حديث الشرع لـ cbs.. رسائل متعددة.. والواقعية السياسية ليست براغماتية

الثورة – علي إسماعيل:
صناعة خطاب سوري سياسي جديد ينطلق من الواقع، ويبتعد عن الأوهام هو عين الصواب، وأقصر طريق للوصول إلى تحقيق الأهداف الوطنية في الأمن والاستقرار والبناء.


حديث السيد الرئيس أحمد الشرع لقناة “CBS” الأمريكية يشكل في محاوره نقاط ارتكاز في الخطاب السياسي السوري الجديد للداخل والخارج، ويتميز برسائل واضحة ترسم الحدود الدقيقة بين بـ”الواقعية السياسية” السورية، في مقابل التوصيف الغربي له بـ”البراغماتية”.
الرئيس الشرع في حديثه للقناة الأمريكية أضاء على العديد من النقاط، والإشكالات مقدماً الحلول لها، فالعالم كله يعلم أن سوريا منذ عام ٢٠١١، تعرّضت لأشد أشكال العقوبات والحصار، بغض النظر عن الأسباب التي زالت، لكن الرئيس الشرع، وصف خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا بأنها “شجاعة وسريعة وتاريخية”، ليقول من خلال هذا الوصف أن الوقت قد حان لرفع العقوبات، فالمسألة ليست مكسباً دبلوماسياً لطرف على حساب آخر، والأمر ليس منّة، بل استحقاق إنساني وسياسي لصالح الشعب السوري يفرض نفسه على كل من يتعامل مع قضايا المنطقة.
لذلك أكثر النقاط قوة في الحديث جاءت في تحذيره الواضح للدول التي تعرقل رفع العقوبات عندما أشار أن “لا تقتلوا الشعب السوري مرتين”، فالمرة الأولى وقعت حين فُرض الحصار، وتُرك السوريون لمصيرهم في مواجهة آلة الحرب والدمار، أما الثانية، فهي جريمة ستكون أصعب عندما يصرّ العالم على منع إعادة الإعمار، أو استمرار العقوبات بذرائع غير واقعية،  لأن التمسك بالعقوبات يعني التورط مجدداً في مأساة إنسانية مستمرة، ويجعل هذه الدول شريكة في معاناة الشعب السوري.
اللافت في حديث الرئيس الشرع هو رفضه التوصيف الغربي له بـ” البراغماتي”، ففي السياق العربي، البراغماتية تحمل أحياناً معنى الانتهازية أو التكيف المصلحي، أما ما يطرحه الرئيس الشرع فهو أوسع، وأعمق، ويدخل في إطار الواقعية السياسية التي لا تعني الإحجام أو الانكفاء، بل الإقدام على اتخاذ القرارات الصعبة لمواجهة الواقع كما هو، لا كما نتمنى أن يكون، حيث لا يمكن تجاهل الواقع، وإلا دخلنا في مفهوم التخلي عن المواجهة، وعدم التصدي والقيام بالواجب الأخلاقي والسياسي على حد سواء.
وفي هذا الإطار، شدّد الرئيس الشرع على أن ما قامت به سوريا كان تنفيذاً لمهام كان من المفترض أن يتحمّلها المجتمع الدولي من مواجهة داعش، إلى طرد الميليشيات الأجنبية، وصولاً لدعم المهجرين واللاجئين، ومقاومة استخدام الأسلحة الكيميائية.
ومع ذلك، بقيت الإرادة السورية في موقع المتّهم، بينما العالم عاجز عن فك حصار بلدة واحدة كان أهلها يموتون جوعاً، أو عن تحرير أسير واحد من سجون النظام السابق، وهذا السياق في حديث الرئيس الشرع لا يُظهر فقط حجم التناقض الدولي، بل يسلّط الضوء على مأساة أكبر تمثلت بصمت العالم أمام جرائم موثقة، في الوقت الذي يُطلب فيه من القيادة السورية الآن تبرير أفعالها الدفاعية، وهنا يطرح الشرع سؤالاً جوهرياً مفاده.. لماذا صمتّم؟ لماذا صمتّم والسوريون يُقصفون وهم محاصرون… ؟!
احتوى الحديث العديد من الرسائل السياسية متعددة المستويات خاصة إلى الولايات المتحدة، وأولها الدعوة إلى الانخراط في حوار مباشر حول المصالح المشتركة، بدل الاشتباك السياسي والعقوبات والمقاطعة.
ورسالة أخرى إلى المجتمع الدولي، فيها العتب الكبير لعجزه التاريخي عن حماية الشعب السوري أو فرض التزامات إنسانية أساسية، والثالثة إلى الداخل السوري، كرسالة طمأنة بأن سوريا في طريقها لإصلاح ما أفسدته السياسات والمواقف السابقة، والعودة إلى المكانة الحقيقية الطبيعية لسوريا في العالم والشروع في البناء والتنمية الشاملة.
إن قراءة حديث الرئيس الشرع من زاوية “الواقعية السياسية” لا تعني بأي شكل من الأشكال التنازل أو التفريط، بل تعني القدرة على تحويل المحن إلى منح، وخلق الفرص، والانطلاق من الواقع لصياغة المستقبل، فالواقعية أداة عمل واستراتيجية ذكية.
بذلك يثبت الرئيس الشرع أن السياسة ليست مصالح فقط، وإنما بأحد جوانبها هي مسؤولية تاريخية وأخلاقية، ورؤيته التي طرحها في مقابلته مع CBS تكمن في سؤال محرج للمجتمع الدولي لكنه واقعي وأخلاقي، وهو كيف يمكن للعالم أن يقول بالدفاع عن حقوق الإنسان بينما يمارس أقسى أشكال العقوبات الجماعية؟ وأي مصداقية تبقى له وهو يتحدث عن القيم الإنسانية؟.
نقاط جوهرية ضمن حديث واع، جريء، في توقيت حساس يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فإمّا أن تختاروا مسار الخير والحياة، أو أن تتحمّلوا وزر قتل السوريين مرتين.

آخر الأخبار
من المنفى إلى الداخل.. كيف تثمّن القيادة السورية دور المغتربين؟   العالم يعود إلى سوريا.. الدور والمكانة والتاريخ إعادة بناء الثقة مع جالياتنا ودورها في مستقبل سوريا المهجرُ لم يعد حاجزاً.. "سوريا في القلب" مؤشر مهم لتحسين العلاقات.. زيارة الرئيس الشرع إلى أميركا تثلج صدور الجالية حديث الشرع لـ cbs.. رسائل متعددة.. والواقعية السياسية ليست براغماتية من واشنطن إلى دمشق.. التمهيد لانفراج اقتصادي تطوير برامج التمكين الاقتصادي للمرأة العاملة بحلب التحول الرقمي في "الصحة والإنتاج الحيواني".. الرئيس الشرع في أميركا.. فرص استثمارية تتقدم ومناخ اقتصادي يتغير زيارة الشرع إلى واشنطن.. انفتاح عملي على العقول السورية بالمهجر "ساهم فيها ".. إزالة الأنقاض في تل رفعت شمال حلب جهود مكثفة في ريف اللاذقية لاحتواء الحرائق "نساء من أجل السلام".. تعزيز التماسك المجتمعي "صناعة حلب" تجهّز لمعرض خان الحرير للألبسة الرجالية من حقيبتي إلى حلمي.. عامٌ جديدٌ يبدأ المضاد للبكتريا والفطريات.. اختراع جديد باستخدام نبات "اليوكاليبتوس" انطلاقة مؤجلة لقسم الجيولوجيا في جامعة طرطوس الصناعات الهندسية في حلب بين التحديات والطموحات قمة "كونكورديا" منصة للرئيس الشرع لعرض رؤية سوريا للسلام والعلاقات الدولية