أميركا تعيد جدولة أكاذيبها

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
بعد أخذ ورد استغرق وقتاً محسوباً على لائحة تقطيع الوقت، تعيد الإدارة الأميركية جدولة أكاذيبها السابقة بعد أن نفد ما لديها من رصيد بما فيه الاحتياطي. حيث التسريبات والاشتراطات لا تتعلق فقط بما يدور في أروقة البحث عن ذرائع،

بل تتعداه إلى طرح أحجيات وألغاز لا علاقة لها بأي اتفاق يمكن أن يحصل، سواء كان الآن أم في زمن لاحق.‏

والجدولة هنا لا تقتصر على الأكاذيب، بل تنسحب على مختلف جوانب التعاطي الأميركي مع مجريات الأحداث وتطوراتها، بما فيها تلك التي كانت تروّج للجهود الأميركية بالبحث عن حلول لمشكلات المنطقة وقضاياها، كما هي بالنسبة لادعاءاتها الزائفة حول مكافحة الإرهاب، حيث التعاطي الأميركي مع مجرياته يكشف سيلاً لا ينتهي من التزييف السياسي والاستخباراتي والإعلامي، بما فيه ما تم الكشف عنه مؤخراً من استخدام الصحافة وتقاريرها وبعض مراسليها للتجسس تارة، ولخدمة التنظيمات الإرهابية تارة أخرى.‏

وتأتي الذرائع الأميركية لتبرير الفشل في التوصل إلى اتفاق مع الروسي قرينة إضافية على شروعها العملي بإعادة جدولة أكاذيبها المتعددة، بعد أن وصلت الأمور بها إلى الخلط بين الشروط التعجيزية التي تعبر عن تمنياتها وتخيلاتها، والافتراضات التي تحكم الكثير من تفاصيل السلوك الأميركي، خصوصاً ما يتعلق بالتسريبات التي بدت أقرب إلى مفخخات مسبقة تهدف إلى نسف أي اتفاق يمكن أن يحصل، والدليل على ذلك ما جرى خلال اليومين الماضيين، حين بدت الإشارات الأميركية والإيحاءات المنتظرة منها انعكاساً لواقع الرغبة في تعطيل أي اتفاق، والدفع بالجهود نحو حالة استعصاء تعيد الأمور إلى المربع الأول.‏

اللافت أن سلسلة الأكاذيب التي تريد أميركا تعويمها تتفوق من حيث الكم والنوع على تلك التي سبق لها أن أحالتها إلى التقاعد أو أجلت النفخ في قربتها المثقوبة، وبالتالي نحن أمام مشاهد متعددة المستويات تتحرك وفق مقاييس ومعايير يغلب عليها طابع التصنيف القسري لفهم أحجيات أميركية، غالباً ما تتحدث عن ترويج مخادع يبتعد عن الحقيقة، فبعد أن أعلنت واشنطن تسريباً عن فشل لقاء لافروف كيري في التوصل إلى اتفاق، عادت إلى القول بأن الخلافات ذات طابع تقني، بينما كانت تفصح في الوقت ذاته عن جولة لقاء إضافي يزيد من رصيدها القياسي الذي يفاخر به كيري.‏

المفارقة أن المسألة لا تتعلق بعدد اللقاءات بقدر ما ترتبطُ بما ينتج عنها، وإذا ما أخذنا ما تحقق وقسَّطناه على عدد اللقاءات، فالحصيلة ليست لمصلحة الوزير كيري ودبلوماسيته، وهي تعكس فشلاً أو في الحد الأدنى تسويفاً أميركياً اعتادته تلك الدبلوماسية، لكن إذا ما قيست على عدد الأكاذيب الأميركية التي سبقت تلك اللقاءات أو أعقبتها وحتى تلك التي تخللتها، فإن الرقم القياسي غير المسبوق يكمن في عدد تلك الأكاذيب.. وحجمها: الصغير منها والكبير والمتوسط، وليس في اللقاءات ذاتها، والأمر ينسحب بالقدر نفسه على كثير مما يثار في سياق التسريبات والتسريبات المضادة وحالة النفي والنفي المعاكس.‏

والمعضلة ليست فقط فيما تريد أميركا جدولته وإنما في سيل لا ينتهي وشهية مفتوحة على مصراعيها لإضافة المزيد من الأكاذيب التي لا حصر لها، حتى فيما يتعلق بمضمون ما يجري حيث ما يكذبه الأميركي قبل اللقاء غير ذاك الذي يأتي بعده، من دون أن يعني ذلك ايضا أنه لا يعيد الاجترار في الكذبة نفسها مراراً وتكراراً، فالحديث عن نقاط اتفاق وشروط وضعتها واشنطن، سواء قبلت بها روسيا أم لم تقبل، ولن تقبل، فإنها بالأساس غير قابلة للتنفيذ، ولا يمكن أن تنفذ تحت أي ظرف باعتبارها تمثل انتهاكا واضحاً للمسلمات البديهية، والأهم محاولة لفرض رؤية الإرهابيين، وهو ما يستحيل القبول به سواء جاء تحت بند اتفاق أو تفاهم أو أي صيغة كانت.‏

المحسوم أن الكذب الأميركي مستمر من دون توقف، سواء في سياق إعادة جدولته أم كان في إطار الاجترار بما سبق وما قد يلحق به، ولا يزال حتى اللحظة يتذاكى لبعض الوقت وهو ينسى الكثير مما كذبه في الماضي أو يتناسى، متجاهلاً حقيقة أن أكاذيبه لن ينساها العالم، وإن مرت على بعض المغفلين أو المجبرين على التغافل فلن تمر على سواهم، حيث لا موقع لها أو مكان يمكن أن تستقر به، مهما طال العبث الأميركي، أو تلكأ في إحصاء أكاذيبه.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
كيف يواجه المواطن في حلب غلاء المعيشة؟ إزالة أنقاض في حي جوبر بدمشق ريف دمشق: تأهيل ٩ مراكز صحية.. وتزويد ثلاثة بالطاقة الشمسية جامعة دمشق تتقدم ٢٤٠ مرتبة في التصنيف العالمي إطلاق القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة ما هي أبرز قراراته المثيرة للجدل؟ شعبية ترامب تتراجع بعد مئة يوم على توليه منصبه  الأمم المتحدة تدعو لرفع العقوبات والاستثمار في سوريا الأوروبي" يواجه تحديات خارجية وداخلية.. فهل يتجاوزها ويصل إلى الحالة "التكاملية"؟ إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس