ثورة أون لاين :
حياة بيتهوفن كتيب في 611 صفحة من تأليف رومان رولان نشر لأول مرة في بداية القرن الماضي عام 1903 وأصدرته صحيفة البعث بترجمة الدكتورة ماري شهرستان فحمل الرقم ثمانين ضمن سلسلة كتاب البعث الشهري بالتعاون مع الهيئة السورية للكتاب .
وفي مقدمته يقول رولان ان بيتهوفن كان يتمنى من أعماق نفسه حتى وهو في صميم آلامه أن يكون سندا للبؤساء الآخرين ..وقد توصل بعد سنين من النضال الى التغلب على ألمه وانجاز مهمته التي كانت من أجل نشر الشجاعة في الانسانية المعذبة.
وبعد أن قدم الكاتب وصفا دقيقا لأوصاف بيتهوفن الشخصية من طول وعرض ولون بشرة وشعر وأنف وفم الى ماهنالك تحدث عن طفولته القاسية التي ينقصها اللطف العائلي وعن شبابه التعيس جراء الهموم المادية وكسب لقمة العيش وكيف ماتت والدته بداء السل الذي كان يعاني منه أيضا ثم انتقل عام 1792 ليستقر في فيينا الحاضرة الموسيقية لألمانيا بعد أن غادر بون في الوقت الذي بدأت الحرب فيها.
لحن بيتهوفن قصائد فرايدبيرغ الحماسية المناسبة للحرب انشودة المغادرة ورغم توتر العلاقات بين النمسا وفرنسا أقام بيتهوفن علاقات حميمة مع الفرنسيين وخصوصا عازف الكمان رودولف كرويتسر الذي أهداه بيتهوفن لاحقا السوناتا الشهيرة .. وبدأت أعراض الصمم تظهر على بيتهوفن عام 1800 حيث كانت أذناه تطنان ليلا نهارا دون توقف ما شكل له تشويشا مزعجا وصار سمعه يضعف بشكل متزايد لكنه لم يفض بهذا السر لأحد حتى لأعز أصدقائه كاتما عنهم حقيقة معاناته لسنوات عديدة فكان يتجنب الناس كي لايلاحظوا اعاقته.. ويظهر هذا الحزن المأساوي في بعض أعماله خصوصا في السوناتا الثالثةعلى البيانو وفي السوناتا المحزنة الباتيتيك الا أنه بالرغم من حزنه ألف بعض المقطوعات المرحة كالعزف السباعي الضاحك والسيمفونية الأولى الصافية التي تعكس لامبالاة طفولية.
ويقول الكاتب.. عندما نتأمل في العديد من أعمال بيتهوفن نذهل من قوة وتواصل والحاح الايقاعات في لحن المسير وفي المعركة وأكثر مانتحسس ذلك في الأليغرو وفي القفلة من السيمفونية الثانية وعلى الأخص في المقطع الأول من السوناتات المهداة الى الروسي ألكسندر.. وتعبر الحروب الملحمية عن نفسها في كل أعماله كافتتاحية كوريولان حيث تعصف الزوابع وفي الرباعية الرابعة وفي سوناتا اباسيوناتا التي يقول عنها بسمارك لو انني كنت أسمعها باستمرار لأصبحت شجاعا جدا.
أما الموسيقا المكتوبة في أعوامه الأخيرة فلها طابع جديد يظهر فيه التهكم والازدراء البطولي كما يبدو الفرح واضحا تماما ..وقبل أربعة أشهر من وفاته أكمل المقطوعة الأخيرة في تشرين الثاني من عام 1826 وهي الخاتمة الجديدة لرباعية كواتورالتي تتسم بالفرح الا أن هذا الفرح ليس كفرح بقية الناس فتارة نجد أنه لاذع مهتز متقطع وتارة ابتسامة مؤثرة تبدي الكثير من الألم المعاش غير أن الموت أتى بعد أن أصيب بداء ذات الجنب ولازم الفراش في فيينا عند عودته من رحلة قام بها في الشتاء لتأمين مستقبل ابن أخيه.
وعلى فراش الموت في النزع الأخير كتب بصفاء ..كل شر يجلب معه بعض الخير والخير كان الخلاص ويعني بذلك نهاية المهزلة كما كان يقول أثناء موته ويقصد بها مأساة حياته.. وخلال عاصفة ثلجية اغلقت يد صديقه عينيه في 26 آذار 1827 وكانت هذه يد الموسيقار الشاب آنسيلم هوتنبرينر.
وبعد سيرة حياته نشر الكاتب بعض النصوص والرسائل التي كان يكتبها لودفيك فان بيتهوفن الى اخوته وأصدقائه والتي تتضمن فلسفته في الحياة ومعاناته مع المرض ونصائحه التي لا تخلو من الحكمة والموعظة بالاضافة الى أفكاره حول الموسيقا.
المصدر : سانا