سوريّة ليست لتقاسم النفوذ..!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم:
لا يخرج الحديث الأميركي المسرّب من تصريحات منسوبة للرئيس أوباما حول تقاسم النفوذ في سورية عن نطاق المداورة المعتمدة بشكلها السمج في السياسة الأميركية، التي لا تكاد تفلس من خيار، حتى تطرح آخر، وإن كان في أغلب الأحيان أسوأ من سابقيه، وأكثر مدعاة للرفض وربما أكثر عرضة للفشل، بل ويمكن الجزم أنه أشد فجاجة.

من خيار الاعتماد المباشر والتوكيل المنصوص عليه في أمر العمليات الأميركي لدول إقليمية، بدءاً من قطر والسعودية وليس انتهاء بتركيا والأردن وصولاً إلى «إسرائيل»، إلى خيار المناطق العازلة، مروراً بمحاولة تفجير الطاولة السياسية في جنيف، وفي النهاية هذه البدعة القادمة على لسان الأميركيين، وجميعها كان القاسم المشترك فيها هو الإرهاب، والحامل الأساسي لها ولوجودها ولحضورها الإرهابيون الذين يشكلون حجر الرحى في كل الطرح الأميركي.‏

والمقاربة لا تختلف في شيء، حيث كان عجز أميركا عن تسليم الإرهابيين لزمام الأمور في سورية أو الفشل في اقتناص السلطة وإجلاسهم على مقاعدها، دافعاً للبحث في البدائل التي لا تختلف في الأجندة والهدف النهائي، لكنها ربما تتباين في مساحة ومدى الخطة المعتمدة، حيث يتنازل الأميركيون عن الهيمنة على كامل سورية إلى القبول بتقاسم النفوذ على بعضها، والذي سيؤول وفق المنطق الأميركي إلى الإرهابيين، ومسرحاً لحضور مموّليهم ورعاتهم وحاضنيهم.‏

المفارقة ليست في وقاحة الطرح وما يسهب به من لغو فحسب، ولا هي في ملامح الفشل الذي ينتظره كغيره، لكن في الأبعاد السياسية التي يحملها، والمخاطر التي ينطوي عليها، حيث يتضح من التسريب، حتى لو تم نفيه لاحقاً أو استبعاده من أجندة الدبلوماسية الأميركية العلنية، أن أميركا تريد أن تعوّض فشلها النهائي بمكسب آني أو مرحلي، وهي لا تريد لهذه الحرب أن تنتهي، ولا تعمل على وضع حدّ لها، حتى لو أعلن أوباما قلقه الشهير، بقدر ما تبحث عن طرق استمرارها، والآليات الكفيلة ببقاء النار مشتعلة إلى إشعار آخر.‏

كل هذا يقود إلى الجزم بأن كل ما قيل عن عدم جدية الأميركي وعن عدم نضوجه لحلّ سياسي حقيقي يستجيب لتطلعات السوريين هو أمر واقع وفعلي، بدليل أن كل ما تطرحه أميركا وما تبحث عنه، لا يعدو كونه محاولة ترقيع هنا أو ترميم هناك، وجميعها تقود إلى الخلاصة ذاتها بأن خيارها لا يزال يعوّل على الإرهاب، وأن الوكالة الممنوحة لأدواتها في المنطقة بإدارة الحرب لم تنتهِ صلاحيتها، وأن أمامها مع إرهابييها ومرتزقتها فرصة إضافية لمزيد من القتل والخراب والدمار، وأن الحديث عن انحسار داعش لا يعني انحسار الإرهاب، والاعتراف بتراجع نفوذ بعض التنظيمات الإرهابية لا يؤكد انخفاض مستوى الحضور الإرهابي الذي يتشكل ويتزايد داخل تنظيمات، وإن أخذت تسميات غير تلك المعتمدة في لائحة «القاعدة» أو «داعش».‏

الاجترار الأميركي في طرح خيارات وبدائل عقيمة يعيد رسم إحداثيات السياسة الدولية في لعبة حرق الأوراق واستبدالها وفق تطورات الأحداث، خصوصاً حين تترافق بتصعيد سياسي وميداني، لا يخلو من مؤشرات واضحة على اللعب بشد الحبال على حافة الإفلاس، بحيث تكون الخيارات مفتوحة على احتمالات شتّى، لكنها جميعها تصطدم بعقلية توغل في اعتماد التسخين كحلول موضعية وأحياناً جراحية لحالة العقم في المشروع الغربي والعجز الواضح لدى أدواته الإقليمية، التي تتقاسم اليوم تأزمها في مشاكلها المزمنة التي تطفو على السطح إلى حد التخمة.‏

ما فات الأميركيين هذه المرة هو ذاته الذي فاتهم في الماضي، ولم تنفع معه محاولات الاستدراك المتأخرة كثيراً، والتي لم تُجدِ يوماً ولن تُجدي، وهو أن سورية كما لم تكن قابلة للتقسيم في الماضي.. لن تكون في الحاضر أو المستقبل، وغير ممكن ولا هي متاحة للترويض، حتى لو كان أو جاء على يد أبشع إرهاب عرفته البشرية في تاريخها القديم والحديث، هي ذاتها التي لا يمكن أن تكون موضعاً أو موقعاً أو دوراً لتقاسم النفوذ.‏

وسورية التي أفشلت ذلك المشروع الإرهابي الخطير، وأفشلت معه مشروعاً غربياً، ولو كان بأيدٍ إقليمية موكلة بأدوارها ووجودها الوظيفي، ولم تكن الأصابع الإسرائيلية خارجه، قد وضعت حدوداً فاصلة بين حقب الهيمنة الغربية وأطوارها، ورسخت معالم بزوغ عالم متعدد الأقطاب، ينهي عهد الأحادية القطبية.‏

وسورية التي مانعت، وقاومت، وتصدَّت، وضحَّت، وقدَّمت، وصمدت بإرادة شعبها وجيشها وقيادتها، ستُفشل ما يأتي بعده، وكما اعترفوا بعجزهم عن تمرير مخططهم في الماضي، سيعترفون ولو بعد حين بأنها ليست لتقاسم النفوذ، ولا هي موضع للنقاش فيه أو حوله، سواء جاء عبر تسريب، أم كان لسان حال الأميركي في أشهُر العرَج السياسي.. !!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين