الثورة – جهاد اصطيف:
تشكل العملية التعليمية في منطقة الأتارب بريف حلب الغربي تحدياً كبيراً أمام الكوادر التربوية، وذلك في ظل الظروف التي مرت بها المنطقة خلال السنوات الماضية، وما لحق بالمدارس من دمار وأضرار متفاوتة أثرت سلباً على سير العملية التدريسية، إلا أن الجهود المبذولة من قبل مديرية التربية، والمجمع التربوي والجهات الداعمة أسهمت في إعادة الأمل للطلاب والمعلمين على حد سواء، عبر أعمال الترميم الجارية، والحلول الإسعافية التي تضمن استمرار التعليم، وعدم انقطاع الأجيال الجديدة عن مقاعد الدراسة.
متابعة ميدانية
خلال جولة ميدانية شملت عدداً من مدارس الأتارب، عقد لقاء ضم مسؤول المنطقة فرحان الكويدر، ومدير تربية حلب أنس قاسم، ومدير المجمع التربوي نديم أكر، جرى خلاله استعراض واقع العملية التعليمية، وأعمال الترميم الجارية، والوقوف عند أبرز الاحتياجات والصعوبات التي تواجه الكوادر التعليمية.
وأكد مدير المجمع التربوي أن معظم المدارس في المنطقة قد خضعت لأعمال ترميم خلال العامين الماضيين، فيما تستكمل حالياً أعمال الصيانة، والتأهيل في مدارس أخرى، وأوضح أن بعض القرى والمناطق التي تضررت مدارسها بشكل كامل أو جزئي جرى دعمها بحلول بديلة كإقامة خيام مدرسية مجهزة لتأمين استمرار العملية التدريسية، كما هو الحال في مدرسة ميزناز التي استقبلت تلاميذها هذا العام في خيام مؤقتة ريثما يكتمل ترميم البناء الأساسي.
أعمال الترميم الجارية
وأشار إلى أن أعمال الترميم لا تقتصر على إصلاح الجدران والأسقف المتصدعة، بل تشمل كذلك إعادة تأهيل المرافق الصحية، وصيانة شبكات الكهرباء والمياه، بما يضمن توفير بيئة آمنة وصحية للطلاب والمعلمين، وأضاف أن المدارس في بلدتي أورم الصغرى وكفرتعال تشهد حالياً ورشات عمل مكثفة لإعادة بنائها وفق معايير السلامة، إلى جانب إحداث مدرسة جديدة في بلدة عاجل لتلبية الزيادة في أعداد الطلاب.
أما في بلدة كفرناها، فقد أوشكت أعمال ترميم مدرستين على الانتهاء، وهو ما سيتيح عودة مئات الطلاب إلى صفوفهم النظامية.
تحديات قائمة
ورغم الجهود المبذولة، لاتزال التحديات كبيرة، فالكثافة الطلابية المرتفعة تشكل عبئاً إضافياً على المدارس المرممة، حيث يضطر بعضها لاستيعاب أعداد تفوق طاقتها الاستيعابية، كما أن النقص في الكوادر التعليمية المتخصصة، يشكل عائقاً أمام تحسين جودة التعليم.
من جهة أخرى، لاتزال بعض المناطق المحرومة بحاجة ماسة إلى مدارس جديدة، خاصة بعد عودة قسم من السكان النازحين إلى قراهم، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد الطلاب.
دعم محلي ودولي
إلى جانب الجهود المحلية، تلعب المنظمات الدولية والإغاثية دوراً في دعم قطاع التعليم عبر توفير مستلزمات مدرسية وأثاث وتجهيزات، فضلاً عن المساهمة في تمويل مشاريع الترميم.
وأكد مسؤول المنطقة أن التواصل مع هذه المنظمات يجري بشكل دوري، مشيراً إلى أهمية استمرار الدعم لضمان استدامة العملية التعليمية في الأتارب.
عدد من المعلمين عبروا عن ارتياحهم لافتتاح المدارس، خاصة وأن الطلاب كانوا يتنقلون مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مدرسة، والآن أصبح التعليم متاحاً لهم في بيئتهم المحلية، ما يخفف عنهم وعن أسرهم أعباءً كبيرة.
فيما أكد عدد من الأهالي أن الأهم هو الاستمرار في التعليم، وعدم الانقطاع، حتى لو كانت الظروف صعبة.
آفاق مستقبلية
مع استمرار أعمال الترميم والتوسع في إنشاء مدارس جديدة، تتطلع مديرية التربية والمجمع التربوي إلى تحقيق نقلة نوعية في واقع التعليم في الأتارب، ليس فقط من خلال إعادة بناء الأبنية المهدمة، بل عبر تطوير المناهج، وتدريب الكوادر، وتوظيف الوسائل التكنولوجية الحديثة في التعليم.
وفي ختام جولته، وجه مسؤول المنطقة، شكره لمدير المجمع التربوي على جهوده، ومتابعته المستمرة لتحسين البيئة التعليمية، مؤكداً أن تضافر الجهود يشكل حجر الأساس لبناء جيل جديد قادر على مواجهة التحديات وصنع مستقبل أفضل.