الثورة أون لاين- عـــلي قــاســـــــم: يحق لحلب ان تتألم.. ويحق للسوريين أن يتوجعوا، كما توجعوا في الماضي على كل قطرة دمّ سُفكت، وعلى كل جرح يصيب الجسد السوري. حلب نعرفها جميعاً.. كل السوريين يحفظون تفاصيلها، وموقعها في القلب السوري.. وحلب المتوجعة اليوم ستبقى حلب التي يريدها السوريون شامخة، ستكبر على جراحها، وستكابر على آلامها لتكون عوناً لوطنها.. لسوريتها التي ما فتئت تُطعن هنا وهناك.. لا فرق عند مرتزقة المؤامرة ومأجوريها، ما دام الهدف ان يتألم السوريون.. أن تستمر اوجاعهم وقد تكالبت عليهم أطراف وأدوات ودول لم تعد تخفي نفسها ولا تتستر على هويتها ولا على أجنداتها. ولأنه الإرهاب، كان الصدى يتردد في أنحاء سورية على شرفات المنازل فيها، وعلى امتداد الوطن.. في رسالة ترفض كل مايخططون له ومايعملون من أجله .. لأنّ سورية لم ولن تبدل هويتها يوماً، ولم ولن تعدل في قرارها يوماً، ولا تستطيع أن تكون سوى سورية المزروعة في الوجدان والمنغرسة في التاريخ شامخة عزيزة قوية وصامدة. بعد حديث تلك الأدوات الممجوج عن الأدلة الكاذبة والتحريضية على مدى أشهر، تنطلق اليوم أحاديث مسمومة عما يليه من سيناريوهات، وبعد الخلطة العجيبة من التركيبات السياسية والمبادرات والأفكار المحمومة، يأتي اليوم الدور على التنفيذ الذي يترجم حرفياً أمر عمليات تصدره وتظهر ساعة الصفر فيه قنوات الفتنة، حيث يتلاقى ويتقاطع مع المشهد السياسي الغربي وبعض العربي في استهداف سورية. لا أحد ينكر أنّ الهزيمة السياسية والخيبة والفشل كلها عوامل تؤجج تلك الحالة الهستيرية غير المسبوقة، لكنها بالقدر ذاته لا تخفي أجندتها ولا تصعيدها المنتشي بهذا الانخراط العلني للأدوات قديمها وجديدها، والذي تسابق فيه الزمن ويتناغم مع مفردات تطغى على مسرح الحدث، بكل ما ينطوي عليه من تفخيخ للحقيقة وقلب لها وتطاول عليها.
ومن سخرية القدر أن تكون تلك الدول الراعية للإرهاب وأدواته والتي تقود هذه الحملة من التصعيد الإرهابي الدموي، هي من يمارس ذلك السعار في استهداف روسيا كما الصين اللتين كانتا على الدوام ترفضان أيّ تدخل في شؤون الدول وتقفان في وجه تلك المحاولات المحمومة.
ومن رداءة الزمن أن يتنطح أصحاب العباءات.. الطارئون ومن خلفهم والباحثون واللاهثون عن مكان في العربة الأميركية والإسرائيلية، فنرى هذا الفحيح السياسي والإعلامي وعملية الإقصاء للعقل والمنطق والخروج الفظ عن اللياقة السياسية والدبلوماسية والهبوط إلى درك جديد من الاستطالات المرضية والتورم الخطير في الأوهام.
لم يكن التجييش السياسي والإعلامي معزولاً عما يجري على الأرض من إرهاب، وثمة رابط غير سري و واضح لا ينكره مدبرو المخطط، بل بينهم من يجاهر به ويفاخر بما وصلت إليه مستويات الإرهاب، وهي تجمع ذلك الخليط العجيب من التنظيمات الإرهابية بدءاً من القاعدة وليس انتهاءً بما فرخته عباءات النفط من ظلامية وتكفيرية وأفكار سوداء هي ومريدوها من أصحاب الظاهرة الصوتية إلى القارة العجوز وقد زرعتها الغرف الاميركية والأصابع الإسرائيلية بما تريد.
تموج الحملة المنفلتة من عقالها لتطول كل شيء ، لم تترك موضعاً ولا منفذاً.. لم تستبعد مفردة ولا خطاباً تعبوياً مفرطاً في تطرفه.. لم تتردد في استخدام كل موبقات التجييش والتحريض..
ما جرى أمس في حلب، ليس خارج السياق، وإنما في إطار تصفية الحساب الذي تحدثت عنه أقلام مأجورة وأصوات عميلة مراراً وتكراراً، ساءها بل آلمها أن تكون حلب عصية على الاختراق، وأن تكون مع الوطن دون سواه، أن تكون هذا الجزء الغالي من الوطن كما سائر أجزائه.. أن تنطلق مع أبناء الوطن في وحدة وطنية أفشلت مؤامراتهم ومخططاتهم وقلبت معادلاتهم وحساباتهم الماضية والحاضرة والمستقبلية.
ندرك أنّ إرهابهم البغيض دليل إفلاس سياسي وفشل إعلامي وتحريضي، وندرك أيضا انه سيناريو بديل للتعويض، لكن ما لم يدركوه.. أنّ إرهابهم يزيدنا قوة.. يزيدنا إصراراً وتمسكاً بوحدتنا .. بمشروعنا الإصلاحي الذي يخيفهم أن ينطلق كما يؤلمهم أنّ تنجح سورية في العبور إلى المستقبل لتكون كما يريدها السوريون .. سورية المتجددة، فيما تلك الأدوات الصنيعة والمأجورة تجتر قرون التكفير والظلامية وتنشد الخلاص مع بدائية سياسية عفّى عليها الزمن.