ثورة أون لاين – أحمد ضوا : لم تتصرف حكومة أردوغان العثمانية وفق قواعد حسن الجوار بين الدول في تعاملها مع حادث بلدة «اكجاكالي» القريبة من الحدود السورية التركية، والذي أدى إلى استشهاد خمسة مدنيين أتراك،
واتخذت منذ اللحظة الأولى للحادث المؤسف عدة إجراءات عدائية في محاولة منها لجر الشعب التركي الصديق إلى مزالق سياسية جديدة لا تخدم على المديين القريب والبعيد مصالحه والأمن والاستقرار في المنطقة.
إن المتعارف عليه على المستوى الدولي في مثل هذه الحالات أن يكون مبدأ حسن الجوار هو القاعدة الأساسية لفهم الواقع وتحديد الأبعاد وحل الإشكال بين الدولتين، وخاصة في حالة عدم وجود نزاع حدودي أو حالة عدائية بين الدولتين، ولكن حكومة حزب العدالة والتنمية -وليس الشعب والدولة التركية- سرعان ما وجدت في الحادثة فرصة للاستثمار في عدة اتجاهات داخلية وإقليمية ودولية، وهذا ما أثار العديد من الأسئلة والاستفسارات حتى من الدول التي تقف في الصف الداعم للحكومة التركية.
والسؤال هنا الذي يجب طرحه باستمرار وعلى الدوام على آذان حكومة أردوغان وما يسمونه «مجلس الأمن»: ماذا عن انخراط هذه الحكومة في تمويل وتدريب وتمرير الإرهابيين عبر الحدود إلى سورية والذين تسببوا حتى الآن بسقوط آلاف الضحايا من المدنيين السوريين؟
وكذلك الأمر، ماذا عن القصف اليومي التركي لمناطق شمال العراق بكل صنوف الأسلحة، وعلى رأسها طائرات «إف 16» الأميركية؟
إن المقارنة بين حادث بلدة «اكجاكالي» وما تقوم به حكومة أردوغان تجاه دول الجوار غير جائزة على الإطلاق, فالأول عرضي ووحيد منذ عشرات السنين بينما الاعتداءات التركية المباشرة وغير المباشرة على العراق وسورية لها طبيعة استمرارية في الحالة العراقية، وهي منذ سنة ونصف السنة تجاه سورية ومع ذلك لم يتحرك مجلس الأمن وكأن شيئاً لم يحدث، وذلك مثال صارخ لسياسة الكيل بمكيالين المتبعة في المنابر الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن.
لقد كان من المفترض أن تسأل الحكومة التركية التي سرعان ما اتهمت الحكومة السورية بالحادث رغم الانتشار الواسع للمجموعات الإرهابية على طرفي الحدود التي تلقى التسهيلات من هذه الحكومة: ما الفائدة التي ستجنيها سورية من ذلك وخاصة أن الشعب التركي الصديق بقي يعبر في العديد من المناسبات عن رفضه لسياسة حكومة حزب العدالة والتنمية العدائية تجاه الشعب السوري؟
إن تسرع وزير خارجية أردوغان في أحكامه ومحاولته تصوير الحادث على أنه عدائي وممارسته «بربوغندا» على طريقة الجزيرة كشف حقيقة محاولة حكومته استثمار الدماء الزكية الطاهرة التي نزفت من جراء الحادث «العرضي» لتحقيق أجندة سياسية دنيئة وفي مقدمتها بث حالة من التوتر والعدائية بين الشعبين الصديقين ولكن هذه المحاولات فشلت وكشف الشعب التركي الصديق الغايات والأهداف التي تسعى وراءها حكومة أردوغان، وبشائر الأدلة على ذلك كانت المظاهرت التي خرجت في اسطنبول وأنقرة رفضاً لمحاولات حكومة حزب العدالة والتنمية جر هذا الشعب إلى تأييد سياستها العدائية تجاه سورية.
ما يحز في النفس ويعزز القناعة بأن حكومة أردوغان ضربت عرض الحائط بكل قواعد حسن الجوار والصداقة والأخوة بين الشعبين السوري والتركي، ولم تترك أي فسحة للأمل لإعادة التموضع هو إيعازها لقواتها بقصف مناطق حدودية سورية لا يوجد فيها سوى مواطنين عزل، وذلك في حالة لم يسبقها إليها إلا كيان الاحتلال الإسرائيلي المغتصب للأرض العربية.
لقد أخفقت أذرع أردوغان وحكومته في تحقيق أي شيء من الهستيريا السياسية التي أعقبت حادث «أكجاكالي» وخاصة على مستوى الداخل التركي، أما على الصعيد الخارجي فلا نعتقد أن أردوغان فرح جداً بإدانة مجلس الأمن لسورية بخصوص الحادث، وخاصة أن رياح هذا المنبر الدولي لم تتوافق مع رياح أردوغان.
إن أعظم رد صدر على ما فعلته حكومة أردوغان عقب حادث «أكجاكالي» هو قول أحد المواطنين الأتراك الذي شارك في مظاهرة اسطنبول متسائلاً: لماذا لم يقصف أردوغان تل أبيب عقب العدوان على سفينة مرمرة؟