الثورة – إخلاص علي:
وجهت الرئاسة السورية جميع الوزارات بمراجعة مذكرات التفاهم الموقعة مع الشركات المحلية والدولية، وتقييم مدى جديّتها وتقدمها على أرض الواقع.
الرئاسة وضعت التوجيه في إطار مراجعة وضع المشاريع الاستثمارية التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، وتحقيق أكبر قدر من الفعالية في العقود والتفاهمات، وضمان أن تسهم في دعم عجلة الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة.
البعض يرى في الخطوة نوعاً من إعطاء الجدية للموقّعين ودفعهم للتواجد على الأرض بخطوات تنفيذية، فيما يرى آخرون أن الأمر هروب إلى الأمام من وعود تم تهويلها انطلاقاً من أن مذكرات التفاهم ليست إلزاماً و لا توقيع عقود.
محدودية التنفيذ
تعليقاً على هذا الموضوع، اعتبر الباحث في الشأن الاقتصادي الدكتور عمار يوسف هذا التصرف في الاتجاه الصحيح، إذ شهدنا في الفترة الماضية الكم الكبير من الوعود ومذكرات التفاهم مع هيئات وشركات لا تملك القدرة على تنفيذ ولو جزء ضئيل من تلك الوعود.
وأضاف: من الملاحظ أن هذه المذكرات لا تعدو أن تكون مهرجاناً للوعود المستقبلية التي لا يمكن تحقيقها بأي شكل من الأشكال، وذلك بسبب عدم تأهيل المناخ الاستثماري في سوريا حالياً لاستقطاب تلك المشاريع، إضافة إلى كثرة المبالغة في حجم المشاريع والأرقام المعلنة، مما يستوجب مراجعة دقيقة للتأكد من جدية الشركات وقدرتها الفعلية على التنفيذ.
ووفقاً للدكتور يوسف، فإن موضوع الاستثمار لا يتحقق دون توفر “الأمان الاقتصادي”، والذي يشمل تأمين مصادر الطاقة بأسعار مناسبة تتيح تنافسية المنتجات السورية وتدفق رؤوس الأموال من الداخل والخارج دون قيود، ولاسيما رفع العقوبات المفروضة مثل قانون قيصر.
وأوضح أنه لابد أيضاً من وجود آلية قضائية فعالة وسريعة للفصل في النزاعات، فضلاً عن تقديم التسهيلات الحكومية كالإعفاءات الجمركية والإدارية، وتسهيل الإجراءات، فبدون تحقق هذه العوامل ستظل المشاكل قائمة.
وختم الباحث حديثه بالقول: تعد خطوة مراجعة مذكرات التفاهم وإلغائها عند عدم ترجمتها إلى واقع ملموس خطوة إيجابية تعطي دافعاً للجدية، لكنها ليست كافية وحدها، إذ تحتاج إلى بيئة استثمارية مؤهلة تضمن حضور المستثمرين على الأرض وتنفيذ المشاريع بطريقة واقعية ومستدامة.
أخيراً: نجاح هذه الخطوة يتطلب تكاملاً بين إجراءات سياسية وقانونية، وتحسينات في بيئة الأعمال، واستجابة حقيقية من القطاعين العام والخاص، عندها فقط ستتحول الاستثمارات من وعود على الورق إلى واقع يُعيد بناء سوريا ويعزز التنمية المستدامة.