ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
لم يكن «الفحيح» الغربي خارج التوقعات بينما مشروعه في النزع الأخير يصارع تحت أي حجة ومسمى ويقاتل في الحيز الضيق من المربع النهائي الذي يفتح بواباته للخروج خالي الوفاض.
قد لا يكون هذا الخطاب الذي تتوجه دول الغرب من خلاله إلى تأجيل الانكفاء الختامي لها، هو نهاية المطاف، وربما أيضاً قد لا يكفي للدلالة على المأزق القائم سياسياً كما هو على الأرض.
في مداولات مجلس الأمن بدت الصورة أكثر وضوحاً.. وهي تنفخ في قربة مثقوبة، وتعمل جاهدة على الإحاطة الكاملة بالمجريات تحت عناوين لم تكتف بفضح خفايا ما تخطط له، بل أدخلت إلى النقاش مزيداً من الإرباك السياسي الناتج عن قصور الماكينة الدبلوماسية الغربية في التقاط الخيوط المتقطعة دون طائل.
وفيما الكواليس الجانبية تشكل مشهداً مرادفاً للجلسات المغلقة، بما تحمله من طروحات ونقاشات، كانت الساعة الأممية ترقب التحولات على الأرض، من أجل إضافة المزيد من الأوراق في اللحظة الأخيرة، علها تعدل من مسار اتجاهات النقاش وربما المساومات.!!
أما في الجوهر.. فإن التفاصيل الملحقة و الدسائس المضافة لم تعد تشوش بالقدر الذي كانت عليه سابقاًَ، حتى العناوين لم تعد مغرية، بعد أن لاكتها ألسن الغربيين حدّ الاهتراء، وبات كل ما يرد مجرد إضافات هامشية ناتجة عن تدوير الزوايا، فالحديث الممجوج عن الفصل السابع وتالياً عن فرض عقوبات، يندرج في الموضع ذاته مع فوارق تبدو للوهلة الأولى شكلية، لكنها في مضمونها، تحمل الرسائل التي يعجز فيها الغرب عن المجاهرة بموقفه وتكون توطئة لقائمة الاستهداف أو لطريقة النفاذ التي يمكن من خلالها تأجيل إعلام الفشل.
التسريبات القادمة من أروقة المنظمة الدولية تشي بما هو أبعد من المماحكات الظاهرية، التي تطلقها تصريحات الوزراء الغربيين وحتى الرؤساء، وتبطن خلفها نيات واضحة لا تكتفي بالتحضير للمنازلة الكبرى، بل تفصح عن دسائس ومكائد أغلبها يهدف إلى اللعب على الوقت ليكون الحاصل النهائي تقويض مهمة المبعوث الدولي والعودة إلى المربع الأول، انطلاقاً من القاعدة الاستعمارية البائدة، التي اعتادت على الخلط المتعمّد لاستدراج الحدث مهما تكن تداعياته، إلى حيث تستطيع من خلاله إعادة النفخ تحت الرماد..!!
لكن، ربما أن ما غاب عن الذهن وسط مناخ المنازلة تلك، أن الغربيين – حتى اللحظة – لايزالون يعيشون وهم العقدين الماضيين، حين كان ذلك الاستدراج لغة سائدة وأسلوباً يتم التعامل به دون تردد، والمثال الليبي في استدراج مجلس الأمن كان آخرها ولايزال في الأذهان.. وروسيا لم تكفّ يوماً عن التذكير به والتأكيد بأنه سيناريو لن يتكرر!!
الأكثر من ذلك، أن العرف الغربي في افتعال المعارك وإثارة الغبار للتغطية على الفشل، لم يتغير كثيراً، ولم يعدّل من المنهج المتبع، حين يصرّ على تعطيل أي طرح بتقديم طرح آخر مواز، أو حين يعيد تبويب مسميات تحت عناوين مجتزأة.. وهو ما بات بحكم التجربة وعلى مدى الأشهر الماضية معمولاً به ويؤخذ بعين الاعتبار.
المفارقة أن الغرب بأدواته الوضيعة ومرتزقته المتعطشة للدم، تحركه دائماً شهوة الاحتكام إلى القتل كي تثير المواقف أو في حدّ أدنى إعادة تموضع الأحجار داخل رقعة المنازلة السياسية التي تخوضها، مدفوعة بكم لا ينتهي من المسوغات الساقطة فكرياً وإنسانياً كما هي مفلسة سياسياً.
ولعل تكرار المشهد يدحض في حدّه الأدنى الفكرة من أساسها، كما أنه يؤشر إلى المأزق الذي يواجه خياراتهم.. إذ إن تجاربهم السابقة رغم ما تنطوي عليه من دموية ومحاولة تجيير غير مسبوقة، وهي مصحوبة بتجنيد أضخم منظومة إعلامية في استخدام الضخ السياسي والكذب والافتراء، إن هذه التجارب كانت تكفي لكي يعيدوا النظر على الأقل في الأسلوب.. أو في التوقيت أو أن تضيف تفاصيل غير واردة فيما سبقها.
ورغم أن الأحكام السياسية المسبقة لا يمكن أن تغيب، فإن الواقع أيضاً يدحض بشكل دراماتيكي عناصر المشهد، ويضغط عليها.. ليكون الدور الغربي المأزوم والمتأزم قد نقل بالعدوى مأزق البحث عن مخارج لا تشبه سواه.. وإن كانت عاجزة عن حفظ ماء الوجه !!..
a.ka667@yahoo.com