الثورة – إخلاص علي:
زيادات نوعية على رواتب العاملين في بعض القطاعات، أعلن عنها وزير المالية محمد يُسر برنية، مشيراً إلى أنها ستُطبق قريباً وستكون بداية في قطاعات التعليم والصحة، وتأتي هذه الزيادات في إطار إصلاح شامل للأجور خلال العام المقبل.
تصريحات وزير المالية أثارت حفيظة البعض على تخصيص قطاعات، واستثناء أخرى، باعتبار أن وضع الرواتب لدى الجميع قليل جداً، ومن دون تأمين أدنى المتطلبات، وبالتالي لابد من زيادة عامة للجميع لتحسين الوضع المعيشي وبعدها يتم الانتقال إلى القطاعات الأخرى لإقرار زيادات نوعية.
خلال لقاءات لـ”الثورة” مع عدد من الموظفين، عبّر محمد. س من وزارة الصحة عن تفاؤله بالزيادة المرتقبة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة مهمة لتحسين أوضاعهم وتعزيز الخدمات الأساسية، لكنه أكد على أن تشمل الزيادات باقي القطاعات لتتحقق العدالة بمفهوم شامل. في المقابل، أبدى موظفون من قطاعات أخرى مثل النقل والإدارة استياءهم من عدم شمولهم بالزيادات النوعية، معتبرين أن ذلك يضعف الروح المعنوية ويشعرهم بالتهميش والتمييز في توزيع الدعم الحكومي. الرسالة المشتركة بين الجميع كانت تطالب بتوسيع نطاق الزيادات لتشمل جميع العاملين في القطاع العام بشكل متوازن وعادل.
ضوابط اقتصادية
الخبير التنموي ماهر رزق قال في هذا الإطار لـ”الثورة”: إن قرار الوزارة صحيح وضروري، وكذلك مطالب بقية القطاعات، مضيفاً: إن رفع الرواتب إلى مستوى يتجاوز خط الفقر (يُقدر بـ260 دولاراً شهرياً للأسرة ذات الأربعة أفراد)، هو حق اجتماعي ضروري، لكنه شدد على أهمية ربط هذه الزيادات بالإنتاجية والمؤشرات الاقتصادية لضمان العدالة بين القطاعات وتحفيز الأداء. وأشار إلى أن تخوّفات التضخم لا يجب أن تكون عائقاً أمام زيادة الرواتب، خاصة في ظل وجود فرص نسبية للاقتصاد يمكن استثمارها لإحياء القطاعات الإنتاجية وتحقيق نمو متوازن. في المقابل، حذر رزق من أن زيادة الرواتب الكبيرة من دون دعم إنتاجي وضبط السوق قد تؤدي إلى صعود جديد في الأسعار، ما يُهدد فعالية هذه الزيادات ويقوّض قدرتها على تحسين الواقع المعيشي. وحول تركيز الزيادات على قطاعات محددة من دون غيرها، أوضح رزق أن التركيز على التعليم والصحة يأتي بهدف تحسين جودة الخدمات الحيوية التي تؤثر مباشرة على حياة الأسر، مطالباً بشمولية وتوزيع عادل يعكس ظروف جميع العاملين.
نجاح مشروط
وختم كلامه بالقول: رفع الرواتب خطوة إيجابية، لكنها ليست كافية بمفردها، فنجاحها الحقيقي يتطلب دعمها بإصلاحات هيكلية هدفها ضبط الأسواق، تحفيز الإنتاج المحلي، وضبط النفقات العامة بحكمة. وشدد على ضرورة تمويل الزيادة بذكاء، مع تعزيز الشفافية والمساءلة لتجنب تحميل الاقتصاد أعباء إضافية قد تؤثر سلباً على الموظفين أنفسهم في نهاية المطاف.
زيادة الرواتب قد تمثل بداية مشرّفة لكسر دوامة الفقر، لكنها تحتاج لأن تترافق مع خطة تطويرية شاملة تقود البلاد نحو مستقبل أكثر توازناً واستقراراً.