الثورة- نور جوخدار:
بعد جهود سورية وإقليمية ودولية حثيثة لإنهاء أزمة السويداء، أعلنت دمشق عن خارطة طريق جديدة بالتزامن مع اجتماع ثلاثي، سوري، أردني، أميركي ناقش الوضع في المحافظة، وفتحت هذه الخطوة الباب أمام تساؤلات واسعة حول دلالات الخطوة وفرص نجاحها ومدى قدرتها على معالجة التعقيدات المتراكمة في ملف السويداء.
في تصريح خاص لصحيفة الثورة، اعتبر الباحث والمحلل السياسي في مركز جسور للدراسات وائل علوان، أن الاجتماع الثلاثي الذي أفضى إلى هذه الخارطة يمثل مبادرة جديدة من الحكومة في إطار مساعيها المتكررة لحل الأزمة ضمن إطار وطني، كما يعكس في الوقت نفسه تجديداً من الفاعلين الإقليميين والدوليين لدعم المسار الحكومي عبر طرق تفاوضية، تراه دمشق كفيلًا بضمان الاستقرار.
وأوضح علوان أن المقصود بالدعم الإقليمي والدولي لا يشمل مشاركة “إسرائيل” التي لا تزال خارج إطار الجهات الخارجية الداعمة للاستقرار في سوريا حتى الآن، بل هي بحسب وصفه لا تزال تستثمر سلباً في أزمة السويداء وغيرها من الملفات، الأمر الذي يتطلب ضغطاً أميركياً أكبر للوصول إلى حيادها على الأقل أو كبح تدخلها السلبي في السويداء.
وبحسب علوان، فإن الأطراف الداعمة لاستقرار سوريا ولمسار الحكومة السورية التفاوضي لحل الأزمة تشمل الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي والأردن وتركيا، في حين تسير دمشق في مسارين متوازيين: أولهما حشد هذا الدعم الإقليمي والدولي لحل الأزمة عبر مفاوضات داخلية وتحت السقف الوطني، وثانيهما التفاوض مع “إسرائيل” نفسها، لوقف تدخلها في تعقيد أزمة السويداء.
وأضاف الباحث علوان: إن الخطوات السبع التي نصت عليها خارطة الطريق، من تقصي الحقائق وتحديد المسؤوليات والمحاسبة وضمان تدفق المساعدات وتسهيل عودة النازحين وإعادة الخدمات ونشر قوات محلية، كفيلة بحل الأزمة إذا توفر ضغط حقيقي يكبح التدخلات الخارجية ويضمن التنفيذ الجاد، إذ تعود السويداء كغيرها من المحافظات إلى موقعها الفاعل والمتفاعل في الخريطة السورية، لافتاً إلى أن الكرة في ملعب القوى المجتمعية في داخل السويداء التي يُنتظر منها ممارسة ضغط مماثل على سلطات الأمر الواقع في المحافظة لإنجاح المبادرة.
وأشار إلى أن الحكومة السورية أبدت بوادر جدية لمعالجة الأزمة، وشكلت لجنة لتقصي الحقائق تتمتع -بحسب قوله- بدرجة كبير جداً من الاستقلالية والحياد رغم أنها مشكلة من الحكومة ذاتها، لكن هذه البوادر اصطدمت بحائط التعنت من قبل المجلس العسكري في السويداء، مؤكداً أن التسوية والتفاوض والتنازل من أجل الوطن ومن أجل الاستقرار ومن أجل إصلاح كل الأخطاء التي ارتكبت من جميع الأطراف هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة وضمان استقرار السلم الأهلي.
وعن مدى نجاح الخارطة وانعكاساتها المتوقعة على ملفات أخرى في الوضع السوري، نوه المحلل بأن انعكاسات الأزمة في السويداء امتدت إلى شمال شرق سوريا، إذ عقدت “قسد” اجتماعاً في الحسكة استضاف الشيخ الهجري والشيخ غزال، ما رفع مستوى التصعيد ورأت فيه الدولة تنصل “قسد” من الاتفاق الموقع معها في العاشر من آذار 2025.
وبرأي علوان، فإن التوصل إلى حلّ عملي لأزمة السويداء سينعكس إيجاباً على الأزمة المستمرة مع “قسد”، وستكون الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص وبشكل عام الفاعلون الإقليميون الدوليون جاهزين للضغط عليها من أجل الوصول لاتفاق فعلي وعملي يهيئ الأرضية ويضمن استقرار سوريا ككل.