الثورة – ثورة زينية:
في القاعة لم يكن الحضور ينتظر خطاباً.. بل كان ينتظر شيئاً أبعد من الكلمات، وأثقل من البروتوكول، يقول المحامي المغترب محمد بلال الدالاتي في الولايات المتحدة منذ أكثر من 35 عاماً، نعم كان هناك الطبيب الذي غادر دمشق على عجل، والناشط الذي اكتشف المعنى الحقيقي للمنفى في مطارات الانتظار والمغترب التي علقت علم سوريا في غرفة الجلوس، مضيفاً: كل هؤلاء جلسوا أمام الرئيس أحمد الشرع، ولم يكونوا يرونه فقط، كانوا يرون في حضوره ملامح وطن ممكن، وطن لم يغرق في صفقات السياسة ولا في أوهام القوة ولا في عناوين التخوين.
حضور الوطن بلا بروتوكول
وعبر تطبيق “الماسنجر” أكَّد المحامي الدالاتي لصحيفة الثورة قائلاً: كانوا ينتظرون أن يصلهم الوطن ولو لوهلة في هيئة رجل يعرفونه منذ زمن، ولم يروه منذ زمن أطول، لقد دخل أحمد الشرع لا كـرئيس، بل كرجل اختار أن يكون الجسر لا الجدار والصوت لا الصدى، والوطن لا السلطة، مؤكداً أن ما ميز هذا اللقاء لم يكن فخامته بل بساطته، فلم تكن هناك منصة مرتفعة، ولا حواجز أمنية، ولا خطابات معدة بعناية مسبقة.
ويضيف: كان هناك فقط رجل يعرف أنه ليس أقرب إلى الله من الناس، ولا أذكى من الجرح السوري لكنه يعرف جيداً كيف يصغي، وكيف يشعر الآخرين أنهم يرون أخيراً، منوهاً بأن كان حضوره شهادة حية على أن سوريا لم تنكسر تماماً وأن ما يجمع أبناءها لم يمت، بل ينتظر من يعيده إلى الحياة.
القيادة لا تقاس بالمكاتب
الطبيبة المغتربة راميا الدالاتي، أكدت في حديثها عبر “الماسنجر” أنه حين يكون السوري موزعاً بين القارات، يغدو تواجد رئيس بينه قاسماً مشتركاً أبلغ من كل الحملات الدعائية، مؤكدة أن الزيارة ليست مجرد حركة رمزية بل تشكل موقفاً.. يقول بوضوح: إن القيادة لا تكون خلف المكاتب، بل بين الناس، وإن الشرعية قبل أن توثقها الدساتير، يجب أن يوقعها الشعور الشعبي والإجماع الصامت قبل الصاخب.
وأضافت: إن الرئيس أحمد الشرع في تلك اللحظة التي التقى فيها أبناء من الجالية السورية في الولايات المتحدة، لم يكن رئيساً في زيارة، بل كان تجسيداً لفكرة قديمة وجديدة في آن، أن سوريا ليست أرضاً فقط، بل ذاكرة تحمل، ولغة تنطق، وشعور يستعاد.
المصرفية المغتربة لوسي عابدي، أكّدت أيضاً عبر “الماسنجر” من ولاية أوهايو الأميركية أنها لا تدرك حتى اللحظة حجم الشعور الذي يراودها وهي ترى رئيس بلادها بينهم في المغترب يعترف بنا كمواطنين سوريين لا كمجرد ملفات في مكاتب السفارات، مؤكدة أن رسالة وجود الرئيس الشرع بيننا هنا في المغترب تؤكد أن شرعيته لم تأت من أعلى بل نبتت من شعور الناس بأنه يمثلهم، ويتكلم لغتهم، ويتحرك بينهم من دون أقنعة.
المغترب الأستاذ الجامعي المتقاعد الدكتور رفيق غوثاني بيَّن أن لقاء الرئيس أحمد الشرع مع الجالية السورية في الولايات المتحدة لم يكن مجرد حدث روتيني أو زيارة رسمية، بل كان لحظة استثنائية عكست بوضوح تحولاً نوعياً في نمط التواصل بين القيادة السورية ومغتربيها، ففي قاعة متواضعة بعيداً عن البروتوكولات الأمنية المشددة، والمنصات الرسمية تجسد اللقاء بشكل إنساني عفوي، إذ لم يكن الرئيس مجرد مسؤول يحمل لقباً، بل كان جسراً حياً يربط بين الوطن والغربة.
رسالة صامتة
هذا اللقاء يختلف جذرياً عن اللقاءات السابقة التي كانت غالباً ما تنظم في أجواء رسمية وبعيدة عن العفوية، إذ كانت الخطابات معدة سلفاً، وتحمل رسائل سياسية بحتة – بحسب الدكتور غوثاني – فيما كان الحضور في تلك اللقاءات يعاملون كمستمعين لا أكثر، ويعجزون عن المشاركة الفعلية، أو التعبير الحر عن مشاعرهم، مضيفاً: لكن الرئيس أحمد الشرع أعاد لهذا اللقاء بساطته وصدقه وتذكير المغتربين أن الوطن ليس مجرد عنوان على خارطة أو شعار على جدران السفارات، بل هو ذاكرة مشتركة ومشاعر متجددة تجمع شتات أبنائه في كل بقاع الأرض، مؤكدا في ختام حديثه عبر “الماسنجر” أن لقاء الرئيس الشرع بالجالية السورية حمل رسالة صامتة مفادها أن الشرعية لا تمنح فقط عبر الوثائق والسياسات، بل تولد من نبض الناس وتفاعلهم الحقيقي مع قيادتهم.
يقول المغترب سامر دياب- أحد الحضور في اللقاء مع الرئيس الشرع: حين غادر الرئيس أحمد الشرع القاعة لم يتبعه الحراس، بل تبعه السوريون بأبصارهم كأنهم لا يريدون أن يغيب مجدداً، لا هو ولا الوطن الذي جاء بهم، فهذه ليست قصة لقاء سياسي بل حكاية رمزية تقول: إن سوريا، رغم كل ما مر بها، لاتزال تبحث عن نقطة توازن، وقد تكون تلك النقطة إنساناً يصدقه الناس قبل أن يطلب منهم تصديقه، وحين يجد المغترب رئيساً يشعره أنه لايزال مواطناً تكون تلك لحظة يصعب نسيانها.