الثورة – نور جوخدار:
شكَّلت زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة مصدر تفاؤل، ومنعطفاً استراتيجياً مهماً في تاريخ سوريا الحديث، ليس فقط لأنها الزيارة الأولى لرئيس سوري إلى الأمم المتحدة منذ نحو ستة عقود، بل لما ينتظر أن يترتب عليها من نتائج من شأنها أن تغيّر وجه سوريا من بلد أنهكته الحروب والعقوبات إلى دولة ذات اقتصاد متماسك جاذب للاستثمارات، له وزنه وحضوره في المحافل الدولية.
وفي حديث خاص لـ “الثورة”، وصف المحامي والسياسي محمد صبرا حدث نيويورك بأنه “يمثل نقطة فارقة في التاريخ” مؤكداً أنها المرة الأولى منذ 58 عاماً تتحدث فيه سوريا من منبر الأمم المتحدة.
وأضاف إنها خطوة التعافي الأولى من مرض البعث المزمن الذي دفعت سوريا ثمنه أكثر من مليون ونصف المليون شهيد منذ عام 1963 وحتى اليوم، إضافة إلى مئات آلاف المعذبين والمنفيين والمعتقلين.
وأشار صبرا إلى أن ما يحدث في نيويورك يجب النظر إليه باعتباره “عودة وطن ونهوض أمة بعيداً عن تمجيد الأشخاص و” همروجات” المدائح.
وأوضح أن وقوف سوريا على منبر الأمم المتحدة يمثل صحوة من غيبوبة المرض البعثي، وخطوة أولى نحو العودة إلى المجتمع الدولي كفاعل إقليمي.
وشدَّد صبرا، على أن هذا المسار يتطلب بناء نظام وطني ديمقراطي يكون السياج الحامي للدورين الإقليمي والدولي لسوريا.
وعن لقاء الرئيس مع الجالية السورية في أميركا، أكَّد السياسي صبرا على أنه لقاء احتفالي بانتصار سوريا على الطغيان والوحشية، ويشير بحد ذاته إلى أن سوريا التي قاتل أبناؤها لاستعادتها، ورفعوا شعار “سورية إلنا وماهي لبيت الأسد” تعود الآن إلى جميع السوريين بغض النظر عن دينهم وعرقهم ولغتهم.
وتابع: إن بوابة نيويورك ستكون نافذة للمستقبل وفرصة للسوريين ليعيدوا تعريف ذاتهم الوطنية باعتبارهم أبناء حضارة قدمت الكثير للبشرية، وقدمت للأمم المتحدة نفسها الكثير.
وبيّن أن سوريا التي كانت من الدول المؤسسة للمنظمة الأممية ووقعت على ميثاقها في مؤتمر سان فرانسيسكو، قادرة اليوم أن تقدم للعالم نموذجاً جديداً في تجاوز العنف وثقافة الكراهية، ونحن كسوريين مطالبون اليوم بإثبات أحقيتنا في نهوض وطننا من رماده كرسالة محبة وتآخٍ بين البشر، عبر التزامنا بالمبادئ السامية للأمم المتحدة وبشرعة حقوق الإنسان، وبصون الكرامة الإنسانية، وهذه الرسالة يعبّر عنها حدث نيويورك بشكل جلي وأساسي.
هذا وقد وصل الرئيس الشرع إلى مدينة نيويورك، للمشاركة باجتماعات الجمعية العامة للأمم، ومن المقرر أن يلقي خطاباً هو الأول لرئيس سوري في هذا المنتدى العالمي منذ عام 1967، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه خطوة تاريخية من شأنها إعادة سوريا إلى الساحة الدولية لتضطلع بدور محوري على صعيد الإقليم والعالم.
وخلال زيارته الحالية إلى الولايات المتحدة، التقى الرئيس الشرع، في نيويورك وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية. وأكد خلال اللقاء على أهمية دور الجالية السورية في نقل الصورة الحقيقية للجمهورية العربية السورية، مُعرباً عن شكره لجهودهم الصادقة في خدمة وطنهم.