الثورة – وعد ديب:
في ظل التراجع الحاد والمستمر في قيمة الليرة السورية، يكثر الحديث في الأوساط الاقتصادية والإعلامية عن احتمالات طرح بدائل تعيد الحد الأدنى من الاستقرار النقدي، ولو بشكل مؤقت من بين هذه الطروحات، يبرز تساؤل مثير للجدل؟.
صحيفة الثورة في إطار استكمالها ملف “دولرة الاقتصاد” طرحت سؤالاً مفاده، هل يمكن اعتبار “الدولرة الجزئية” حلاً مؤقتاً لمشكلة تراجع الليرة واستعادة ثقة الناس بها؟. ويرى الخبير المالي والمصرفي عمر الحاج في تصريح لـ”الثورة” أن هذا السؤال يجب أن يُطرح للنقاش لا من باب التوصية أو الترويج، بل كمدخل تحليلي لفهم ديناميكيات الواقع الاقتصادي السوري، ولاسيما في ظل غياب الدولة الكاملة بمفهومها المؤسساتي، وضعف أدوات التدخل النقدي المتاحة حالياً.
مؤشرات أولية
وأضاف: لا يمكن إنكار وجود بعض المؤشرات التي توحي بوجود خطوات نحو نوع من التنظيم الجزئي أو الإدارة الاقتصادية المحدودة في بعض المناطق، إلا أن هذه الخطوات لا تزال غير مكتملة، وتفتقر إلى الإطار القانوني والمؤسساتي الواضح، الأمر الذي يجعل من المبكر وصفها أنها تشكل نموذجاً قائماً بذاته.
ويضيف: “المسألة تحتاج إلى وقت وقرارات رسمية حاسمة، تتيح الاستثمار، وتُطلق عمليات بيع وشراء العقارات، وتشغيل المعامل والمشاريع، مع الاعتراف باستخدام العملات الأجنبية كالـدولار أو اليورو في بعض أنواع الصفقات، وهو ما قد يُسهم جزئياً في تنظيم الحركة الاقتصادية.
“وبحسب، الخبير المصرفي، هناك جملة من المبررات التي قد تدفع بعض الدول ومنها سوريا للتفكير في “حلول جزئية”، منها الحاجة إلى توفير إطار واقعي للتداول بالعملات الأجنبية في ظل انهيار الليرة، وخلق نوع من الاستقرار المحلي المؤقت في بيئات اقتصادية مشلولة، ومحاولة استعادة الثقة لدى المواطن السوري في إمكانية التبادل والاستثمار، وتأمين أدوات عمل بديلة في غياب الحلول المركزية.
عل الرغم من صحة بعض هذه المبررات، يُحذر الحاج من الانجرار وراء الحلول المؤقتة دون تقدير التكاليف الحقيقية لها، ويؤكد أن السلبيات الجوهرية لأي نموذج من “الدولرة الجزئية” لا يمكن تجاهلها.
القرار بيد الدولة..
والمرحلة تتطلب حذراً في ختام تحليله، يوضح، الخبير المالي والمصرفي، أن التوجه نحو نموذج من “الدولرة الجزئية”، إن كان قائماً أو مطروحاً، هو قرار سيادي بالدرجة الأولى، يتطلب دراسة دقيقة ومعمّقة للنتائج.
وبرأيه “قد يبدو النموذج جذاباً من حيث الواقع العملي، لكنه يحمل في طياته مخاطر استراتيجية كبيرة، لذا، من الضروري أن نطرح السؤال أولاً: هل نحن مستعدون فعلياً لتحمّل تبعات هذا النموذج، بكل ما له وما عليه؟”ويمكن القول: إن “الدولرة الجزئية” قد تكون خياراً واقعاً في ظروف معقدة، لكنها ليست بالضرورة حلاً دائماً أو مضمون النتائج.
وبين المبررات والمخاطر، يبقى القرار بيد الدولة، وتبقى الحاجة ملحّة إلى رؤية وطنية شاملة تعيد الثقة بالليرة والاقتصاد معاً، وفقاً للخبير الحاج.