الثورة – جهاد اصطيف:
تواصل مدينة الشيخ نجار الصناعية في حلب مسيرتها كإحدى أبرز قلاع الإنتاج الوطني في سوريا، إذ شهدت في الآونة الأخيرة حراكاً لافتاً في مجال إعادة الإعمار وتنشيط الاستثمار الصناعي بعد أن طالتها آثار الحرب.
واليوم، ومع إعلان إدارة المدينة الصناعية عن قرب فتح باب التسجيل للاكتتاب على مقاسم صناعية جديدة، تتجه الأنظار مجدداً إلى هذه المدينة التي تعد صرحاً اقتصادياً محورياً في الشمال السوري، ومركزاً حيوياً لآلاف المنشآت الصناعية بمختلف مجالاتها. هذا الإعلان، الذي جاء بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من الاكتتاب، يفتح الباب واسعاً أمام الصناعيين والمستثمرين لتوسيع مشاريعهم أو إطلاق استثمارات جديدة، مستفيدين من حزمة التسهيلات والإجراءات التنظيمية التي تعتمدها إدارة المدينة، وعلى رأسها خدمة “النافذة الواحدة” التي أثبتت فعاليتها في اختصار الوقت والجهد على المستثمرين.

المدينة في سطور
تأسست مدينة الشيخ نجار الصناعية عام 2004 بقرار حكومي، هدف إلى تهيئة بيئة صناعية متكاملة، توفر الأرضية المناسبة لنمو الصناعات الوطنية، وتبلغ مساحتها الإجمالية أكثر من 4400 هكتار، ما يجعلها من أكبر المدن الصناعية في المنطقة. وتضم المدينة حالياً آلاف المقاسم الصناعية الموزعة على قطاعات متنوعة، من الصناعات الغذائية والدوائية إلى الهندسية والنسيجية والكيماوية.
ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتها خلال سنوات الأزمة، إلا أن المدينة عادت تدريجياً لتستعيد نشاطها الاقتصادي بعد جهود حكومية ومبادرات من الصناعيين لإعادة تشغيل منشآتهم، واليوم، أصبحت رمزاً للصمود وإعادة البناء، ومركز جذب للمستثمرين الراغبين في المساهمة بدفع عجلة الإنتاج الوطني.
تجربة ناجحة
بحسب تصريح رئيس دائرة النافذة الواحدة في المدينة الصناعية بشار فتال لـ”الثورة”، فإن المرحلة الأولى من الاكتتاب على المقاسم الصناعية شهدت إقبالاً ملحوظاً، إذ استفاد منها عشرات الصناعيين الذين بادروا إلى التسجيل وتخصيص مساحات لمشاريعهم، إذ اعتمدت الإدارة في هذه المرحلة على مجموعة من الإجراءات التنظيمية المبسطة، من أبرزها تطبيق خدمة “النافذة الواحدة”، التي سمحت بإنجاز معاملات الترخيص والتسجيل في مكان واحد، وتوفير آلية واضحة لتخصيص المقاسم وفق الأولوية والاحتياجات، وتحديد رسوم مناسبة تراعي الظروف الاقتصادية الراهنة.
وأوضح أن هذه الخطوات ساعدت في بناء ثقة متجددة بين الإدارة والمستثمرين، ما شجع عدداً متزايداً من الصناعيين على العودة إلى حلب بعد سنوات النزوح أو التوقف.
معظم الصناعات
وبين أن الإعلان المرتقب عن المرحلة الجديدة من الاكتتاب، يحمل في طياته أبعاداً اقتصادية مهمة، إذ أكد فتال أن التسجيل سيشمل معظم أنواع الصناعات وبمختلف المساحات، ما يعني أن المدينة الصناعية تستعد لاستيعاب استثمارات متنوعة تتراوح بين المشاريع الصغيرة والمتوسطة وصولاً إلى المشاريع الكبرى.
هذا التنوع سيضمن توازناً في البنية الاستثمارية للمدينة، بحيث لا يقتصر النشاط الصناعي على قطاع واحد، بل يتوزع على قطاعات عدة، وهو ما يعزز القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية ويهيئ فرصاً أكبر للتشغيل والتصدير.
صناعيون متفائلون
عدد من الصناعيين عبّروا عن تفاؤلهم بالإعلان الجديد، كون مدينة الشيخ نجار اليوم توفر بيئة جاذبة لكل من يرغب بالاستثمار، وتسهل الإجراءات التي باتت أكثر مرونة، عدا عن البنية التحتية التي تتحسن يوماً بعد يوم.
وأكدوا أنه من المتوقع أن تواصل مدينة الشيخ نجار الصناعية لعب دور محوري في المرحلة المقبلة من إعادة الإعمار الاقتصادي، وخاصة مع توجه الحكومة لتشجيع الإنتاج المحلي وتوسيع قاعدة التصدير.
ويرى خبراء أن المدينة يمكن أن تتحول إلى مركز إقليمي للتصنيع والتجارة، إذا ما استمرت جهود التطوير ودعمت بشبكة لوجستية متكاملة تربطها بالمرافئ والطرق الدولية.
ولفتوا إلى أن الإعلان عن مرحلة جديدة من الاكتتاب على المقاسم الصناعية في مدينة الشيخ نجار بحلب، ليس مجرد خطوة إجرائية، بل هو رسالة واضحة بأن عجلة الإنتاج عادت لتدور بقوة في الشمال السوري، هذه الخطوة تعكس إرادة حقيقية في إعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس أكثر صلابة، مستفيدة من خبرات الصناعيين ودعم الحكومة وتعاون المستثمرين.
ومع استمرار الجهود لتطوير البنية التحتية وتقديم التسهيلات، تبدو مدينة الشيخ نجار الصناعية مقبلة على مرحلة ذهبية، قد تجعلها نموذجاً رائداً للتنمية الصناعية في سوريا والمنطقة.