ثورة أون لاين – أحمد عرابي بعاج:
على الرغم من أن حزب العدالة والتنمية الإخواني في تركيا فاز في المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في تركيا منذ أكثر من أسبوعين، إلا أن هذه النتائج كانت أقل شأناً من سابقاتها، وخسر حزب أردوغان الأغلبية البرلمانية التي تمكنه «على الأقل» من تشكيل حكومة مريحة دون الحاجة إلى تحالفات سياسية تؤدي حتماً إلى سياسات جديدة يعتبرها الحزب الإخواني تنازلات بالنسبة له، نقول «على الأقل» لأنها قطعاً أضاعت حلم أردوغان بأن يكون سلطاناً جديداً وحولت حلمه إلى كابوس.
فالورطة التي أدخل فيها أردوغان حزبه جاءت بسبب عنجهيته وطمعه السياسي بتحفيز الدستور وتكريس إخوانية الدولة التركية، وهو ما جعل هذه الانتخابات الأكثر مصيرية ليس فقط بالنسبة للأحزاب التركية وإنما للشعب التركي بمجمله، فإما أن يقبل بأردوغان سلطاناً عثمانياً جديداً يكون طاغية على شاكلة من يحلم أن يكون امتداداً لهم، وإما أن يوقفه الشعب عند حده ويقول له كفى لعباً بمصير الدولة التركية بأكملها، وهو ما كان له الأثر الكبير في الاقتراع بكثافة أدت إلى نتائج جديدة لم تكن كذلك على مدى ثلاثة عشر عاماً من الحكم المطلق والمريح لحزب العدالة والتنمية الإخواني الذي نفذت حكومته سياسة مدمرة لدول الجوار وورطت الدولة التركية بتحالفها مع الإرهاب لتنفيذ أجندات حزبية إخوانية.
ومن المحتمل في ظل ما حصل أن يكون هناك تغيير في السياسات التركية وفقاً لسيناريوهات تشكيل حكومة ائتلافية «قسرية» تجبر حزب العدالة الذي يحسب بميزان الذهب الأرباح والخسائر لهذه التحالفات وأن يختار أقل الخسائر في هذه المرحلة، لأن إعادة الانتخابات أو الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة خلال مدة وجيزة قد لا تأتي بما لا يشتهيه أردوغان وحزبه، وربما تعمق حفرته وورطته التي وضع نفسه وتركيا فيها بسبب سياساته المتعجرفة العنصرية والعدائية ضد المكونات التركية الأخرى، وأدت إلى درجة كبيرة في زيادة رقعة الحرب والدمار في سورية بعد تحالفه ودعمه للإرهابيين إلى أقصى حد استطاع الوصول إليه، ورغبته في استثمار هذا الإرهاب لتحقيق أطماعه في سورية على وجه الخصوص.
والسيناريوهات المحتملة للتحالفات الحزبية لتشكيل حكومة ائتلافية تركية بقيادة حزب العدالة والتنمية لن تنجي أردوغان وحزبه من تقديم فاتورة باهظة تصل إلى دفع الحساب في كل ما فعله حزبه طوال ثلاثة عشر عاماً من الحكم الاستبدادي ورؤيته بمنظار، لتركيا والمنطقة، بمنظار إخواني وهو ما يفسر تدخله في الشؤون الأخرى للدول في المنطقة دفاعاً عن الإخوان المسلمين الذي بات حزبه الآن آخر أحجار الدومينو التي تهاوت وما زالت تتهاوى إلى أن تسقط هي ومشروعها المدمر ومعه كل أشكال التطرف والتكفير الذي تسوقه مملكة الشر الوهابية ودويلة قطر الراعية للإخوان المجرمين.