الثورة – مها دياب:
في لقاء جمع الرئيس أحمد الشرع مساء أمس مع الوزراء والمحافظين، أشار إلى أن الطريقة التي تم فيها جمع التبرعات في الفترة الماضية لاقت تفاعلاً شعبياً كبيراً، حيث عبر السوريون عن حبهم لوطنهم من خلال المشاركة الفاعلة في دعم جهود إعادة البناء.
وأكد أن هذا التفاعل يعكس رغبة السوريين في بناء بلدهم بأيديهم، دون الاعتماد على المساعدات الخارجية، والانطلاق بما هو متاح وممكن، بعيداً عن فكرة التعجيز المرتبطة بالحاجة إلى مبالغ ضخمة.
عطاء المحتاجين
الرئيس أشار إلى أن المبادرات الشعبية لم تقتصر على الميسورين، بل شملت حتى الفقراء والأطفال الذين تبرعوا بأشياء يحتاجونها فعلاً، وهذا ما اعتبره نموذجاً ومثالاً على استعداد الناس للتضحية في سبيل إعمار سوريا، كما ضحوا سابقاً في سبيل التحرير. هذه البادرة، بحسب وصفه، تعبر عن حب عميق للوطن، واستعداد جماعي للمشاركة في بنائه.
عدالة تنموية
وأكد الرئيس الشرع أن هناك خطوات ناجحة وفعالة تتطلب وجود خطة واضحة تشمل جميع المحافظات، بحيث يتم تخصيص كل ما يُجمع من تبرعات في المحافظة لصالح مشاريعها التنموية، ويُعوض النقص من خلال صندوق التنمية، وهذا التوجه يهدف إلى تحقيق عدالة في توزيع الموارد، وربط التبرعات مباشرة باحتياجات كل منطقة.
ترميم الجرح
وفي سياق تعزيز الوحدة الوطنية، اقترح الشرع على محافظ السويداء تخصيص صندوق خاص بالمحافظة، تعبيراً عن التضامن الوطني، وترميماً للجرح الذي حدث مؤخراً بين السويداء وبعض المحافظات السورية.
وأكد أن هذه الخطوة تأتي لتأكيد شعار “السويداء من الوطن مننا وفينا”، مشدداً على أن السويداء جزء لا يتجزأ من الوطن.
لحمة وطنية
كما دعا إلى التبرع بسخاء، وإظهار اللحمة الوطنية، مشيراً إلى أن من يدعو لفصل السويداء لا ينتمي إليها، لأن أبناءها حافظوا على الوحدة الوطنية في فترات سابقة. وأوضح أن ما حدث من خلافات لا يمنع من عودة التلاحم الوطني، ومشاركة المحافظة في إعادة بناء الوطن من جديد.
بوابة الإعمار
وبالنسبة لموضوع الاستثمار، بين الرئيس الشرع أن هيئة الاستثمار تم اختيارها لتكون بوابة لإعادة البناء، سواء من خلال الاستثمار المحلي أم الخارجي.
وأشار إلى أن العمل جارٍ على تعديل القوانين لدعم المؤسسات وتحفيز الاستثمار، بعد أن كانت العلاقة بين المستثمر والنظام السابق سيئة ومتوترة، حيث كان النظام يخشى الاستثمارات الخارجية ويزاحم على الاستثمارات المحلية، وهي عقلية يجب أن تتغير.
فك العقد
كما أشار إلى أن أهم ما يعوق الاستثمار هو التعقيد في القوانين والإجراءات، فالمستثمر الذي يأتي بأمواله يحتاج إلى نافذة واحدة لإنجاز معاملاته.
وأوضح أن المستثمر يريد وضع أمواله في مشروع تنموي يعود بالنفع عليه وعلى البلد، ما يستدعي تبسيط الإجراءات وتحديث القوانين بشكل جذري.
مندوبون ميدانيون
وأكد على وجود مندوبين من الوزارات داخل هيئة الاستثمار، يتولون تنفيذ الإجراءات مثل الصحة والسياحة والطاقة.. بالإضافة إلى مندوبين في المحافظات ضمن مكاتب استثمارية ترتبط بالخطة العامة.
هذه الخطوة تهدف إلى تسريع وتسهيل عملية الاستثمار، وربطها مباشرة باحتياجات كل محافظة.
فرص مدروسة
كما شدد الرئيس الشرع على ضرورة أن يكون الاستثمار مبنياً على فرص مدروسة، من خلال دراسات جدوى أولية واقتصادية، يتم الاطلاع عليها عبر هيئة الاستثمار.
وأكد أن طريقة الطرح والعرض والإجراءات يجب أن تكون بالتعاون الكامل بين الجهات المعنية، لضمان نجاح المشاريع وتحقيق الأثر التنموي المطلوب.
تنمية ذاتية
الإعلامي والمحلل السياسي حسن البشش يرى أن كلام الرئيس الشرع يمثل انتقالاً ناضجاً من منطق الإغاثة إلى منطق التنمية الذاتية، وهو ما يعكس إرادة وطنية حقيقية.
كما أن فكرة “البناء بأيديهم” تعبر عن رغبة شعبية في المشاركة الفعلية، وتعزز الثقة بين المواطن والدولة، خاصة إذا اقترنت بخطوات تشريعية واقتصادية داعمة.
وحدة نموذجية
وفيما يخص مبادرة السويداء “منا وفينا”، أشاد البشش بها كخطوة وطنية تحمل بعداً إنسانياً وسياسياً، وتظهر حرص القيادة على ترميم اللحمة الوطنية.
كما أن مبادرة تخصيص صندوق خاص لمحافظة السويداء، تعتبر خطوة وطنية بالغة الأهمية، ليس فقط لدعم مشاريع التنمية المحلية، بل أيضاً لتعزيز الشعور بالانتماء وترسيخ الوحدة الوطنية. هذا الصندوق يُعد أداة عملية للمساهمة في بناء السويداء من الداخل، ويُجسد عودتها الفاعلة إلى حضن الوطن، من خلال المشاركة في إعادة الإعمار بروح جماعية ومسؤولية مشتركة.
إصلاح اقتصادي
كما أشاد بتوجه القيادة نحو فتح باب الاستثمار المحلي والخارجي، معتبراً أن الاعتراف بالحاجة إلى تبسيط الإجراءات يعكس جدية في بناء بيئة اقتصادية جاذبة.
وأكد أن فكرة “النافذة الواحدة” للمستثمرين تمثل نقلة نوعية في تسهيل دخول رؤوس الأموال، وتحقيق مشاريع تنموية تعود بالنفع على الوطن والمواطن.
كما رأى أن وجود مندوبين من الوزارات في هيئة الاستثمار والمكاتب المحلية يعزز التنسيق ويختصر الزمن، ما يفتح المجال أمام استثمارات مدروسة ومبنية على فرص حقيقية.