الثورة – ناديا سعود:
في زمنٍ عصيب عاش فيه السوريون واحدة من أقسى الفترات في تاريخهم الحديث، لم تكن الهجرة واللجوء مجرد رحلة للبحث عن الأمان، بل تحوّل السوريون في الخارج إلى شريان حياة يربط الوطن بالعالم، ويمنحه صوتاً ووجوداً وحضوراً في الساحة الدولية.. من هنا برزت الجاليات السورية كقوة ناعمة مؤثرة سياسياً واقتصادياً وإنسانياً، قادرة على صناعة الفارق في مسار القضية السورية.
الباحث الاقتصادي عبد العظيم المغربل أكد في حديثه لـ”الثورة” أن الجاليات السورية لعبت دوراً محورياً في نقل معاناة الشعب السوري إلى الرأي العام العالمي، من خلال نشاطها الإعلامي والحقوقي الذي كشف الانتهاكات الإنسانية، ما ساهم في زيادة الضغوط الدولية لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه نظام الأسد الساقط.
وعبر منظمات المجتمع المدني المنتشرة في أوروبا وأميركا، استطاع السوريون في المهجر أن يربطوا قضيتهم بخطابات حقوق الإنسان العالمية، ويحوّلوها من شأن محلي إلى قضية دولية.
اقتصاد يتنفس من الخارج
لم يقتصر أثر السوريين في الخارج على الجانب الحقوقي والسياسي، بل شكّلت تحويلاتهم المالية طوق نجاة لملايين العائلات داخل سوريا، ومع انهيار الليرة السورية وارتفاع تكاليف المعيشة، أصبحت هذه التحويلات المصدر الأساسي لتأمين الغذاء والدواء والتعليم.
ويشير المغربل إلى أن هذه الأموال تتجاوز دورها الاستهلاكي قصير الأجل، إذ يمكن أن تكون أداة لتحريك عجلة الاقتصاد عبر استثمارها في مشاريع إنتاجية، تخلق فرص عمل وتحد من البطالة والفقر، في إطار اقتصاد سوق حر أكثر استدامة.
وأضاف: نجاحات السوريين في مجالات التعليم والطب وريادة الأعمال عززت صورة إيجابية عنهم في المجتمعات التي استقروا بها، هذه النجاحات لم تكن مجرد قصص فردية، بل دعمت خطابهم السياسي والحقوقي ومنحتهم وزناً أكبر في دوائر صنع القرار الدولي، مبيناً أنه مع دخول سوريا مرحلة جديدة بعد انتصار الثورة، تزداد الحاجة إلى توحيد الجهود بين الداخل والخارج. فالمبادرات الإغاثية والاقتصادية والتعليمية التي يطلقها السوريون في المهجر تؤكد أن إعادة الإعمار وبناء مستقبل مستدام لا يمكن أن يتحقق إلا بتضافر الطاقات، ورؤية مشتركة تعيد صياغة الوطن على أسس من الوحدة والتضامن.