الثورة – عبير علي:
“لا أرى الفن مجرد هواية أو مادة جمالية، بل ملاذ وشريك أساسي ساعدني في تجاوز أوقات صعبة”، بهذه الكلمات عبرت الفنانة التشكيلية زهور أحمد عن رؤيتها للفن خلال حديثها لصحيفة الثورة. تقول: “الرسم كان بمثابة لغة بديلة، فعندما أغوص في تفاصيل لوحة وعملية الرسم، أنسى كل ما يحيط بي، هذه اللحظات من التركيز المطلق كانت بمثابة فصل كامل عن الضغوط الخارجية، ما منحني سلاماً داخلياً مؤقتاً لكنه ضروري، لذلك أرى أن الفن أداة للتعافي ومصدر للقوة، إنه ليس مجرد جمال نراه، بل شفاء نعيشه”.
لم تنحصر موهبة زهور في الرسم فحسب، فهي أيضاً مدربة رسم أكاديمي ومصممة أزياء، ومختصة بالأعمال الفنية وتصميم بروشات بالخرز، بالإضافة إلى التطريز واللوحات والديكورات الفنية.
وشاركت في عدة بازارات في طرطوس وخارجها، كما وصلت أعمالها إلى أسواق خارج القطر في الإمارات وقطر والكويت وألمانيا وأميركا.
أحدث مشاركاتها كانت في معرض “انعكاسات الثقافية” الذي أقيم مؤخراً في طرطوس القديمة، حيث عكست من خلال لوحتين جزءاً من الروح العريقة والتراث الغني للمدينة.
وتتناول اللوحة الأولى التراث المعماري والأثري بأسلوب يُعبّر عن الجمال التاريخي لمدينة طرطوس. حيث تقدم زهور بانوراما بصرية لأبرز المعالم الأثرية، مجسدة عظمة المعبد الأثري وطاحونة الهواء التقليدية، رمز التراث الحرفي والاقتصادي القديم. كما تشمل اللوحة جزءاً من العمارة الدينية القديمة، مثل كاتدرائية طرطوس أو كنيسة سيدة طرطوس الأثرية، مع تفاصيل معمارية غنية، وتضفي الخلفية الزرقاء، المزينة بكلمة “طرطوس” بالخط العربي، روحاً شرقية أصيلة تعزز قيمة هذا التراث.
أما اللوحة الثانية، فتغوص في عمق التراث الشعبي والحياة اليومية. تُصور امرأة في زي تقليدي تجلس لتطحن الحبوب باستخدام الرحى الحجرية “الجاروشة”، التي كانت رمزاً للاعتماد الذاتي في كل بيت.
تحيط بالمشهد رموز تمثل المنطقة، مثل ثمار الرمان والتين، والسنابل الذهبية، والسجادة المنسوجة، ومقالي الفخار، والمعلقة الخشبية، ما يضيف لمسة من الدفء والأصالة للتراث الطرطوسي الساحلي. بهذه الطريقة، تعكس زهور أحمد من خلال فنها العلاقة الوثيقة بين الفن والتراث، مُظهرةً كيف يُمكن للفن أن يكون نافذة نطل منها على تاريخ وثقافة بلد غني بالسحر والجمال.