الثورة- ربا أحمد:
تشكل البطالة شرخاً كبيراً اليوم في مجتمعات القرى، وتهدر من أعمار الشباب والأجيال زمناً، يمكن أن يقدموا فيه الكثير، وذلك في ظل التغير المناخي وتراجع مواسم زراعية كثيرة، وضمن فترة زمنية- قد تكون طويلة- لإنشاء مشروعات استراتيجية في محافظة طرطوس، واستيعاب اليد العاملة الموجودة.
لمعالجة هذه الكارثة الاقتصادية والاجتماعية، يؤكد الناشط المجتمعي والعضو السابق في غرفة تجارة وصناعة طرطوس، الدكتور المهندس سلمان ريا، أنه من المفترض ألا يجلس أي مواطن بعد اليوم متفرجاً أو خاملاً، لأنه بالتعاون والعمل المنتج يمكن لكل فرد أن يصبح قوة فاعلة في بناء سوريا الجديدة.
فالبقاء بلا إنتاج يعني التلاشي، والبقاء بلا تنمية اقتصادية وثقافية، يعني فقدان القدرة على الصمود والاستمرار كدولة وشعب.
ورأى أننا أضعنا وقتاً طويلاً، لكن اليوم حان وقت التحول من مجتمع مستهلك متكاسل إلى مجتمع منتج، يبتكر، يربط نفسه بالعالم، ويثبت وجوده بالقوة والوعي والعمل، هذا هو نضالنا الاستراتيجي من أجل البقاء والوجود.
ولفت د. ريا إلى أن التجارب العالمية أثبتت أن الفقر ليس قدراً محتملاً، بل نتاج غياب الفرص والآليات الفاعلة، فالقروض الصغيرة والمشروعات البسيطة قادرة على تحرير المجتمعات من أسر الفاقة، وتحويلها إلى طاقة إنتاجية متجددة.
ويمكن للتمويل الأصغر والمشروعات الصغيرة أن يكونا أداة استراتيجية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتمكين الأفراد من الاعتماد على أنفسهم، بعيداً عن المساعدات المؤقتة والانغماس في اليأس.
ويتطلب ذلك إنشاء صناديق محلية للتمويل الأصغر في القرى والأحياء، بآليات شفافة وميسرة، مع اعتماد الضمان الجماعي بين مجموعات صغيرة لضمان الالتزام والمساءلة.
كما يجب أن يتركز الجهد على النساء والشباب الأكثر تأثراً بالبطالة، باعتبارهم عنصراً حيوياً لإدارة المشاريع الصغيرة، سواء في الزراعة، الحرف، الخدمات، أم الصناعات المنزلية.
ولا يقتصر الدعم على التمويل المالي فقط، بل يشمل تدريباً عملياً في الإدارة والتسويق، وربط المشروعات بشبكات تسويق محلية ورقمية، لتتشابك المشروعات فيما بينه، وتولّد شبكة إنتاج وطنية متكاملة.
ولفت د. ريّا إلى أنه بهذه الخطوات، يمكن تقليص البطالة والفقر تدريجياً، وتمكين المجتمع ليصبح قوة إنتاجية فاعلة، مع إعادة بناء الثقة والتعاون بين جميع أفراده، وإيجاد اقتصاد محلي مرن، يدعم صمود الدولة والمجتمع في آن واحد.
وختم بأن التمويل الأصغر والمشروعات الصغيرة، ليسا مجرد خيار اقتصادي، بل استراتيجية وجودية، ومعركة مستمرة من أجل المعيشة والاستقلال والاستمرار.