“الاحتيال الإلكتروني”.. أشكال متعددة والقانون السوري بالمرصاد

الثورة – منال السماك:

يعد الاحتيال من أقدم صور الجرائم التي تقع على الأموال، إلا أن التطور التكنولوجي الهائل، وانتشار استخدام شبكات الإنترنت اليوم، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات البيع والخدمات الإلكترونية، كل هذا أفرز أنماطاً جديدة من الممارسات الاحتيالية، لم تكن مألوفة في القوانين التقليدية، فتصدى المشرع السوري بقوانين تعاقب على أفعال الاحتيال الجرمية، التي تقوم باستخدام الانترنت، ومنها جريمة الاحتيال الإلكتروني.

ليسوا مغفلين، ولكن المحتال بارع في العزف على أوتار حاجات الناس الملحة، ومن ثم تحديد الهدف واستدراج الضحية وخداعها، وهذا ما قد يحصل مع الكثيرين رغم الحذر والحيطة، ففرصة عمل “لقطة”، وراتب خيالي، وظروف عمل مريحة، لجهة لامعة وجاذبة كافية لتهافت الشباب للتفاعل مع إعلان التوظيف الذي ينشر على الفيس بوك، ففرصة الأحلام باستخدام شعار الجهة المعنية، تجعل الكثيرين يسارعوا لتقديم طلب توظيف وإرسال بيانات شخصية، ودفع رسوم خاصة بالتقديم قد تكون مبالغَ كبيرة، ولكنها مجرد عملية احتيال، وقصص الاحتيال لا تنتهي وخاصة إعلانات وهمية لتقديم معونات، أو حجز جواز سفر، أو الحصول على فيزا، أو انتحال شخصية، أو تمثيل جهة عامة، وغيرها كثير من أشكال الاحتيال.

ما المقصود بالاحتيال الإلكتروني، وبماذا يختلف عن الاحتيال التقليدي بالنسبة للعقوبة، ومجموعة أسئلة توجهنا بها للأستاذ المحامي نشأت الحج، وقد استهل حديثه بواقعة احتيال مورست عليه فقال: لقد تعرضت لمحاولة احتيال إلكتروني عندما خاطبني شخص عبر الماسنجر مدعياً أنه نقيب المحامين في سوريا، الأستاذ محمد علي الطويل وطلب مني تحويل مبالغ مالية من العملة الرقمية، واتضح لي بعد التواصل مع الأستاذ النقيب أنه هناك حسابات مزيفة تستعمل اسمه لممارسة الاحتيال، ثم تابع حديثه للإجابة بالقول: لقد عرف المشرع السوري الاحتيال المعلوماتي أنه “الاستيلاء على مال الغير بالخداع بإحدى وسائل تقانة المعلومات وعبر الشبكة، وهذا يعني أن يقوم الفاعل بعملية احتيالية باستخدام وسائل تقانة المعلومات، ويخدع المستخدم ليوقعه في خطأ ويسلمه ماله”، والأمثلة على هذا الجرم كثيرة، منها عملية بيع بضاعة غير متوافقة مع الإعلان المعلن في الفيس بوك أو مثلاً إعلان إلكتروني من تقديم خدمة معينة، مثل إصدار جواز سفر، أو تأمين فرصة سفر، وبعد تحويل رسوم الخدمة يتفاجأ المستخدم أن الخدمة غير حقيقية، وأنه وقع ضحية احتيال.

احتيال عبر وسائل التواصل الاجتماعي

ما الذي يميز الاحتيال الإلكتروني أو المعلوماتي عن الاحتيال التقليدي، وهل تتماثل العقوبة في كلتا الحالتين؟

يجيب المحامي الحج بالقول: في الواقع يختلف الاحتيال الإلكتروني عن التقليدي بأمرين، فالاحتيال الإلكتروني يتم عبر الشبكة أو باستخدام وسائل التقانة والمعلومات، ومن الممكن المال موضوع الاحتيال هو برمجيات أو معلومات إلكترونية، أما الاحتيال التقليدي فيتم من دون استخدام الإنترنت، وأيضاً لا يكون المال المستولى عليه له علاقة ببرامج أو معلومات الإلكترونية أو معلوماتية.

أما عن العقوبة فالاحتيال المعلوماتي بسبب سهولة القيام به وشيوع ارتكابه، فقد نظر المشرع إليه بوصفه جنائي الوصف عقوبته السجن المؤقت من ثلاث إلى خمس سنوات، وغرامة من ثلاثة ملايين ليرة سورية إلى خمسة ملايين، وتشدد العقوبة إلى السجن المؤقت من خمس سنوات إلى سبع سنوات، وغرامة من خمسة ملايين إلى سبعة ملايين، إذا وقع الاحتيال على جهة عامة أو مصرف، وليس كالاحتيال التقليدي الجنحوي الوصف، وعقوبة الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات، والغرامة من 100 ألف ليرة سورية إلى 500 ألف، وتضاعف العقوبة إذا ارتكب الجرم بحجة تأمين وظيفة أو عمل في إدارة عامة، أو بفعل شخص يلتمس من العامة مثلاً مالاً لإصدار أسهم أو سندات أو غيرها من الوثائق لشركة أو مشروع ما.

ما إجراءات التقاضي بجريمة الاحتيال الإلكتروني؟

بين المحامي الحج أنه يتم التقاضي عبر تقديم شكوى للنيابة العامة المختصة بالجرائم المعلوماتية، مع إبراز الثبوتيات والأدلة، وتقوم النيابة العامة بتحويل الشكوى للمباحث الجنائية المختصة، والتي تجري التحقيق وجمع الأدلة الرقمية وتوثيقها، والتعاون مع مؤسسات ودوائر الاتصال والتقانة للوصول للفاعل، ومن ثم إحالة القضية إلى المحكمة المختصة للنظر فيها، وفقا لقانون الجرائم المعلوماتية رقم 20 لعام 2022، وقانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية، وتتضمن هذه الإجراءات التحقيق والاستجواب وسماع الشهود وأقوال المتهمين، وجمع الأدلة المادية والرقمية وتحويل المتهمين إلى العدالة، وصولاً إلى إصدار الحكم النهائي بتطبيق العقوبات المنصوص عليها قانوناً.

ما الإثباتات التي يجب على المجني عليه تقديمها لإثبات الجريمة؟

وهنا يشير المحامي الحج إلى أنه يحق للمتضرر إثبات ذلك عبر إبراز الرسائل الإلكترونية، أو المنشور أو إيصالات تحويل، أو أي دليل إلكتروني مرتبط بالواقعة التي حدثت، ويجب أن يحتفظ بها سليمة من دون أي تلاعب، ويقدمها للنيابة ليتم ذكرها في الضبط والتحقق منها.

الحذر والوعي

وقدم المحامي الحج بعض النصائح لتجنب الوقوع ضحية الاحتيال الإلكتروني، فقال: من الضروري جداً الحذر في التعامل ضمن مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعدم قبول طلبات صداقة أشخاص مجهولين بالنسبة لنا، وعدم الدخول إلى روابط وهمية، وعدم نشر معلومات أو نشاطات خاصة، ومن المهم نشر الثقافة القانونية، والتوعية حول الاستخدام الحذر لوسائل التواصل الاجتماعي، وتبيان حقوق الضحايا والتعاون بين المؤسسات في نشر حملات توعية تسهم في رفع الوعي الأمني الرقمي، ومن يقع ضحية احتيال تجنب الحلول الفردية، وأن يعتبر التبليغ الفوري أفضل طريقة لحفظ حقه، كما أنصح كل من تسول له نفسه بارتكاب هذا الجرم بأنه لن يفلت من العقوبة، فالجرم الإلكتروني يمكن تتبعه ولو بعد سنوات.

آخر الأخبار
"ساهم فيها ".. إزالة الأنقاض في تل رفعت شمال حلب جهود مكثفة في ريف اللاذقية لاحتواء الحرائق "نساء من أجل السلام".. تعزيز التماسك المجتمعي "صناعة حلب" تجهّز لمعرض خان الحرير للألبسة الرجالية من حقيبتي إلى حلمي.. عامٌ جديدٌ يبدأ المضاد للبكتريا والفطريات.. اختراع جديد باستخدام نبات "اليوكاليبتوس" انطلاقة مؤجلة لقسم الجيولوجيا في جامعة طرطوس الصناعات الهندسية في حلب بين التحديات والطموحات قمة "كونكورديا" منصة للرئيس الشرع لعرض رؤية سوريا للسلام والعلاقات الدولية هل تنهي المؤسسة العامة لبنوك الدم معاناة المرضى في تأمين الوحدات؟ العام الدراسي.. استئناف رحلة الأمل وفاءٌ يزرع الأمل في إدلب خروج مجموعات توليد عن الخدمة يقطع الكهرباء عن القنيطرة مع غياب الأرقام الدقيقة.. البطالة سيف ذو حدين العزوف عن العلاج النفسي.. وصمة اجتماعية أم جهل؟ مشاركة سوريا بذكراه الثلاثين.. "مؤتمر بكين 1995" علامة فارقة في مسيرة حقوق المرأة اليوم الأول في المدرسة.. بداية صغيرة تصنع فرقاً كبيراً ""الفيبروميالجيا"".. لا أسباب واضحة للإصابة "الاحتيال الإلكتروني".. أشكال متعددة والقانون السوري بالمرصاد قبلة الرئيس الشرع لمغترب سوري في نيويورك.. مشهد إنساني يوحّد الداخل والمهجر