مازن شيبان: أعمل على الرصيف.. ومن نوى الزيتون أشكّل هويتي

الثورة – عبير علي:
في عالم يتطور بسرعة، تبقى الفنون التقليدية قادرة على سرد القصص التاريخية والاجتماعية، وهو ما يجسده الحرفي مازن شيبان، الذي يدهش الجمهور بمهاراته في تحويل بذور الزيتون إلى لوحات تعكس عبق الحضارات، بفضل شغفه وإبداعه، يواصل تحدي المعايير الفنية ويقدم لنا عالماً مفعماً بالألوان والتفاصيل من دون أن يتخلّى عن جذوره.

تحدث بحب عن حرفته، مؤكداً أن إبداعه يتطلب الدقة والفن والابتكار لتحويل الرؤية الفنية إلى واقع ملموس، وفي لقاء مع صحيفة الثورة كشف أن العمل في هذا المجال شاق ومتعب، لكن شغف الفن هو الضوء الذي ينير طريقه.

تطرق شيبان إلى سير العمل في لوحاته بالقول: “إعداد المواد هو سر التصميم، لذا أقوم بغسل بذور الزيتون لمدة 15 يوماً وتجفيفها، ولأنها تأخذ شكلاً لولبياً، يتم بردها من خمس جهات حتى تُصبح جاهزة للاستخدام”.

وعن كيفية تجسيد لوحاته، يوضح: “أرسم اللوحة أولاً، ثم أفرغ التصميم وأقوم بصف نوى الزيتون ورصّها بجانب بعضها البعض، ثم ألصقها بالغراء وفقاً للوحة”، ومن بين أعماله المميزة يبرز عمله الفني الذي يحمل عنوان “العيش المشترك”، وهي جدارية دمشقية بأبعاد 260×130 سم، تُعتبر سابقة في عالم الفنون، تمثل الجدارية خمسة حضارات غنية” الدمشقية، الفاطمية، الأيوبية، المغربية والعثمانية”، إذ استخدم نحو 94 ألف حبة زيتون لتجسيدها، واستغرق العمل عليها أكثر من سنة وشهرين.

يفتخر شيبان بعمله، مؤكداً أن هذه اللوحة تمثل الحضارة الدمشقية بكل تفاصيلها، من الجامع والكنيسة إلى بائع الأقمشة والسوق والمقهى، بل وحتى بائع البطيخ وصانع الفخار، ويعبّر عن طموحاته بدخول موسوعة غينس، لكي تُعرف رسالته وتصل إلى آفاق أوسع.
يحمل قضايا وطنه

لا يقتصر عمل شيبان على إظهار الجمال التقليدي في لوحاته ببذور الزيتون، بل يمتد تأثيره إلى قضايا إنسانية ودينية عميقة، ليقدم رسالة فنية عالمية تحمل طابعاً خاصاً من الانتماء والهوية.

فقد أنجز بالإضافة إلى لوحة “العيش المشترك”، عدة مشاريع فنية أخرى متميزة، مثل لوحات مكة والمدينة المنورة من بذور التمر، وابتكر تصميمات ثلاثية الأبعاد، مثل “سور الصين العظيم”، التي اعتبرها من أصعب تحدياته الفنية.

وفي خضم الصراع العربي والإنساني، اختار شيبان أن يتحدث بلغة الفن، مُسلحاً نفسه بألوان بذور الزيتون، فهو يعتقد أن هذه البذور تمثل رمزاً للانتماء العميق والوطنية الأصيلة، وبالأخص تجاه فلسطين.

يقول: “حبي لفلسطين وأهلها، وانتمائي لمعالمها الأثرية والدينية، كان الدافع لإنجاز لوحة قبة الصخرة، أولى القبلتين، استخدمت في صناعتها 15 ألف حبة زيتون”، استغرق ثلاثة أشهر لصناعة هذه اللوحة الفنية التي تعكس رموز المحبة والسلام، ولم ينسَ أن يُدخل فيها بعض أشجار الزيتون، والليمون، والبرتقال، لتكون تلك اللوحة تحفة من الجمال والدلالات.

يطمح شيبان إلى تجسيد المعالم المنسية للمدن الفلسطينية، مثل سور عكا، ويافا، وحيفا، التي تحكي قصص الأجداد وتاريخ الحضارة، ويعبر عن أمله قائلاً: “عيدنا يوم عودة فلسطين، والنصر قريب”، مؤكداً أن أمنيته تتمثل أيضاً في تقديم أهم معالم أثرية أو تاريخية لكل محافظة سورية.

ويضيف بحزن : “أعمل على الرصيف، ولكنني أحلم بمكان يساعدني على تقديم فني للجمهور بشكل أفضل”.

بهذا الفن الجميل، يشكل شيبان جسراً بين الماضي والحاضر، مُثبتاً أنه يمكن للفن أن يكون سلاحاً فاعلاً في مواجهة التحديات. بذور الزيتون التي أراد أن تعكس الهوية والطموح، أصبحت وسيلة لوصول الرسائل الإنسانية، وصورة تُعبر عن أوجاع الشعب وأحلامه.

ما يميز شيبان هو أنه لا يكتفي بإبداع لوحات فقط، بل ينظمها لتكون شهادات حية تعكس الواقع، وقد شارك في العديد من المعارض، منها معرض السياحة ومعرض الحرف التراثية والتقليدية في جامعة دمشق، وكان آخرها معرض دمشق الدولي بدورته 62.

ليؤكد أن حكايته ليست مجرد قصة فنان، بل هي رحلة تنقلنا إلى أعماق التاريخ وتجسد حيوية الثقافة من خلال فن مبتكر، يترك أثراً لا يُنسى في قلب من يشاهده.

آخر الأخبار
اضطراب القلق المعمّم يهدّد التوازن النفسي.. وعلاجه ممكن بشروط اختلال ميزان المجتمع.. هل تلاشت الطبقة المتوسطة ؟ الزيتون.. موسم صعب بين الجفاف وقلة الدعم التلوث البيئي... صمت ينهش رئتي دمشق  رحلتان علميتان لتعزيز مهارات طلاب علوم الأغذية بجامعة حلب غرفة تجارة حلب تبحث مع سفير جنوب إفريقيا تطوير العلاقات الاقتصادية ردود فعل دولية وعربية تندد بزيارة نتنياهو للجنوب السوري شطرنجنا يتألق في بطولة العرب بالكويت سلّة الكرامة وحمص الفداء بنكهة سمراء متابعة مشاريع منظمة "العمل ضدّ الجوع" في "تل الضمان" بحلب غلاء الكهرباء.. بين الضرورة الاقتصادية والضغوط الاجتماعية خمس ذهبيات للجودو في غرب آسيا مستقبل مشرق لكرة القدم النسائية في نادي محافظة حمص تشغيل تجريبي متواصل وخارج ساعات برنامج التقنين بالقنيطرة النفايات الغازيّة حوّلت سماءنا إلى مقبرة لها.. والحلّ في الطاقات المتجددة التربية تعزز حضورها في حلب.. تطوير معاهد الريف وتحسين واقع التعليم "برغل بحمص".. وجبة شعبية وذاكرة مكان بعد زيارة الوزير الشيباني.. قرار رسمي يخص مجلس الأعمال السوري-الصيني لرفع كفاءته... تحديث مستمر لخدمات مستشفى اللاذقية الجامعي في يومهم العالمي.. أطفالنا مستقبل حريّة ثمنها غالٍ