التأصيل الثقافي.. صورة ذهنية تشكل الوعي الجمعي

الثورة – رانيا حكمت صقر:

تُعد الصورة الذهنية إحدى أبرز الركائز في تشكيل الوعي الجمعي لأي مجتمع، فهي التي تحدد كيف يرى الفرد وطنه وهويته وتراثه الثقافي، ففي ظل التحديات الاجتماعية والسياسية التي يمرُّ بها الشعب السوري، تبرز الثقافة والتراث كمرتكز أصيل يعكس جوهر الحضارة والهوية، ويشكل درعاً يحمي المجتمع من الاندثار والتشويش الذهني بفعل التحولات العالمية السريعة.

إن التأصيل الثقافي عبر صورة ذهنية متماسكة ليس رفاهية، بل ضرورة حيوية لبناء المجتمع، وفهم أعمق للماضي وترسيخ الانتماء، في هذا السياق، يمكننا أن نستقي دروساً من تجربة المتحف المصري الكبير، الذي افتُتح مؤخراً ليكون رمزاً ليس فقط للتراث المصري، بل لمنظومة ثقافية وحضارية ضخمة يعكس من خلالها المجتمع وعيه التاريخي والديني والوطني.

 

يصف المستشار الإعلامي مازن يسري لصحيفة الثورة المتحف المصري الكبير بأنه ليس فقط صرحاً يعرض الآثار، بل مشروع وطني وروحي يحمل رسالة عميقة تكشف للمجتمع عن هويته الحقيقية.

فالآثار التي يحويها المتحف ليست مجرد أدوات حجرية أو تماثيل من الماضي، وإنما سجل ناطق بمجد حضارة تدمج بين الإيمان والعلوم، ما يعيد تشكيل النظرة الذاتية لدى المواطن، ويعزز من ثقته بتراثه ودوره في بناء المستقبل.

وفي تجربة مشابهة، يواجه المجتمع السوري تحديات كبيرة في الحفاظ على صورته الذهنية الثقافية وسط موجة التغيير السريع، خاصة مع تعرض عناصر التراث للتهديد أو التهميش.

ما زالت المبادرات التي تدعم التراث والهوية، مثل الإبقاء على اللباس الشعبي، والاحتفاء بالرموز الفنية والأدبية، حجر الزاوية في الحفاظ على الذاكرة الجمعية من الذوبان في الثقافات المستوردة.

وبيّن يسري أن الصورة الذهنية التي ينقلها المتحف المصري لفكرة الحضارة والإيمان لا تقتصر على المقتنيات التاريخية فقط، بل تلعب دوراً تربوياً وروحانياً، فهي تذكر المجتمع بدروس الأمم السابقة، وتحفزه على تجديد العهد مع قيم الحق والعلم والعدل، هذا الأمر يوفر للمجتمع السوري نموذجاً يُحتذى به لكيفية الموازنة بين الفخر بالحضارة، وبين مواجهة التحديات الراهنة بروح وطنية متجددة.

كما أن الصور الذهنية الإيجابية التي تتغذى من أمثال المتحف المصري، توفر منارة للفكر الواعي لدى النخب والشباب السوري على حد سواء، فتساعد في بثّ الثقة والتفاؤل بالفرد والمجتمع، وتدعم فكرة أن الهوية والتراث ليسا قيوداً بل مصادر إلهام وقوة. في عالم يتسم بالعولمة السريعة، تبقى هذه الصورة الذهنية البانية هي الحصن المنيع أمام محاولات التهميش والضياع.

خاتماً يسري بالقول: تبقى الصورة الذهنية للثقافة والتراث جسراً حيوياً لعبور المجتمعات نحو مستقبل أكثر وضوحاً وإبداعاً. نموذج المتحف المصري الكبير يعكس أمامنا كيف يمكن لصرح ثقافي أن يؤثر إيجابياً في النفوس والوجدان الجمعي، ويعيد بناء وعي شعوبنا على أسس متينة من العلم والإيمان والتاريخ المشترك، وهذا بلا شك درس ملهم للمجتمع السوري، الذي يحمل في كيانه تراثاً وثقافة غنية تحتاج إلى المزيد من الدعم والتقدير لتبقى راسخة في الذاكرة والواقع.

آخر الأخبار
المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب اقتصاد محصول الحمضيات "لا معلق ولا مطلق" والوعود "خلبية" سوريا ولبنان تسعيان إلى تعزيز التعاون وتجاوز العقبات الماضية بخطط استثمارية وتصديرية.."الدواجن" تعيد تموضعها في السوق " ذهب ومهر" .. حين يتحول الزواج إلى حلم مؤجل في حلب نقص الأعلاف يعيد تشكيل معادلة الإنتاج الحيواني والاقتصاد المحلي دعم مادي لمجموعة الحبتور الإماراتية في تأهيل مراكز المتسولين والإعاقة رحّال يتفقد مديرية نقل حلب ويؤكد أهمية الارتقاء بالخدمات قطاع الخدمات بين أزمة الكهرباء والتوازن الاقتصادي "المنافيست".. إجراء احترازي يضع خصوصية الركاب تحت العجلات هل تنقذ "الخصخصة" معامل الإسمنت المتآكلة؟ ارتفاع قياسي لأسعار الزيتون.. هل فقدَ السوريون الذهب السائل من مائدتهم؟ "إسرائيل".. من أزمات الداخل إلى سياسة الهروب نحو الجبهات الخارجية سوريا تعود إلى طاولة الحوار الدولي.. وواشنطن تفتح باب الدبلوماسية مجدداً غرفة تجارة وصناعة دير الزور تطلق منصة رقمية متكاملة نصر الحريري: الانتهاكات الإسرائيلية تنسف أي فرصة للوصول إلى اتفاقيات مستقبلية "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق آذار وتحرم السوريين من ثرواتهم الوطنية