التفاؤل حذر.. “سويفت” في مواجهة قانون قيصر

الثورة – رولا عيسى:

ماذا بعد إعلان الولايات المتحدة الأميركية إلغاء بعض القرارات التنفيذية التي فرضتها على سوريا؟ هذه الخطوة، مازالت تثير جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية، وقد تكون نقطة تحول في مسار النظام المالي السوري الذي يعاني من تداعيات سنوات طويلة من العقوبات، وعلى رأسها “قانون قيصر”.

أمام هذا الإعلان يبدو أن التفاؤل حذر، أيضاً لابد من الإشارة إلى التحديات التي تواجه المصارف السورية، ويظل تفعيل سويفت مرتبطاً بشروط معينة وتوافقات دولية تتجاوز الأبعاد الاقتصادية البحتة.

عامر شهدا: يرفع منسوب الاحتياطي النقدي

ضمن هذا السياق يقول الخبير المالي والمصرفي عامر شهدا في حديثه لصحيفة الثورة: في الواقع، تم إلغاء قرارات تنفيذية صادرة عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية اليوم، ما أدى إلى رفع العقوبات، لكن موضوع سويفت، أو حتى الأمور المالية، مرتبط بقانون قيصر الذي يفرد مادة خاصة بخصوص “مصرف سوريا المركزي”. وبالطبع، والكلام للخبير شهدا، إذا تم تفعيل سويفت، سيكون له تأثيرات على النظام المالي المحلي، وهذه التأثيرات مرتبطة بسهولة دخول وخروج الدولار، مما قد يؤدي إلى زيادة الموارد بالقطع الأجنبي، وهو ما يؤثر على رفع منسوب الاحتياطي من القطع الأجنبي.

الافتقار لآليات التطبيق

ويتابع: اليوم، من المعروف أن النظام المصرفي بحاجة إلى سرعة الخدمة في المعاملات المالية، ومن هنا تأتي أهمية تفعيل سويفت الذي سيسهم في تحسين السرعة في نقل الحوالات بين البنوك، بما يرفع من كفاءة المصارف في تقديم خدماتها.

وبحسب الخبير المالي والمصرفي، لكن هذا يعتمد على وجود كوادر مؤهلة ومدربة لاستخدام سويفت، بالإضافة إلى وجود مراسلين خارجيين يمكنهم استقبال وتحويل الحوالات من وإلى سوريا، وبالتالي، نجاح هذه الخطوة يعتمد على توافر العنصرين الأساسيين: كوادر مدربة، ومراسلين في الخارج، ما يسهم في توسيع خدمات المصرف.

يقول شهدا: من أبرز التحديات التي ستواجهها البنوك في تفعيل سويفت، هي ضرورة وجود حسابات، وتوفير التمويل لهذه الحسابات، إضافة إلى ذلك تحتاج المصارف السورية إلى الاشتراك مع غرف تسوية لضمان تسهيل عمليات التحويل الدولي.

ويضيف: في الوقت الحالي، تفتقر معظم البنوك السورية إلى حسابات بالقطع الأجنبي، مما يعقد الإجراءات المصرفية، وبالرغم من أن الموضوع يبدو بسيطاً من الناحية النظرية، إلا أن هناك صعوبة كبيرة في تنفيذه، وخصوصاً لعدم وجود كوادر مصرفية مؤهلة بما فيه الكفاية.

ماذا عن السوق السوداء؟

أما بالنسبة للسوق السوداء، يبين شهدا أنه من غير المتوقع أن يؤثر تفعيل سويفت بشكل مباشر عليها، ولكن إذا كانت البنوك السورية، وعلى رأسها “مصرف سوريا المركزي”، تملك احتياطيات كافية من القطع الأجنبي، فإنها قد تتمكن من تلبية احتياجات المستوردات، ما يقلل من الحاجة لشراء الدولار من السوق السوداء.

ولكن، إذا استمر تراجع قدرة المصرف المركزي على تأمين الدولار، فمن المتوقع أن يرتفع الطلب على العملة الصعبة، مما قد يؤدي إلى زيادة الضغط على سعر الصرف، وفقاً للخبير المالي والمصرفي.

من جهة أخرى، يرى الخبير شهدا، إن إزالة العقوبات و”قانون قيصر” قد يساهم في تحسين الوضع الاجتماعي من خلال تمويل مشاريع المياه وإعادة الإعمار، مما سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، ويسهم في تقليل نسب البطالة والفقر.

أما بالنسبة لتحويلات المغتربين فإن هذا قد يؤثر بشكل إيجابي على تحويلاتهم، إذ ستنخفض تكاليف التحويل، ما يشجعهم على زيادة حجم التحويلات إلى سوريا.

لا هيكل تنظيمياً

وعن إعادة صياغة النظام المصرفي السوري، يرى أنه أمر يتطلب وقتاً طويلاً، حالياً ليس هناك هيكل تنظيمي كافٍ لـ “مصرف سوريا المركزي”، وهو ما يجعل من الصعب على المصارف الأجنبية التعامل مع البنوك السورية.

وينوه أن السبب في ذلك يعود إلى غياب مجلس النقد والتسليف، وهو جهاز مهم موجود في جميع دول العالم لتنظيم السياسات النقدية، وهو ما يجعل المصارف المحلية تواجه صعوبة في تحديد السياسات النقدية المناسبة.

ويشير شهدا إلى أن المصرف المركزي السوري يواجه تحديات كبيرة في الاستقرار المالي، وهو بحاجة إلى حلول عملية لتجاوز المشكلات التي يعاني منها في بناء الثقة مع المصارف الخارجية.

وبما أن نظام سويفت يخلق رقابة على التحويلات الداخلية والخارجية، فإن هذه الرقابة ستساعد سوريا على الالتزام بالمعايير الدولية في مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، مما يرفع من شفافية النظام المالي السوري، وفقاً لحديث شهدا.

أوراق سياسية

شهدا يؤكد أن تفعيل “سويفت” لا يقتصر فقط على الجوانب المالية، بل يرتبط أيضاً بأوراق سياسية لاتزال غير موجودة، فالجانب السياسي يلعب دوراً كبيراً في فرض الضمانات الحكومية التي تمكن البنوك الأجنبية من التعامل مع المصارف السورية، وحتى اليوم، لم تشجع أي دولة مصارفها على التعامل مع البنوك السورية.

من جانب آخر، يقول شهدا: يعتبر اندماج سوريا في النظام المالي العالمي خطوة إيجابية، لكنها تتطلب تحقيق معايير معينة، أبرزها الشفافية والبيانات المالية الدقيقة من “مصرف سوريا المركزي”، والتي لم تُنشر حتى الآن.

وبالتالي، يُنصح بأن يسعى “مصرف سوريا المركزي” إلى تشكيل لجنة رقابية من “سويفت” وصندوق النقد الدولي لمراجعة الوضع المالي للبنك، وإصدار تقرير يساعد في تعزيز الثقة بالمصارف السورية.

سعر الصرف

وفيما يتعلق بتأثير سويفت على استقرار سعر الصرف، لم يتوقع الخبير شهدا أن يكون له تأثير مباشر في ظل غياب الاحتياطيات الكافية من القطع الأجنبي، ما يعني أن المصارف السورية قد تواجه صعوبة في تمويل العمليات الخارجية.

ولكن، إذا أصدر المصرف المركزي قراراً بتمويل التحويلات الضرورية مثل تحويلات شركات الطيران أو الطلاب، فإن هذا قد يؤدي إلى تأثير ملموس على سعر الصرف.

وحول تفاصيل الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، يبين الخبير شهدا أنها تتضمن عدة بنود هامة، أبرزها: أولاً، القضاء على التهديدات التي يشكلها تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، إضافة إلى انضمام سوريا رسمياً كعضو في التحالف العالمي لمحاربة داعش، وثانياً، ضمان حماية الأقليات الدينية والعرقية، مع تمثيلها في الحكومة عبر وزارات ونواب ومديرين عامين ومستشارين.

أما ثالثاً، والكلام لشهدا، فالمحافظة على علاقات سلمية مع الدول المجاورة، بما في ذلك إسرائيل، ورابعاً، ضمان عدم تمويل أو دعم أو إيواء أي جماعات إرهابية تهدد الولايات المتحدة وحلفاءها، وخامساً، إزالة المقاتلين الأجانب من سوريا، بما في ذلك أولئك ضمن مؤسسات الدولة والأمن، وسادساً، محاكمة الأفراد أو الكيانات التي ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان منذ 8 كانون الأول 2024، بمن في ذلك المسؤولون عن مذابح الأقليات الدينية.
وهنا يبين الخبير شهدا أنه على الرغم من هذه الجهود، يرى البعض أن الحكومة السورية لا تزال تعمل على تحقيق هذه الشروط، إلا أن النتائج قد تكون بطيئة بالنظر إلى الوقت الذي مر على الموضوع.

أخيراً

تفعيل سويفت في سوريا يحمل العديد من الفرص والتحديات على حد سواء، بينما قد يساهم في تسريع الخدمات المصرفية وتحسين عمليات التحويل الدولي، إلا أن النظام المصرفي السوري يظل في حاجة إلى إصلاحات هيكلية وإعدادات سياسية واقتصادية معينة قبل أن يمكنه التفاعل بشكل كامل مع النظام المالي العالمي.

آخر الأخبار
تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ بعد غياب أربعة أيام.. التغذية الكهربائية تعود لمدينة جبلة وريفها حدائق حمص خارج الخدمة.. والمديرية تؤكد على العمل الشعبي سوريا في صلب الاهتمام والدعم الخليجي - الأوروبي