الثورة – نيفين أحمد:
تأتي زيارة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى واشنطن لتسجّل محطة دبلوماسية بارزة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من ربع قرن، وتُعيد سوريا إلى واجهة الحوار الدولي بعد سنوات من العزلة التي فرضتها التحولات الإقليمية والعقوبات الغربية.
فالزيارة تحمل أهمية سياسية واستراتيجية بالغة، إذ تفتح الباب أمام مناقشة ملفات حساسة في توقيت تشهد فيه المنطقة دعوات متزايدة لمواصلة دعم سوريا في ترسيخ استقرارها بما يحافظ على سيادتها ووحدة أراضيها..
وبحسب ما نقل موقع أكسيوس فإن برنامج الزيارة يتضمن لقاءات مع مشرعين أميركيين لبحث مستقبل العلاقات الثنائية وفي صلبها ملف العقوبات الاقتصادية التي لا تزال تمثل التحدي الأكبر أمام مسار التعافي الوطني.
رفع العقوبات
رغم تعدد القضايا المطروحة على طاولة البحث، من إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، إلى التعاون في مكافحة الإرهاب والانفتاح الاقتصادي، يبقى ملف العقوبات هو الأشد إلحاحاً لما له من أثر مباشر على حياة المواطنين وقدرة الدولة على النهوض مجدداً.
فالعقوبات التي فُرضت خلال السنوات الماضية طالت القطاعات المصرفية والطاقوية والتجارية وقيّدت حركة الأموال والاستثمارات ما انعكس بوضوح على الأسواق والخدمات الأساسية.
وارتفعت أسعار السلع الغذائية والدوائية، وتعثرت مشاريع التنمية، وازدادت معاناة المواطنين مع تراجع القدرة الشرائية وتعقّد وصول التحويلات المالية من المغتربين.
يُنظر إلى رفع العقوبات أو تخفيفها باعتباره خطوة جوهرية لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، إذ من شأنه أن يعزز استقرار سعر الصرف ويعيد الثقة بالعملة الوطنية، ويخفف التضخم ويضمن توفر السلع الأساسية بأسعار مقبولة، ويفتح الباب أمام عودة الاستثمارات وتدفق رأس المال، إضافة إلى أنه يخلق فرص عمل جديدة ويعيد الحيوية للقطاعين الصناعي والزراعي، ويمكّن الحكومة من توجيه الموارد نحو الخدمات الأساسية كالكهرباء والصحة والمياه.
يشكّل ملف العقوبات حجر الزاوية في أي نقاش دولي حول مستقبل سوريا، لأنه الأكثر التصاقاً بحياة السوريين اليومية ولأنه يفتح الطريق أمام مرحلة الإعمار والتنمية.
دلالات تاريخية
تجدر الإشارة إلى أن هذه الزيارة هي الأولى لوزير خارجية سوري إلى الولايات المتحدة منذ عام 1999 حين زار الوزير الأسبق فاروق الشرع واشنطن من أجل محادثات السلام مع إسرائيل، واليوم وبعد أكثر من 25 عاماً يعود المشهد في سياق مغاير تماماً عنوانه إعادة إدماج سوريا في محيطها الدولي عبر بوابة رفع العقوبات وتحريك مسار التنمية.
وبينما تترقب الأوساط الشعبية والاقتصادية مخرجات هذا الحراك الدبلوماسي، تبقى التطلعات بأن تتحول هذه الخطوات السياسية إلى إجراءات عملية ملموسة على صعيد تحسين الوضع الاقتصادي، بما ينعكس على الخدمات وفرص العمل، وتعزيز الأمل بمرحلة جديدة من التعافي والاستقرار.