حين يشارك الوطن أبناءه المغتربين.. يصبح الانتماء فعلاً لا شعاراً 

الثورة – مريم إبراهيم:

لم يكن لقاء الرئيس أحمد الشرع مع وفد من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية مجرد لقاء عادي عابر، بل حمل في طياته كثيراً من المعاني والرؤى، وعكس رسائل عدة هامة للغاية تؤكد دور الجالية المرتقب في عملية البناء والتنمية، وإعادة الإعمار في مرحلة هامة تتطلب تضافر جميع الجهود والقدرات، والخبرات في الداخل والخارج لبناء وإعمار سوريا الجديدة.

وعلق مختصون وخبراء اقتصاد وتنمية وموارد بشرية أهمية كبيرة على اللقاء، والذي يعكس آثاراً ومعاني كبيرة من مختلف النواحي سياسية، واقتصادية، وتنموية، ومجتمعية، وغير ذلك، فقد أكّد الرئيس الشرع على أهمية دور الجالية السورية في نقل الصورة الحقيقية عن سوريا إلى العالم، فالطريق كان شاقاً ومتعباً ومليئاً بالصعاب والمشكلات، لكن سوريا قادرة على أن تكون من جديد عروس الشرق الأوسط، وما ينقص السوريين هو خطة سليمة ووحدة صف لإعادة بناء البلاد التي حُرموا منها، موضحاً أن سوريا تملك رأس مال كبيراً، وموارد بشرية واسعة تمكّنها من النهوض وإعادة الإعمار، متى ما توفرت الوحدة والخطة الواضحة.

ثقة وأمان

رئيس مجلس النهضة السوري عامر ديب أوضح لصحيفة الثورة، أهمية لقاء الرئيس الشرع بالجالية السورية، والذي يؤكد على علاقات الدولة، وارتباطها بالسوريين المغتربين حول العالم، وهؤلاء كثير منهم تغيب عن بلده لسنوات طويلة لا تقل عن ١٢ عاماً، وهناك مغتربون تغيبوا ٢٥ وحتى 30 عاماً، وهم نوعان، نوع هاجر ليطور حياته، ويطور مستقبل أولاده، ونوع هاجر هرباً من النظام البائد، وسلطته القمعية، وملاحقاته الأمنية الظالمة بحق المواطنين السوريين، واليوم اللقاء يبني جسور التواصل، ويعطي ثقة وأماناً للسوريين، ويؤكّد أن المغتربين لسنوات طويلة بقي لديهم انتماء وولاء للدولة التي نعتز بها.

وبالنسبة للتنمية الاقتصادية وإعادة البناء، لفت ديب إلى أن هذا اللقاء إذا تابعه وفد اقتصادي يمكن أن يضع أساساً للبناء والتعامل التجاري الصحيح، فاليوم التبادل التجاري مع أميركا ضعيف، وفتح التعاملات سيؤدي لانتعاش اقتصادي هام خاصة أنها من القوى الاقتصادية العظمى على مستوى العالم، وترغب الدخول بالسوق السورية، والتعاون والاستثمار في سوريا، ودور المغتربين السوريين مهم من خلال مؤسسات الدولة/ كالهيئة العليا للتنمية الاقتصادية ووزارة الاقتصاد والجهات الاقتصادية الرسمية وغيرها، ويجب ان تعمل على استكمال هذه الزيارة واستثمار اللقاء لبناء علاقات اقتصادية تنعكس على الاقتصاد الكلي بكل إيجابية وعلى المواطن أيضاً، فسياسات أميركا فرضت أعلى نسبة جمارك في سوريا تصل حتى ٤١ بالمئة، وضروري أن يناقش هذا الموضوع، وكذلك هناك عقوبات قيصر التي انهكت الشعب والاقتصاد، وكلها أمور مهمة للنقاش، وللمغتربين دور هام في أميركا سيؤدي لتخفيف الحدة من هذه الأمور تمهيداً لإزالتها وإعادة بناء الاقتصاد والتبادل التجاري مع أميركا.

سفراء للقدرة السورية

المدير الإداري لمجموعة رواد للاستثمار المهندس أنس عليان، بيّن أن اللقاء الذي جمع معالي الرئيس السوري أحمد الشرع بعدد من أبناء جلدتنا في الخارج لم يكن مجرد لقاء بروتوكولي عابر، بل كان رسالةً واضحةً وجريئة، واعترافاً بضرورة وطنية لاغنى عنها، لقد أجمل هذا اللقاء فكرةً يجب أن تكون راسخة في وجداننا جميعاً، وهي أنه لا يمكن لسوريا أن تُبنى من دون سواعد وكفاءات أبنائها كلهم، داخل الجغرافية وخارجها.

كما أن الحديث عن إعادة الإعمار والتنمية هو حديث عن الاقتصاد، عن الاستثمار عن البنى التحتية، لكنه في جوهره حديث عن الإنسان وأينما وجد الإنسان السوري الطموح، المجتهد، الحامل لهويته وانتمائه كرأس مالٍ وجودي، فهناك جزء من وطننا يجب أن يُمتد إليه، يُستمع له، ويُشرَك في صنع المستقبل.

وأضاف المهندس عليان: إن النظر إلى جاليتنا في الخارج على أنهم مجرد مصدر للتحويلات المالية هو قصر نظر فادح إنهم سفراء للقدرة السورية في أرقى الجامعات وأكبر الشركات العالمية، وهم جسورنا المعرفية والتقنية إلى العالم، وهم كذلك من يمتلكون خبرات إدارية حديثة، وعلوماً متطورة، وشبكات اتصال دولية، إذ إن حرمان الوطن من هذا المخزون الاستراتيجي الهائل هو إهدار لفرصة تاريخية يجب ألا نسمح بتضييعها، لذا فإن تضمينهم في مشروع الوطن الجديد ليس خياراً نخوضه، بل هو ضرورة حتمية لنجاح هذا المشروع الضخم.

متسائلاً.. كيف لنا أن نبني بطريقة عصرية من دون استقطاب خبرات مهندسينا في كبرى شركات العالم؟ وكيف لنا أن نطور قطاعنا الصحي من دون الاستفادة من أطبائنا في أرقى المستشفيات الدولية؟ وكيف لنا أن نعيد إطلاق اقتصادنا من دون استثمارات وروئ مستثمرينا الناجحين في دول الاغتراب؟

ويوضح المهندس عليان أنه هنا تكمن الأهمية العميقة لمثل هذا اللقاء، فهو ينتقل من مرحلة الشعارات إلى مرحلة التخطيط العملي، إنه إعلان عن نية حقيقية لبناء جسور الثقة، التي ربما تكون تآكلت بفعل سنين الأزمة، و إنه يقول لأبنائنا في كل مكان: “أنتم لستم غرباء، أنتم شركاء الوطن لا يتذكركم فقط في أوقات الشدة، بل في أوقات البناء أيضاً.

وأكد أن الانتماء ليس كلمة تقال، بل هو مسار متبادل من العطاء والاهتمام، وانتماء المغترب لوطنه يُقاس بمدى استعداده للمساهمة، وانتماء الوطن لمغتربيه يُقاس بمدى إشراكه لهم وتمكينهم من ذلك، كما أن بناء صندوق استثماري خاص بالمغتربين، أو إنشاء منصة لتوظيف كفاءاتهم، أو تبني برامج لاستضافة خبرائهم، هي جميعاً أفعال عملية تثبت هذا الانتماء المتبادل وتجعله قوة دافعة، وليست مجرد عواطف جامدة، ويجب أن ندرك أن قوة سوريا المستقبلية ستكون بقدر ما تتمكن من توحيد طاقات أبنائها في جميع جوانب وقطاعات العمل والبناء.

آخر الأخبار
الشرع يلتقي في نيويرك مجموعة من كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين  زيارة الرئيس الشرع إلى أميركا.. بوابة أمل لاستثمار طاقات الجالية العام الدراسي بدأ.. و52 مدرسة بدرعا مازالت تؤوي عائلات مهجرة  محمد صبرا: حدث نيويورك نقطة فارقة في تاريخ سوريا الحديث إلغاء البلاغ "10" يسهّل عملية الاستثمار ويساهم في تحسين واقع القطاع الصناعي الجيش يفكك أكثر من 5000 لغم في دير الزور   بردى يئنُّ ويحتاج إلى خطةٍ إنقاذ لا تنظيفاً سطحياً! العراق يجدِّد موقفه الداعم للعملية السياسية في سوريا   قمة عالمية تجتمع حول حل الدولتين مع تزايد الدعم للدولة الفلسطينية الرئيس الشرع يصل إلى نيويورك للمشاركة باجتماعات الجمعية العامة حين يشارك الوطن أبناءه المغتربين.. يصبح الانتماء فعلاً لا شعاراً  إصابة ثلاثة رجال إطفاء في جبل التركمان الجالية السورية.. صوت الخارج الذي يرسم ملامح مستقبل الوطن مغتربون سوريون: لقاء الرئيس الشرع حمل بعداً وجدانياً يتجاوز السياسة جراحة التجميل والحروق بدمشق تتلقى دعماً سعودياً " مؤتمر حل الدولتين".. بين الاعتراف الدولي والتعنت الإسرائيلي من المنفى إلى الداخل.. كيف تثمّن القيادة السورية دور المغتربين؟   العالم يعود إلى سوريا.. الدور والمكانة والتاريخ إعادة بناء الثقة مع جالياتنا ودورها في مستقبل سوريا المهجرُ لم يعد حاجزاً.. "سوريا في القلب"