الثورة – أحمد صلال- باريس:
يُعَدّ الدكتور أحمد عسيلي من أبرز الأسماء العلمية بين النخب السورية في باريس، تخرّج في كلية الطب بجامعة دمشق، وعمل طبيباً مقيماً في وزارة الصحة قبل مغادرته وطنه الأم. وبعد وصوله إلى فرنسا، عدّل شهادته في اختصاص الطب النفسي، وحصل على ستة دبلومات من أرقى الجامعات الفرنسية، منها جامعة السوربون على سبيل المثال لا الحصر.
وأعتبره – من خلال معرفتي الشخصية به – واحداً من أكثر الشخصيات المرموقة بين أبناء الجالية السورية في فرنسا. كانت موهبته تدفعه دائماً إلى موقع يمكّنه من تقديم إضافة اجتماعية وثقافية وسياسية. ويتقن الدكتور عسيلي العربية والإنكليزية والفارسية بطلاقة، كما درس اللغة الهندية وتفرعاتها لمدة سنتين، والعبرية سنتين، والألمانية سنتين، والإيطالية سنتين أيضاً. ولا تزال رحلته اللغوية مستمرة.
وعندما يُسأل عن سرّ هذه الموهبة، يجيب مبتسماً: “إنها قصة عشق”. لا يبخل الدكتور عسيلي بتقديم الاستشارات الطبية، سواء على أرض الواقع أم عبر شبكات التواصل الاجتماعي والهاتف، ويعدّ ذلك أقل ما يمكن أن يقدّمه لمساندة ثورة بلده الأم. يقول: “أنا طبيب يعشق المساعدة، لأن مهنتي في الأساس تقوم على النبل والأخلاق، ناهيك عن حب الأوطان”.
ويضيف إنه خلال عمله في أحد مستشفيات باريس لم يصادف أكثر من عشر حالات مرضية سورية.
وَعي معارض مبكر
الظروف السياسية في ما يُعرف بـ”مملكة الصمت” الأسدية كانت السبب الأساس وراء تشكّل وعيه المعارض للنظام القائم، ودفعته إلى الإيمان بضرورة التغيير الجذري. يقول عسيلي: “تشكّل وعيي باكراً على كره هذا النظام المجرم، وكان التوريث بالنسبة لي صدمة كبيرة، رافقها غضب وحالة غليان في المسيرات وترديد الشعارات الصباحية”.
من أرواد إلى الثورة
وُلد الدكتور أحمد عسيلي في جزيرة أرواد بمحافظة طرطوس، وحاول الانضمام إلى عدة أحزاب وجمعيات، لكنها لم تتوافق مع طموحاته الفكرية والسياسية. وعندما اندلعت الثورة السورية، شارك في المظاهرات في دوما وبرزة، كما ساهم في نشاطات تنسيقية أحرار طرطوس. ما يلفت في مسيرته الطبية والثقافية أن سوريا والسوريين شكّلوا بالنسبة له قضية شخصية.
وقد تجلى ذلك في مشاركته في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية المؤيدة للثورة السورية في باريس، وفي نشاطاته المختلفة، ومنها زياراته الرمزية لقبري مي سكاف وفدوى سليمان تخليداً لذكراهما.
الكاتب والمناضل
كتب الدكتور أحمد عسيلي في عدد من الصحف والمجلات السورية مثل الأورينت نت، عنب بلدي، وزمان الوصل. وفي مقالاته كان يتساءل: “كيف أكتب؟ لا أعرف” لكنه كان يهاجم الجلادين والقتلة الذين -كما يقول- “أصبحوا الماضي، بينما الثورة هي المستقبل.”
شخصية وطنية نزيهة
عُرف الدكتور أحمد عسيلي، أحد وجوه الثورة السورية في باريس، بشجاعته وإقدامه ووطنيته، كما عُرف بنزاهته واستقامته وإحساسه العميق بوجع الناس. تمسّك بمبادئه ولم يحد عنها، ووضع أهدافاً وسعى بكل قوته إلى تحقيقها. وبقي حتى النَّفَس الأخير من عمر الثورة السورية يصرخ في وجه الجلادين والقتلة: “ستهزمون لأنكم تريدون وقف عجلة التاريخ، وسننتصر لأننا نمثل المستقبل.”