الطربوش.. وقار لا يُنسى وهوية لا تغيب

الثورة – همسة زغيب:

تتشابك حكايات الماضي مع أنفاس الحاضر، في زاويةٍ من زوايا حي القنوات العتيق، إذ ينهض “الطربوش” من رفوف الذاكرة، ليس مجرد قطعة من اللباد الأحمر، بل وثيقةٌ ثقافية تختزل قروناً من الانتماء والهيبة.

في متحفٍ شخصي حيّ أقامه الباحث التراثي هيثم طباخة، يتصدّر الطربوش المشهد، محاطاً بمفاتيح وسيوف وساعات عتيقة، كأنه يهمس للزائر: “أنا الرأس الذي حمَل التاريخ”.

يتحدث الباحث هيثم طباخة لصحيفة الثورة، موضحاً العلاقة بين الطربوش والهوية: “الطربوش لا يوضع على الرأس فقط، بل هو إعلانٌ صامت عن هوية صاحبه، وانتمائه لزمنٍ كانت الأناقة فيه امتداداً للكرامة، وحين يرتديه الإنسان، لا يزيّن رأسه فحسب، بل يستحضر طبقات من الذاكرة؛ من صورة الجدّ إلى ملامح الزعماء.

“ويضيف: “اخترت أن أضع الطربوش في قلب متحفي، لأنه يمثل لي أكثر من قطعة تراثية، إنه رمزٌ للوقار، وللرجل الذي كان يمشي مستقيماً لأن رأسه يحمل شيئاً يستحق الاحترام، نحتفل به في التاسع عشر من آذار كل عام، ليس كموضة عابرة، بل كحوارٍ حي مع جذورنا”.

وعن الفروق بين الطربوش القديم والحديث، يشرح طباخة: “الطربوش التقليدي كان يُصنع يدوياً من اللباد الطبيعي، ويُشكّل بعناية فائقة ليحافظ على صلابته وهيئته، وكانت تُخاط تفاصيله بخيوط حريرية، وتزينه شرابة سوداء طويلة تعبّر عن الوقار، أما الطربوش الحديث، فأغلبَه من مواد صناعية خفيفة، يفتقر إلى الهيبة التي ميزت سلفه.

“ويُتابع: “القديم كان يُفصّل بدقة حسب مقاس الرأس، ليكون جزءاً من شخصية مرتديه، أما اليوم، فالإنتاج صار تجارياً، وغالباً ما يُستخدم للزينة أو في العروض المسرحية، دون أن يحمل نفس الدلالة الرمزية”.

وشرح الفرق بينهما ليس في المادة والشكل فقط، بل في الجوهر، فالطربوش القديم كان يُلبس احتراماً، ويُلبس تذكّراّ، كان الطربوش جزءاً من الزي الرسمي في بلاد الشام ومصر والمغرب، وتراجع حضوره مع موجات التغريب.

وفي النهاية، يقول هيثم طباخة: إنه ليس حكراً على الماضي، بل حاضرٌ يبحث عن معنى في زمنٍ تتشابه فيه الأزياء وتذوب الهويات، ويبقى الغطاء الأحمر علامةً فارقةً تذكرنا أن الرأس لا يُغطّى عبثاً، بل يُكرّم بما يليق به من وقارٍ وأصالة.

آخر الأخبار
المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب اقتصاد محصول الحمضيات "لا معلق ولا مطلق" والوعود "خلبية" سوريا ولبنان تسعيان إلى تعزيز التعاون وتجاوز العقبات الماضية بخطط استثمارية وتصديرية.."الدواجن" تعيد تموضعها في السوق " ذهب ومهر" .. حين يتحول الزواج إلى حلم مؤجل في حلب نقص الأعلاف يعيد تشكيل معادلة الإنتاج الحيواني والاقتصاد المحلي دعم مادي لمجموعة الحبتور الإماراتية في تأهيل مراكز المتسولين والإعاقة رحّال يتفقد مديرية نقل حلب ويؤكد أهمية الارتقاء بالخدمات قطاع الخدمات بين أزمة الكهرباء والتوازن الاقتصادي "المنافيست".. إجراء احترازي يضع خصوصية الركاب تحت العجلات هل تنقذ "الخصخصة" معامل الإسمنت المتآكلة؟ ارتفاع قياسي لأسعار الزيتون.. هل فقدَ السوريون الذهب السائل من مائدتهم؟ "إسرائيل".. من أزمات الداخل إلى سياسة الهروب نحو الجبهات الخارجية سوريا تعود إلى طاولة الحوار الدولي.. وواشنطن تفتح باب الدبلوماسية مجدداً غرفة تجارة وصناعة دير الزور تطلق منصة رقمية متكاملة نصر الحريري: الانتهاكات الإسرائيلية تنسف أي فرصة للوصول إلى اتفاقيات مستقبلية "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق آذار وتحرم السوريين من ثرواتهم الوطنية