وقفة احتجاجية تطالب بإسقاط المرسوم 66 .. أصحاب الحقوق: أكبر جريمة نهب عقاري في تاريخ دمشق

الثورة – ثورة زينية:
في مثل هذا اليوم من عام 2012 صدر المرسوم التشريعي رقم 66، الذي وصفته الجهات المعنية أيام النظام البائد آنذاك أنه خطوة لتنظيم مناطق السكن العشوائي في دمشق، لكن بعد ثلاثة عشر عاماً تحول هذا المرسوم في أعين آلاف المتضررين إلى وثيقة تهجير شرعية وأداة نهب عمراني قضت على مجتمعات بأكملها.
وفي ذكراه السنوية الثالثة عشرة، خرج اليوم العشرات من الأهالي وأصحاب الحقوق في وقفة احتجاجية أمام مبنى مديرية المرسوم 66 في منطقة المزة، مطالبين بإسقاطه، ومؤكدين أن ما جرى باسم التنظيم كان في حقيقته تجريفاً قسرياً لأحياء تاريخية، وانتزاعاً منظماً للملكية، وحرماناً جماعياً من الحق في السكن.


الوقفة الاحتجاجية اليوم في دمشق لم تكن مجرد ذكرى، بل إعلان رفض علني وصريح لمشروع يعتبره المتضررون جريمة موصوفة مغطاة بالقانون، بل طالب المتظاهرون بمطالب واضحة تتمثل بإسقاط المرسوم 66 فوراً ووقف المشاريع الاستثمارية المقامة على أراض مصادرة، وإنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات، وتعويض المتضررين تعويضاً عادلاً وفورياً، وضمان الحق في العودة، وليس فقط التملك الورقي.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: “ماروتا سرقت حياتنا”، و”المرسوم 66 أكبر جريمة نهب عقاري في تاريخ دمشق”، وعبارات عديدة أخرى تضمنتها اللافتات المرفوعة أمام مبنى المديرية، كما رددوا هتافات تدين ما وصفوه بـجريمة تشريعية أخفيت خلف واجهة التنمية، مؤكدين أن الحق لا يسقط بالتقادم وأن الذاكرة لا تمحى بالمخططات التنظيمية.

تشريع فوق القانون

“الثورة” تواجدت في موقع الاحتجاج والتقت عدداً من المواطنين المشاركين..
المحامي إبراهيم علي إبراهيم بين أن المرسوم رقم 66 لعام 2012 نص على إنشاء منطقتين تنظيميتين في مدينة دمشق، الأولى في جنوب شرق المزة (ماروتا سيتي)، والثانية جنوب المتحلق الجنوبي (باسيليا سيتي)، بحجة معالجة السكن العشوائي، لكن ما حدث فعلياً كان انتزاعاً جماعياً للملكية العقارية من آلاف السكان، تحت غطاء قانوني مشكوك في دستوريته ومن دون أي ضمانات للعدالة أو التعويض، موضحاً أن المرسوم تجاوز القوانين النافذة ومنح السلطات المحلية صلاحيات استثنائية تشمل الإخلاء القسري والهدم الفوري، والاقتطاع المجاني للأراضي الخاصة ضمن مهلة لا تتجاوز 30 يوماً لتثبيت الحقوق، مهلة لم تكن كافية لأي مواطن، ناهيك عن المهجرين والمعتقلين والمغتربين.
ويضيف المحامي إبراهيم: تقدمنا بعشرات الاعتراضات أغلبها رفض لأسباب شكلية أو أمنية أيام النظام البائد، ولم تكن هناك شفافية في اللجان، ولا آلية إنصاف، ومن لم يمت جراء الأوضاع الأمنية المتردية خلال سنوات الثورة، مات بالقرارات الإدارية، لافتاً الى أن منظمات حقوقية عديدة تؤكد أن المرسوم 66 وتنفيذه يمثلان خرقاً صريحاً لعدة معاهدات دولية، منها المادة 17 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إذ لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي أو غير قانوني في مسكنه أو ملكه.
والمادة 11 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تثبت أنه لكل شخص الحق في السكن اللائق، كما أن مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن النزوح الداخلي تحظر التهجير القسري خارج حالات الضرورة القصوى، إضافة إلى ذلك، فإن سياسة نزع الملكيات من مناطق سكانية واسعة وبيعها لشركات خاصة موالية آنذاك كان شكلاً من أشكال إعادة الهندسة الديموغرافية التي تدخل في نطاق الجرائم ضد الإنسانية إذا تم تنفيذها من دون موافقة المتضررين أو تعويضهم.

هندسة ديموغرافية مغلفة بالتنظيم

المرسوم تنظيمياً آنذاك بدا على الأرض، لكنه تحول فيما بعد لمشروع تفكيك اجتماعي وتجريف ممنهج حسب وصف المهندس ربيع الشامي أحد أصحاب الحقوق في المشروع ، مشيراً إلى ما وصفه بالتهجير، إذ لم تستخدم الجرافات فقط بل أيضا القرارات الإدارية التي تجبر السكان على المغادرة تحت ضغط الزمن وانعدام البدائل، مع تقييم مجحف من قبل لجان مكلفة من محافظة دمشق آنذاك نفذت تقييمات عقارية سطحية غالباً من خارج المنازل أدت إلى تصنيف آلاف الوحدات على أنها غير صالحة، وبالتالي حرم أصحابها من السكن البديل أو الحصص التنظيمية.
فيما كان السطو على الملكية- بحسب تعبير المهندس الشامي أحد أبرز أهداف المشروع إذ وصلت نسبة الاقتطاع المجاني من أراضي المالكين لنحو 80 بالمائة في بعض الحالات، تحت بند مرافق عامة وتنظيم من دون أي تعويض مالي، إضافة لاحتكار الاستثمار، وتم نقل ملكيات شاسعة إلى شركات استثمارية على صلة مباشرة بالنظام البائد، مثل شركة شام القابضة ما أدى إلى احتكار التطوير وغياب الشفافية.

جراح بلا ترميم

رويدة دهمان تقول: لم يخبرونا أن بيتنا سيهدم، وعندما عدت بعد سنوات النزوح وتحرير البلاد من حكم النظام المخلوع وجدت البيت، وقد سوي بالأرض والحي مسيج باسم مشروع باسيليا، إذ لا تعويض ولا بيت ولا ورقة تثبت حقي، أعيش الآن مع أولادي في غرفة واحدة بالإيجار.
محمد الرفاعي من حي كفرسوسة، قال: أملك بيتاً ورثته من والدي، ولم أكن في سوريا حين جاؤوا للتقييم، اعتبروا البيت فارغاً، ولم يتم منحنا أي سهم، فأي تنظيم هذا الذي يسرق ذكرياتنا ويبيعها الى الغير، معتبراً أن المرسوم 66 ليس مجرد مشروع قانوني بل هو نموذج لما يحدث حين تستخدم السلطة التشريعية كأداة للهيمنة، وهو مرآة تعكس كيف يمكن للقانون أن يتحول إلى وسيلة للنهب وللتنمية أن تصبح غطاء للتطهير، مؤكداً أن استعادة الحق لا تتم بالوعود أو الأسهم التنظيمية، بل بإعادة الناس إلى بيوتهم ومحاسبة من حولوا التشريع إلى جرافة تسير فوق ذاكرة المدينة.
فيما أكد غسان الغفير، أنه وفي مثل هذا اليوم من عام 2012، صدر المرسوم رقم 66 الذي وعد بتنظيم العمران في دمشق لكنه في واقع الحال فتح أبواب الألم والتهجير لآلاف العائلات التي فقدت بيوتها وأمانها، 13 عاما مرت والوجع لم ينته والجرح لا يندمل، و يستمر أصحاب الحقوق- وأنا منهم- في رفع صوتهم، مطالبين بالعدالة، بإسقاط هذا المرسوم، وبحقهم في العودة إلى ما سلب منهم، موضحاً أن المرسوم 66 لم يكن مجرد إجراء إداري بل قصة ظلم مستمرة تتداخل فيها السياسة والاقتصاد والقانون ، مؤكدا استمرار المطالبات بتحريك هذه القضية لمنع وصولها لملفات النسيان وتحويلها لأولوية وطنية للعدالة وإعادة الحقوق لأصحابها، مضيفاً: في كل وقفة احتجاج وكل شهادة تروى ينبعث الأمل بأن الحق سيعود، وأن وجع المرسوم 66 لن يبقى مكتوماً.
وأضاف: وكالعادة حاولنا أن نحصل على رد من محافظة دمشق من داخل مديرية المرسوم 66 حول ما يجري لكننا لم نحظ بما أردنا وبقي صوت أصحاب الحقوق عاليا يصدح بمطالبهم في أروقة مديرية المرسوم بالمزة.

من تنظيم إلى تهجير

تجدر الإشارة إلى أن هدف المرسوم المعلن كان تنظيم المناطق العشوائية وتحسين واقع السكن في دمشق خصوصاً منطقتي جنوب شرق المزة وجنوب المتحلق الجنوبي، لكنه عملياً تسبب في إزالة آلاف المنازل وإخلاء سكانها من دون تعويضات عادلة أو بدائل سكنية مناسبة.
ومنح المرسوم السلطات المحلية صلاحيات استثنائية تشمل مصادرة الأراضي بقرارات إدارية وإلغاء الحقوق العقارية، وحتى فرض قيود على بيع الأسهم التنظيمية التي تمنح للسكان السابقين، ما أوقعهم في مأزق قانوني واجتماعي كبير.
في مثل هذا اليوم بعد 13 عاماً لم يعد الصوت خافتاً فالضحايا يتكلمون بحرية والحقيقة تخرج من تحت الركام، بانتظار إنصافهم قريباً.

آخر الأخبار
"تقنيات التعلم الفعال".. تحصيل حياتي أفضل تشريعات الاغتصاب .. صرامة في النص تساهل في التطبيق ثلاثية بيضاء لميلان في الكالتشيو طرح الدوري الممتاز وكأس الجمهورية للبيع.. فمن يشتري؟ دمشق وواشنطن .. نحو بناء علاقات راسخة تحاكي المصالح المشتركة مزارعو الغاب بين قسوة الجفاف ونيران الحرائق  وقفة احتجاجية تطالب بإسقاط المرسوم 66 .. أصحاب الحقوق: أكبر جريمة نهب عقاري في تاريخ دمشق السياسة الخارجية السورية التفاعلية... نقطة على السطر الشيباني.. واختبار جدية التأثير الأميركي على "قسد" صفحة جديدة في مسار العلاقات السورية-الأميركية الزبداني .. تعيد النور إلى فصول مدارسها 30 مدرسة بريف دمشق تتحضر لاستقبال طلابها فتح 200 كم "خطوط نار" في ريف اللاذقية الشمالي تكريم حفظة القرآن في تجمع "جديدة الفضل" و"دروشا" افتتاح محكمتي صلح في "دارة عزة" و"الأتارب" ‏ختام فعاليات ملتقى "وجهتك الأكاديمية" في جامعة الفرات إقالة دبلوماسيين أميركيين معنيين بالشأن السوري بشكل مفاجئ  ‏الصيد الجائر يهدد الثروة السمكية في دير الزور إصلاح أم إعادة تموضع بين "العام" و"الخاص" ؟ إدانات دولية متصاعدة لتوسيع الاحتلال عدوانه على غزة