الثورة :
يخوض الرئيس أحمد الشرع منذ وصوله إلى نيويورك حراكاً غير مسبوق على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي، في أول مشاركة رسمية لسوريا بهذا المستوى منذ عقود، ويعكس هذا النشاط رغبة دمشق في ترسيخ موقعها الجديد على الساحة الدولية بعد سنوات من الحرب والعزلة.
استهل الشرع زيارته بلقاء وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، حيث ناقش الطرفان أهمية العلاقات السورية – الإسرائيلية في تعزيز الأمن الإقليمي، إلى جانب جهود مكافحة الإرهاب والبحث عن المفقودين الأميركيين في سوريا.
كما التقى الرئيس كلاً من رئيس جمهورية التشيك بيتر بافيل، ورئيس وزراء النرويج يوناس غار ستوره، إضافة إلى السيناتور جين شاهين والنائب غريغوري ميكس من الكونغرس الأميركي، هذه اللقاءات المتتالية مع شخصيات سياسية غربية بارزة حملت دلالات واضحة على انفتاح متبادل بين دمشق ومراكز القرار الدولية.
إلى جانب المسار السياسي، شارك الشرع في جلسة الطاولة المستديرة التي نظمتها غرفة التجارة الأميركية بحضور ممثلي أكثر من 40 شركة أميركية وعالمية كبرى، بينها غوغل، مايكروسوفت، بيكتل، شيفرون، سيتي بنك، بوينغ، توتال إنرجيز وأوبر. وتم خلال اللقاء عرض فرص الاستثمار المتاحة في سوريا وخطط إعادة الإعمار، في إشارة إلى أن دمشق باتت تطرح نفسها كشريك اقتصادي بعد سنوات من الحرب.
كما حضر الرئيس الشرع جلسة مائدة مستديرة مع كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين ضمن أعمال قمة «كونكورديا» الخامسة عشرة في نيويورك، وأجرى مقابلة مباشرة مع المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بترايوس.
وفي جلسة حوارية نظمها معهد الشرق الأوسط بحضور أكثر من 250 دبلوماسياً وصحفياً وقادة أعمال، قدّم الشرع رؤيته لمرحلة ما بعد الحرب في سوريا، مؤكداً أن زيارته الحالية تمثل «عنوان عودة سوريا إلى المجتمع الدولي» وأن نجاح أي اتفاق مع إسرائيل يمكن أن يمهّد لاتفاقات سلام أخرى في المنطقة.
تأتي هذه التحركات المكثفة تمهيداً لخطاب الرئيس الشرع المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء المقبل، والذي سيعرض فيه ملامح المرحلة المقبلة وخطة سوريا لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
ويُنظر إلى هذه المشاركة على أنها لحظة مفصلية في السياسة الخارجية السورية، إذ تعكس انتقال خطاب دمشق من لغة الحرب إلى لغة الشراكة والانفتاح، وإعادة تقديم نفسها كدولة محورية تسعى للاستقرار والتنمية وجذب الاستثمارات، مع الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها.