الثورة – علا علي محمد:
في عصرنا الحالي، أصبحت ألعاب الفيديو جزءاً من الحياة اليومية للأطفال والمراهقين.. من بين هذه الألعاب، يحتل “بلاي ستيشن” مكانة خاصة، وتعتبر واحدة من أشهر منصات الألعاب الإلكترونية، على الرغم من أن هذه الألعاب توفر ساعات من التسلية والترفيه، إلا أن الاستخدام المفرط لها قد يؤدي إلى إدمان الأطفال عليها، مما يؤثر على صحتهم الجسدية والعقلية ويعطل حياتهم الاجتماعية والتعليمية.
الاختصاصية النفسية والتربوية “تعديل سلوك” مجد ألوسي، كيف ترى هذه الظاهرة، وكيف تتم معالجتها؟
في لقاء لصحيفة الثورة أشارت بداية إلى أن إدمان “بلاي ستيشن” هو حالة من الإفراط في استخدام جهاز “بلاي ستيشن”، إلى درجة أنها تصبح شغفاً يصعب التحكم به، يحدث ذلك عندما يُفضّل الطفل اللعب على هذه الألعاب الإلكترونية على حساب القيام بأنشطة أخرى، مثل الدراسة أو ممارسة الرياضة أو حتى التفاعل مع أفراد العائلة. وبينت أن أسباب إدمان الأطفال تعود إلى التحفيز العقلي المكثف، فألعاب “بلاي ستيشن” تتمتع بتصميمات جذابة، ورسومات عالية الجودة، ومؤثرات صوتية حيوية، مما يجعل الطفل ينغمس فيها لفترات طويلة، كما أن بعض الألعاب تقدم تحديات ومستويات متقدمة تجعل الطفل يشعر بالإنجاز، مما يحفز دماغه على الاستمرار في اللعب. وأوضحت ألوسي أن الأمر الآخر هو الهروب من الواقع، فبعض الأطفال يلجؤون إلى الألعاب الإلكترونية كوسيلة للهروب من مشكلات الحياة اليومية، أو لتفادي التحديات التي يواجهونها في الواقع، مثل مشاعر الوحدة، التوتر، أو الفشل في الدراسة، الألعاب توفر لهم عالماً افتراضياً يشعرون فيه بالسيطرة والتفوق.
أيضاً قلة النشاط البدني، في الوقت الذي يتجه فيه الأطفال إلى الألعاب الإلكترونية، ينخفض مستوى النشاط البدني لديهم. يمكن أن يؤدي قلة النشاط البدني إلى تراجع في اللياقة البدنية وتحفيز رغبتهم في الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات.كما أشارت ألوسي إلى أن تأثير الأصدقاء والمجتمع، في مرحلة الطفولة والمراهقة قوي جداً، إذا كان معظم أصدقاء الطفل يلعبون على “بلاي ستيشن”، فإن الطفل قد يشعر بضغط للمشاركة في هذه الأنشطة حتى يتماشى مع مجتمعه. إضافة لسهولة الوصول والتوفر، فمع توافر “بلاي ستيشن” في المنازل بشكل مستمر، يصبح من السهل على الأطفال التفاعل مع الألعاب في أي وقت، بالإضافة إلى ذلك، تقدم بعض الألعاب خيارات اللعب الجماعي عبر الإنترنت، مما يجعل الطفل يظل مرتبطاً بها لفترات أطول.
المشكلات الصحية الجسدية
وحول المشكلات الصحية، أوضحت الاختصاصية النفسية أن أهمها ظهور علامات زيادة الوزن، نتيجة الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات، والذي قد يؤدي إلى قلة الحركة، ما يعزز من احتمالية السمنة عند الأطفال.
ناهيك عن مشكلات في العينين بسبب التعرض المستمر للشاشة، ما يؤدي إلى إرهاق العينين، وزيادة احتمالية الإصابة بمشكلات في الرؤية، مثل جفاف العين أو الضعف البصري.
آلام الظهر والرقبة: الجلوس لفترات طويلة بدون حركة قد يؤدي إلى آلام مزمنة في الظهر والرقبة نتيجة الوضعية السيئة أثناء اللعب.
أما التأثيرات النفسية فتبدو في قلة التركيزلناحية اللعب المفرط على البلاي ستيشن، الذي قد يتسبب في انخفاض مستوى التركيز لدى الأطفال في المدرسة أو في أنشطة أخرى تتطلب التركيز، وكذلك حالات القلق والاكتئاب، إذ أظهرت الدراسات أن الإفراط في اللعب قد يؤدي إلى زيادة مشاعر القلق والاكتئاب لدى الأطفال، خاصة إذا كانوا يستخدمون الألعاب كوسيلة للهروب من الضغوط النفسية.
فيما يتسبب الإدمان السلوكي على “بلاي ستيشن” في تطور سلوكيات إدمانية، ما يعطل القدرة على التحكم في الوقت المخصص للعب.
ونوهت الاختصاصية التربوية بأن العزلة الاجتماعية قد تؤدي من خلال إدمان اللعبة المذكورة إلى العزلة عن العائلة والأصدقاء، فيصبح الطفل أقل تفاعلاً مع الآخرين، ويفضل قضاء الوقت في اللعب بدلاً من التواصل الاجتماعي، إضافة إلى ضعف مهارات التواصل، وقضاء الكثير من الوقت في الألعاب الإلكترونية قد يؤثر على قدرة الطفل على التواصل الاجتماعي وفهم الآداب الاجتماعية، ما يجعلهم أقل قدرة على التفاعل مع أقرانهم.
طرق العلاج
وفي هذا السياق أوضحت الوسي أنه لا بدّ وضع حدود زمنية، أي تحديد وقت اللعب، يجب على الوالدين وضع مواعيد محددة للعب على البلاي ستيشن، إذ لا يتجاوز الطفل وقتاً معيناً في اليوم (مثلاً لساعة أو ساعتين يومياً).. استخدام تطبيقات مراقبة الوقت، فهناك تطبيقات يمكن من خلالها مراقبة وتنظيم الوقت الذي يقضيه الطفل في اللعب، ما يساعد في تحديد فترات اللعب بشكل أكثر فعالية.
والأمر الآخر هو تشجيع الأنشطة البديلة، من خلال حثّ الأطفال على ممارسة الأنشطة الرياضية أو الخروج في نزهات عائلية، تشجيعهم على قراءة الكتب، أو الانخراط في أنشطة فنية مثل الرسم أو الحرف اليدوية.
ولفتت إلى أنه من المهم أن يشارك الوالدان في الأنشطة البديلة ليشجعوا الطفل على الابتعاد عن الألعاب الإلكترونية.
التفاعل الاجتماعي
تشجيع الأطفال على الأنشطة الجماعية التي تجمعهم مع الأصدقاء والعائلة، مثل الألعاب الترفيهية في الخارج أو تنظيم فعاليات اجتماعية، وأنه يجب أن يلاحظ الوالدان إذا بدأ الطفل يعاني من العزلة أو قلة التفاعل الاجتماعي، والعمل على تحفيزه للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
وحول إشراك الطفل في اتخاذ القرارات، ذكرت أنه من المهم أن يتفهم الطفل الأضرار المحتملة للإفراط في اللعب،إذ يشعر بمسؤولية تجاه وقت فراغه، مع مناقشة القواعد مع الطفل بشكل ودي، وإشراكه في وضع إطار زمني لوقت اللعب ليشعر بالتحفيز للامتثال لهذه القواعد.
وعلى صعيد تعليم مهارات التحكم بالذات، يجب تعليم الأطفال كيفية التحكم في رغباتهم والتحلي بالصبر، مثل أخذ فترات راحة أثناء اللعب والتركيز على أنشطة أخرى.
إدمان الأطفال على البلاي ستيشن يمكن أن يؤثر على صحتهم النفسية والجسدية بشكل كبير إذا لم يتم تنظيم وقت اللعب بشكل مناسب، من خلال الفهم العميق للأسباب والعواقب، يمكن للوالدين اتخاذ خطوات فعّالة لتوجيه أطفالهم نحو استخدام الألعاب الإلكترونية بطريقة معتدلة وآمنة.
يظل التوازن بين اللعب والأعمال الأخرى في الحياة اليومية هو الحل الأمثل لحماية الأطفال من الإدمان على هذه الألعاب.