الثورة – غصون سليمان:
تخلق الحروب والأزمات في أيّ دولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات ظروفاً طارئة، بحيث تأخذ الأحداث مسارات سلبية متعددة الجوانب، تنعكس على أوضاعها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، مخلّفة وراءها المزيد من الفوضى، حيث تكثر الجريمة ،والسرقة، والسلب وحالات الخطف والقتل وغيرها.
وفي مجتمعنا السوري يغدو السؤال ملحّا بعد نتائج حرب مدمرة استمرت لسنوات عدة، وهو كيف نمكّن المجتمع من العمل على التصدّي لمحاولات الخطف التي قد تكون مدفوعةً من قبل أشخاص لزعزعة الأمن والاستقرار، وبثّ روح العداوة وخلق حالة من التشنّج عند المواطنين..؟

الأستاذة المحامية انتصار غصون، أكدت في هذا الجانب أنه لا بدّ من تفعيل لجان محلية من أهل المناطق للحماية، بحيث يكونون رديفاً للأمن العام، وبالتأكيد مع عتادهم الكامل. وفي حال لم يتطوع هؤلاء بالأمن لا بدّ أن يكون هناك لجان حماية بكلّ حيّ لحلّ المشكلات التي قد تحصل، وذلك بالتكامل والتعاون مع الجهات المعنية صاحبة العلاقة. ولعل الأهم من وجهة نظر المحامية غصون هو خلق جسور الثقة وتعبيدها بين جميع الأطراف، كي لا يستغلّ أصحاب النفوس الضعيفة واقع الحال والظروف، بمعنى أن تبادر هذه اللجان المنظمة والمعتمدة مع قوات الأمن العام بالدفاع عن الأحياء، ومتابعة تفاصيل المناطق وما يطرأ عليها من مخاطر وسلوك مناف لعادات وتقاليد المجتمع، وعدم استخدام السلاح إلا لمواجهة من يزعزع الاستقرار بالتعاون مع رجال الأمن العام.
تدريب فرق خاصة
فيما ترى الأستاذة لمى المحايري أنه يمكن التصدّي لهذه المحاولات من خلال إجراءات تعتمد على المدى القريب، وأخرى تعتمد على المدى البعيد، وفي مقدمتها الحدّ ما أمكن من الأسباب الجذرية للمشكلات، وذلك من خلال العمل على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، والقضاء على الفوضى، وفرض النظام العام. مع تعزيز دور الجهات الأمنية بزيادة فاعليتها وتدريب فرق خاصة للتعامل مع قضايا الخطف.
ولفتت المحايري إلى أهمية استخدام التكنولوجيا لمراقبة الوضع باستخدام كميرات المراقبة في الأماكن العامة بشكل فعال، وتوظيف تطبيقات الهواتف الذكية لتحفيز المواطنين على الإبلاغ عن الحالات بشكل مباشر. مع إجراء التحقيقات الرقمية بتوظيف التكنولوجيا كتحليل البيانات وتتبع المواقع الجغرافية عبر الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، لتسريع القبض على المجرمين. كما أوضحت أهمية التوعية المجتمعية والتثقيف من خلال وسائل الإعلام والمنصّات الرقمية، ودعم المنظمات المدنية بالتوعية من خلال المحاضرات المجتمعية. إضافة إلى تعزيز الثقة بين المواطن والسلطة عن طريق توفير بيئة آمنة تشجع الناس على تقديم البلاغات، من خلال التنسيق بين المجتمع المدني والقوى الأمنية والمنظمات المختلفة.
حكم القانون

وبالعودة إلى جريمة الخطف وأحكامها في القانون السوري بيّنت المحامية انتصار غصون أن الخطف هو من أخطر وأشد الجرائم التي يعاقب عليها القانون السوري، والخطف بالتعريف هو حرمان أي شخص من حريته بالقوة أو بالتهديد أو بالحيلة، ولو لفترة قصيرة. العقوبات، شملت أولاً: في حال خطف فتاة أو إمرأة بقصد الزواج، يعاقب الفاعل بالحبس من ثلاث إلى تسع سنوات، حتى ولو لم يتمّ الزواج فعلاً.
ثانياً: وفي حال خطف أي شخص (ذكر أو أنثى) بقصد الاعتداء أو الفجور فالعقوبة هي الأشغال الشاقة لمدة تسع سنوات، وإذا تحقق الاعتداء فعلاً، فلا تقلّ العقوبة عن واحد وعشرين سنة.
ثالثاً: أشارت المحامية غصون أنه في حال خُطف قاصر لم يتمّ الخامس عشرة من عمره تُفرض العقوبات السابقة نفسها، حتى ولو تمّ الخطف من دون عنف أو خداع.
رابعاً: تخفيف العقوبة في حالة واحدة فقط إذا قام الخاطف بإطلاق سراح المخطوف من تلقاء نفسه خلال 48 ساعة، وأعاده إلى مكان آمن دون أن يتعرض لأذى، يمكن أن يستفيد من الأسباب. بالإضافة إلى كل من خطف شخصاً حارماً إياه من حريته بقصد تحقيق مأرب سياسي، أو مادي، أو بقصد الثأر، أو الانتقام، أو لأسباب طائفية، أو بقصد طلب الفدية، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة ، وفقاً “للمادة 1 من المرسوم 20 لعام 2013 ” وتكون العقوبة-أ- الإعدام إذا ، نجم عن جريمة الخطف وفاة أحد الأشخاص. ب- حدثت عاهة دائمة بالمجني عليه. ج- قام الفاعل بالاعتداء جنسياً على المجني عليه. وفق( المادة 2 مرسوم 20 لعام 2013 ). ما تقدّم يؤكد على أهمية السلم الأهلي، ومحاصرة مفاعيل الجريمة بكل أبعادها من خلال تعاون جميع أبناء المجتمع ومن كل الأطراف الفاعلة، فالوطن لايبنى ولايعمّر إلا من الداخل بصدق النوايا قولاً وفعلاً وبأركان سليمة وصحيحة.