الثورة – رولا عيسى:
تشهد الأسواق السورية في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً متصاعداً في أسعار المواد الغذائية الأساسية، وعلى رأسها البيض والجبنة واللبنة والزعتر، ما جعل وجبة الفطور اليومية عبئاً يثقل كاهل العائلات.
من الاستيراد إلى الندرة
يقول أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة: منذ صدور قرار منع استيراد البيض والفروج، بدأ منحنى الأسعار بالصعود، نتيجة تراجع العرض والسبب خروج مداجن محلية كثيرة عن الخدمة بعدما عجزت عن منافسة المستورد ذي الكلفة الأرخص قبل قرار منع الاستيراد، ومع الوقت تراجع العرض المحلي، وارتفعت التكلفة التي لم تستطع منافسة المستورد من الدول المجاورة.
وبحسب حبزة، يضاف إلى ذلك عامل موسمي لا يقل تأثيراً هو ارتفاع الحرارة في الصيف والبرودة في الشتاء، فالدجاج يقلّ إنتاجه طبيعياً في الشتاء، كما أن المداجن تحتاج إلى مصاريف إضافية للتدفئة، ومع بدء العام الدراسي ازداد الطلب على البيض باعتباره مصدراً أساسياً للبروتين لطلاب المدارس، ما زاد من الفجوة بين العرض والطلب.
ورغم وجود بعض الكميات المهرّبة، فإنها لم تعد بالحجم الكبير الذي كان يوازن السوق سابقاً، لذلك، لا تظهر حتى الآن أي بوادر لانخفاض أسعار البيض، بل يرجّح استمرار ارتفاعها مع قدوم الشتاء.
أسعار لا تهبط
في المقابل، لم يختلف حال منتجات الألبان كثيراً، ويرى الخبير حبزة، أنه كان الأمل معقوداً على وفرة الإنتاج في الربيع والصيف لخفض الأسعار، لكن الواقع خالف التوقعات، فالجبنة واللبنة بقيتا مرتفعتين طوال الموسم، ومع انتهاء فترة الإنتاج وارتفاع كلفة الأعلاف، صارت الأسعار أثقل على الموائد.
وتضاف إلى الكلفة مشكلة أخرى أكثر إيلاماً هي الغش، فمعظم الجولات في الأسواق تكشف عن منتجات أُفرغت من دسمها أو خُلِطت بحليب بودرة رخيص أو حتى ماء بنسب مرتفعة، والنتيجة جبنة بلا نكهة أقرب إلى المطاط، ولبن يفتقد قوامه الطبيعي.
ويشير إلى أنه اليوم، يبلغ سعر كيلو الجبنة الشلل نحو 65 ألف ليرة سورية، فيما يصل كيلو الزعتر إلى 60 ألف ليرة، أي أن فطوراً بسيطاً لأسرة من خمسة أشخاص (جبنة، لبنة، زعتر) يحتاج إلى نحو 90 – 100 ألف ليرة، من دون احتساب الزيت أو الخبز.
بين الدعم والسياحي
وينوه بأن الخبز لم يَسلم من ارتفاع الأسعار، وربما ربطة الخبز المدعوم تباع بـ 4000 ليرة، لكن الخبز السياحي المستخدم في السندويشات بقي مرتفعاً، مع اختلاف النوعية من مخبز إلى آخر حسب الطحين، والمكملات المضافة.
ويتابع: مع زيادة استهلاك السندويشات في المدارس، ازداد الضغط على هذا النوع من الخبز، فارتفعت أسعاره أكثر.
لاشك أنه من البيض إلى الجبنة والزعتر والزيت والخبز، يجد المواطن السوري نفسه محاصَراً بغلاء لا يهدأ، والمشكلة لا تقتصر على العرض والطلب فقط، بل تشمل ارتفاع كلف الإنتاج، والعوامل الموسمية، والغش، وضعف الرقابة.. والحل المنشود يتطلب قبل أي شيء دراسة دقيقة لحجم الاستهلاك المحلي مقابل المعروض، ووضع سياسات متوازنة للاستيراد والإنتاج، إلى جانب تشديد الرقابة لحماية المستهلك من الغش والاحتكار.