خالد خليفة.. آمن بقلم لا يموت فاستوطن الذاكرة

الثورة – محمد الحريري:

في ذاكرة الأدب السوري، توجد أسماء لا يمكن نسيانها، تظل حاضرة كندوب جميلة في الوجدان.

يبرز اسم خالد خليفة كأحد أبرز الروائيين الذين نادوا بالحرية، فقد كان من خلال كتاباته مرآة لسوريا المتعبة، فأصبح صوته صدى لأوجاع السوريين وملجأً لمن وجد في الأدب مهرباً في زمن الحرب.

ابن حلب الشهباء كتب للسوريين، بلسانهم وحدهم، إيماناً منه بأن الأدب يعبر عما لا تقوى السياسة على قوله.

أديب يشبه الوطن وُلد خالد خليفة في حلب عام 1964 وتوفي عام 2023، عن عمر يناهز الستين عاماً.

حاز إجازة في القانون من جامعة حلب، لكنه اختار الأدب، مؤمناً بأن الكلمة أكثر عدلاً من أي محكمة.

قدم العديد من الأعمال الأدبية مثل الشعر والمقالات الأدبية، قبل أن يجد في الرواية والدراما مساحة أرحب للتعبير عن الإنسان وسط الركام.

كان يقول دائماً: “إن الأدب ليس مكاناً للمداهنة، بل مساحة لقول الحقيقة حتى لو كانت مؤلمة”، بينما تنوعت أعماله بين الدراما والرواية، كانت بصمته الأعمق في عالم الرواية، حيث حملت كلماته أحاسيس الشعب السوري وارتباكه في مواجهة الظلم.

ومن أشهر أعماله الرواية التي تناولت الصراع القائم بين النظام السوري في عهد حافظ الأسد وجماعة الإخوان المسلمين، وهي “مديح الكراهية”.

لم تجعل الرواية الكره هدفاً أو مضموناً، بل كشفت هشاشة الإنسان أمام الخوف، وقال خليفة: إنه كتب الرواية دفاعاً عن الشعب السوري بعد مجزرة حماة، ورغم أن الرواية تم حظرها في دمشق، فقد وجدت طريقها إلى القراء في العالم، وأصبحت واحدة من أهم الروايات السورية المعاصرة.

الثورة موقف

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، لم يخبئ خالد خليفة صمته، بل كان حاضراً في الشارع، وفي النقاش، قريباً من الشباب الذين حملوا الحلم واللافتة.

يروي الكاتب بولس الحلاق: “من أول أيام الثورة كان خالد قريباً من التنسيقيات الشبابية، يمدهم بالنصائح ويشارك في أي نشاط ثوري”، فقد كان مؤمناً بأن التغيير منارة يحملها الشباب ولا تكون إلا بهم.

وخلال تلك الفترة كتب خليفة اثنتين من أبرز رواياته: “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة” (2013)، ورواية “لم يصلِّ عليه أحد” (2019)، تجلت فيهما رؤيته للخراب الداخلي والخوف والموت الجماعي في مدن تصلي بصمت وتنتظر الخلاص.

لم يغادر خليفة سوريا، وكان يصر على البقاء فيها، رافضاً المنفى حتى وإن جاء على هيئة منحة أو جائزة.

يقول الكاتب يعرب العيسى: “خالد كان ملتصقاً بالحياة السورية على المستوى الشخصي والأدبي، وحتى عندما كان يسافر في منح أدبية، كان يقطعها عائداً إلى سوريا”.

فبقي فيها، يجوب شوارعها ويكتب عن الخوف والجوع والانتظار، عن مدن تنهار وأرواح تحاول النجاة.

فكرة والفكر لا يموت

خالد خليفة لم يكن مجرد كاتب رحل، بل كان فكرة، والفكرة يجب ألا تموت… ومن هذا الإيمان، سعى أصدقاء خالد خليفة لتخليد ذكراه عبر “جائزة خالد خليفة للرواية”.

وهي جائزة تهدف إلى الاحتفاء بروحه التي ظلت تنبض بالحياة والإبداع حتى بعد رحيله.

يقول بولس الحلاق: “خلال الحرب، نظم خالد أكثر من ورشة كتابة وسيناريو وقصة، بالتعاون مع مراكز ثقافية، وكان يعملها بالخفاء”.

وكانت غايته الوحيدة مساعدة الشباب على امتلاك أدواتهم والتعبير عن أنفسهم، ذلك الجانب الإنساني هو ما ألهم أصدقاء خالد لإطلاق الجائزة، لتكون امتداداً لتلك الورش التي كان يعقدها بالخفاء.

ويضيف الحلاق: “أردنا أن يتحول يوم وفاته إلى مناسبة فرح بالشباب المبدع واستكمالاً لما بدأه خالد”.

من يحمل إرث خالد؟

بعد عامين من رحيله، انطلق أول حفل لجائزة خالد خليفة في دمشق، يوم الثلاثين من شهر أيلول 2025، بحضور عدد من الكتاب والأدباء والفنانين.

وقد فازت الكاتبة مناهل السهوي بالجائزة عن روايتها “أنثى فرس النبي”، متفوقة على أربع روايات وصلت إلى القائمة القصيرة، وهي: “دمشق الغاربة” للكاتب آلان علي، “أذن الشيطان” لعباس الحكيم، “خلف أمواج السراب”، و”الممحاة السماوية” لمي عطاف، بهذه الجائزة، تحمل السهوي على عاتقها أن تكمل إرث خالد في الكتابة والحرية.

آخر الأخبار
الظروف تكشف عورة عمل (لانا).. شروطه لاتُمس والمماطلة تتواصل ! رفع أسعار الإنترنت عبء جديد يثقل كاهل المواطنين ويفاقم العزلة الرقمية الاعتداء على أي كادر تعليمي.. أزمة أخلاق أم ضعف قانون؟  احتباس الأمطار.. يهدد البيئة والفلاح ويغلق نوافذ الإنتاج ضمانات المستثمر.. "مفتاح" جذب رؤوس الأموال إلى سوريا " نهفة".. في خيوطها ألف حكاية سورية    لقاء سوري – فرنسي..   الشيباني يبحث مع مستشارة ماكرون قضايا سياسية    الأولى منذ التحرير.. وزير الخارجية الشيباني يتوجه إلى الصين  ارتفاع أسعار مدخلات إنتاج الفروج    انخفاض أسعار الفروج.. "الدواجن" تحذر من خسائر وتطالب بضبط التهريب الهروب من غلاء الكهرباء إلى الطاقة.. استثمار يعادل فواتير أربع سنوات     الكلاب الضالة تجوب شوارع جنوب دمشق بحرية.. !   خطط ترميم المدارس المدمَّرة... أعمال كبيرة ونتائج متواضعة   243 طالباً وطالبة من اللاذقية يخوضون منافسات الأولمبياد العلمي السوري مهرجان الوفاء الأول بدرعا يكرم المتفوقين من أبناء الأطباء الشهداء  وزير العدل ينفي التصريحات المنسوبة إليه ويحث على التوثق من المصادر الرسمية وزير المالية يشارك في المنتدى العربي للمالية العامة ويؤكد أهمية الاستدامة المالية المجلات المفهرسة تهدد النشر الخارجي.. وجامعة دمشق تحذر المباشرة بتوسيع فرن قدسيا لزيادة إنتاج الخبز "المركزي" والإعلام .. تنسيق لتعزيز الثقة بالعملة الجديدة