليين، ونجاح تطبيق هذه الخارطة سيكون برهاناً إضافياً على قدرة الدولة السورية الجديدة، على تجاوز أزماتها عبر مؤسساتها الوطنية وتفاهماتها الدولية والإقليمية، بما يحقق مصلحة البلاد الشاملة، الأمر الذي يجعل خارطة الطريق لحل الأزمة في محافظة السويداء، هي القاعدة الأساسية للانطلاق نحو إعادة بناء الثقة، واستعادة الأمن والاستقرار.