الثورة – رنا بدري سلوم :
سميرة بدران الشيخ، كاتبة وأديبة وشاعرة، أصدرت خمس مجموعات شعرية ورواية، تقول عن مسيرتها الأدبية، “هذا هو عمري الأدبي كما يُقال، ربما كنت أول امرأة تقف على المنبر في دير الزور وتلقي شعراً.
كان ذلك فخراً لي في الثمانينات، إذ لم تكن هناك نساء يجرؤون على كسر الطوق والوقوف على المنابر في ذلك الوقت.
في دير الزور، كانت العادات والتقاليد، بالإضافة إلى كونها منطقة نائية مهمشة، تفرض قيوداً على النساء، خاصة فيما يتعلق بالمجالات الثقافية والفكرية”.
تضيف الشيخ: “لقد كانت دير الزور تُعتبر بيئة عشائرية، وكان من الصعب على الأقلام النسائية الظهور فيها، ولكن على الرغم من ذلك أعتبر أن مشروعي الأدبي كان بمثابة ثورة على المشهد الثقافي في دير الزور، حتى قبل أن تندلع الثورة في سوريا.
وتستدرك قائلة: “نعم، كان للمرأة دور مهم في الأدب في أماكن أخرى من سوريا مثل حلب ودمشق، في تلك المدن لاحظت أن النساء كن أكثر اهتماماً بالأدب من الرجال، ولكن في دير الزور كانت العادات والتقاليد، وكذلك الخوف والخجل، تؤثر على مشاركة المرأة في الحياة الأدبية”.
وتشير الشيخ إلى أن المعاناة التي عاشتها دير الزور طيلة سنوات الثورة قد زادت من الأعباء التي تتحملها المرأة، مما جعل الأدب يُعتبر “رفاهية” لا تقترب منها الكثيرات.
“لكننا في فرع اتحاد الكتاب العرب في دير الزور، كان لنا إيمان راسخ بأن للمرأة دوراً محورياً في المشهد الثقافي، لذلك قررنا إطلاق مبادرة “أقلام ناعمة”، التي تهدف إلى دعم وتشجيع المواهب الأدبية النسائية في المنطقة.
الهوية الإبداعية النسائية
تهدف ورشة “أقلام ناعمة” إلى إظهار الهوية الإبداعية للنساء في دير الزور، ورعاية المواهب الأدبية التي تعبر عن معاناتهن وتطلعاتهن.
وتعتبر الورشة جزءاً من استراتيجية أوسع من اتحاد الكتاب العرب لتسليط الضوء على دور المرأة الأدبي، تقول الشيخ:”لقد قمنا بتأسيس هذه الورشة لإبراز هذه المواهب النسائية وتطويرها، بحيث يتمكنّ من تحويل أفكارهن إلى نصوص قابلة للنشر.
والهدف كان أيضا هو تقديم هذه النصوص إلى المشهد الثقافي السوري من خلال الأمسيات الأدبية، والندوات، والنشر في الصحف والمجلات.
منهجية الورشة وتفاصيلها
تم تنظيم الورشة بشكل متكامل لتستمر لمدة شهر، حيث تُعقد ثلاث جلسات أسبوعياً، يُختتم الشهر بجلسة تكريمية للمشاركات المتميزات، ويتم نشر إبداعاتهن بشكل متتابع.
وتُقسم الورشة إلى أربعة محاور رئيسية، الأسبوع الأول التأسيس، حيث يبدأ المشاركون بالتعرف على الهوية الإبداعية الخاصة بهم، ويستمعون إلى حوار مع كاتبات متميزات.
هدف هذا الأسبوع هو تحفيز المشاركات على كتابة النصوص وتطوير أفكارهن الأدبية. الأسبوع الثاني، التقنية، يتعلم المشاركون كيفية تحرير نصوصهم الأدبية، من خلال تلميع وتحسين الأسلوب، بالإضافة إلى تعلم آليات النشر. الأسبوع الثالث، العرض، يُركز هذا الأسبوع على مهارات عرض النصوص أمام الجمهور، سواء في الأمسيات الأدبية أو على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم تدريب المشاركات على الإلقاء والحديث العام. الأسبوع الرابع، التطبيق، يتم تطبيق كل ما تعلمه المشاركون خلال الأسابيع السابقة من خلال كتابة نصوص جديدة، وتحضير العروض التقديمية، والاستعداد للاختتام.
التوازن بين النظري والعملي
تجمع الورشة بين الجانب النظري والعملي بشكل متوازن، حيث يتم تقديم جلسات نظرية لمناقشة الكتابة والإبداع، بالإضافة إلى ورش عملية لتحسين النصوص، وصقل مهارات الإلقاء، ولتتولى مجموعة من المدربات الأكاديميات من جامعة الفرات الإشراف على الورشة، بهدف الارتقاء بمستوى المشاركات.
نحو بيئة ثقافية مستدامة
تؤكد الشيخ أن ورشة “أقلام ناعمة” لا تقتصر على تدريب محدود خلال شهر واحد، بل هي بداية لعملية مستدامة، “نحن نعمل على تأسيس تجمع نسائي ثقافي، تابع لاتحاد الكتاب العرب في دير الزور، ليكون هذا التجمع رافداً للاستمرار والتطوير، هذا التجمع سيساعد على تبادل الخبرات بين الأديبات، ويعمل على دعم استمرار الإنتاج الأدبي النسائي، ويضمن استمرارية العطاء والإبداع”.
دعم الأدب النسائي في دير الزورتمثل مبادرة “أقلام ناعمة” برنامجاً متكاملاً لدعم الأدب النسائي في دير الزور، ويتسم هذا البرنامج بجداول زمنية ذكية، تهدف إلى تغطية جميع احتياجات الكاتب المبتدئ، من البداية حتى الوصول إلى مستوى الاحتراف، وتضيف الشيخ: “المبادرة ليست مجرد ورشة تدريبية، بل هي بيئة داعمة مستدامة، تخلق فرصاً مستمرة لتطوير الموهوبات من خلال الجماعة الأدبية والتبادل الثقافي والنشر.
من خلال هذه المبادرة يبدو أن المرأة في دير الزور على موعد مع إبداع جديد، وقدرتها على التأثير في المشهد الثقافي المحلي والعربي ستظل في تصاعد مستمر