الإسمنت.. انخفاض الإنتاج السنوي من 5 إلى 2٫5 مليون طن.. وخروج 3 شركات من دورة الإنتاج بسبب الأعمال الإرهابية
ثورة أون لاين:
تعرضت صناعة الإسمنت كغيرها من الصناعات للتخريب والدمار وخرج العديد من منشآتها العامة والخاصة من دورة الإنتاج نتيجة الأعمال الإرهابية والتخريبية إضافة إلى سرقتها والسطو عليها ما أدى إلى انخفاض كميات الإنتاج إلى النصف
حيث كان الإنتاج قبل الحرب الإرهابية حسب مصادر اتحاد العمال ما يقارب /5/ ملايين طن سنوياً بينما انخفض حالياً إلى النصف.
تؤكد المصادر ذاتها أن الحاجة قبل الأزمة لهذه المادة تصل إلى /30/ مليون طن سنوياً والفارق يؤمن استيراداً ما يكلف الاقتصاد قطعاً أجنبياً إضافياً.
وزارة الصناعة كانت قدرت حجم الكميات التي تحتاجها السوق المحلية في مرحلة إعادة الإعمار بـ 35 مليون طن إلى 40 مليون طن من الإسمنت سنوياً في حين أن إجمالي إنتاجها الحالي لا يتجاوز عشرة ملايين طن سنوياً ما يتطلب دخول استثمارات إلى هذه الصناعة والصناعات المرتبطة بها لتأمين الاحتياجات بدلاً من الاستيراد.
استثمار محدود
هذا الواقع الصعب لمعامل الإسمنت لم يدفع وزارة الصناعة للأخذ بالحسبان زيادة مخصصات الإنفاق الاستثماري لتطوير القطاع، وتؤكد مصادر الوزارة رفع حصة الإنفاق من 167 مليون ليرة عام 2014، إلى 357 مليون ليرة في 2015 فقط وهذا الارتفاع لا تتعدى نسبته 0,3 بالألف من الإنفاق الحكومي لعام 2015، وهذا المبلغ مؤمن من فوائض الشركات فقط، ولا يوجد جانب دعم رسمي إضافي.
علماً أن هذه السياسة الاستثمارية التقشفية لا تتناسب مع مرحلة إعادة الإعمار التي تتطلب ملايين الأطنان من الإسمنت وتتطلب توسعاً أفقياً في استثمارات صناعته لتغطية حاجة السوق.
دور المؤسسة
هذه المعطيات دعت للاستفسار عن دور المؤسسة العامة للإسمنت في هذه المرحلة والمرحلة القادمة وإمكانية النهوض بواقع صناعة الإسمنت ومواجهة التحديات والظروف السائدة للخروج منها وزيادة إنتاج معاملها لتغطية مرحلة إعادة الإعمار.
المدير العام للمؤسسة محسن عبيدو قال: انعكست على المؤسسة الآثار السلبية للازمة باتجاهين: الأول خروج ثلاث شركات من العملية الإنتاجية في العام 2012 في حلب والرستن بسبب العمليات الإرهابية في مناطق تواجدها والتي كانت تمثل كطاقة إنتاجية نسبة تتراوح بين 30 إلى 35 %.
والاتجاه الآخر ظهور صعوبات تجلت في بداية الحرب المفروضة علينا إذ لم تتمكن شركاتنا من تأمين مستلزمات العملية الإنتاجية من الشركات الصانعة والمختصة نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد وخروج مقالع بعض المواد الداخلة في العملية الإنتاجية عن الخدمة مثل البوزو لانا – الرمل وارتفاع تكاليف نقلها وتوقف بعض خطوط الإنتاج للشركات العاملة خلال سنوات الحرب لانخفاض توريدات مادة الفيول وتوقف خطوط الإنتاج بشكل متقطع ومتكرر بسبب انقطاعات التيار الكهربائي على مدار اليوم الواحد بالاضافة إلى تأثير التوقفات بشكل عام على الحالة الفنية والإنتاجية لخطوط الإنتاج وتسببها في عدم استقرار العملية الإنتاجية.
وبالتالي الحاجة الدائمة لإجراء صيانات لهذه الخطوط والحاجة لاستهلاكات أكثر لمستلزمات العملية الإنتاجية من قطع تبديل وآجر وغيرها وصولاً إلى زيادة تكاليف المنتج بالتوازي مع ارتفاع أسعار حوامل الطاقة (الفيول – الكهرباء) وانعكاسها على المنتج كونها تمثل أكثر من 50 % من التكلفة.
عجلة الإنتاج تدور
وبينت إدارة المؤسسة أنه رغم كل هذا الواقع وتلك الصعوبات المفروضة ما زالت تعمل وتؤمن مستلزمات العملية الإنتاجية كما تسعى مع شركاتها التابعة وبتضافر جهود كافة العمال من فنيين وإنتاجيين وإدارة لتذليل الصعوبات والتغلب عليها وتخفيض تكاليف المنتج ومتابعة إجراء الصيانات اللازمة لخطوط الإنتاج ضماناً لاستمرار العملية الإنتاجية لتأمين مادة الإسمنت وتوفيرها في الأسواق المحلية.
وحول أهم العوامل التي أدت إلى هذا التراجع بينت الإدارة أنه عموماً لا يوجد تراجع في عمل الشركات التابعة العاملة حالياً ولا في تحقيق خططها الإنتاجية وخاصة في العامين الماضيين، فقط في العام 2014 خرجت شركة عدرا عن الخدمة مدة عام كامل بسبب أحداث عدرا العمالية، وفي شركة طرطوس تردي الحالة الفنية للخطوط الإنتاجية للشركة من نهاية العام 2011 وحتى العام 2014 مع الملاحظ أن طاقة المؤسسة العامة الإجمالية انحصرت في مجموع ما تنتجه الشركات العاملة الثلاث فقط وخروج كل من الشركة /العربية حلب – الشهباء حلب -الرستن/ عن الخدمة.
حاجة السوق
وحول تأثير خروج العديد من شركات القطاع الخاص من الخدمة أوضح مدير عام مؤسسة الإسمنت أن معامل القطاع الخاص هي شركة لافارج في ريف حلب خرجت من الخدمة في نهاية العام 2012 وشركة البادية التي خرجت في الربع الأول من العام الحالي 2016 ولفترة صغيرة وعادت إلى عملها وتسوق إنتاجها بينما شركاتنا التي خرجت من الخدمة خرجت خلال عام 2012 ومع ذلك فإن كميات الإسمنت المنتجة من قبل شركاتنا تسوق بشكل جيد قبل خروج شركات القطاع الخاص من الخدمة وحالياً كميات الإنتاج المطروحة تغطي حاجة السوق.
رفع الطاقة الإنتاجية
لكن هناك توقف لعملية تحديث خط الإنتاج الثالث في إسمنت عدرا، تجيب إدارة المؤسسة: عملية التطوير في شركة عدرا بدأت عام 2000 حيث تم توقيع العقود بهدف رفع الطاقة الإنتاجية وتم توريد القطع التبديلية وتركيب بعضها على الخط الإنتاجي الأول والثاني من خلال الخبرات الفنية في الشركة فيما توقف تنفيذ تطوير الخط الثالث لعدم حضور خبراء شركة اوستر بلان النمساوية نتيجة الظروف السائدة.
ولضرورة متابعة العمل على رفع طاقتها الإنتاجية واستناداً إلى موافقة رئاسة مجلس الوزراء بكتابها رقم 16583/1 تاريخ 19/10/2015 أبرمت الشركة مع شركة محلية عقدا لتأهيل وتطوير الخطوط الإنتاجية الثلاثة لديها لرفع الطاقة الإنتاجية لخطوط الإنتاج من 800 طن إلى 1250 طن كلينكر للخط الواحد إلا أن العقد لم يدخل حيز النفاذ بسبب عدم تمكن الشركة المتعاقد معها لغاية تاريخه من تسديد الكفالة اللازمة بالقطع الأجنبي نتيجة امتناع المصارف عن إصدار الكفالة المطلوبة بسبب الحصار المفروض عليها، وأن الوضع الفني والإنتاجي في المعمل بخير وتحقق الشركة خططها الإنتاجية بنسب جيدة.
إسمنت طرطوس
وبخصوص عملية تحديث شركة إسمنت طرطوس فإنها تعود إلى العام 2008 حيث تم إبرام عقد برقم 26/2008 بين إدارة الشركة ونفس الشركة المحلية بهدف تطوير خطوط الإنتاج الأربعة لرفع الطاقة الإنتاجية حيث تم بموجبه توريد وتركيب منشأة ساحة التجانس بنسبة 90% وتوريد بعض تجهيزات الفلاتر وتوقف تنفيذ العقد المذكور بسبب الظروف الراهنة.
وقالت إدارة المؤسسة: استناداً إلى موافقة مجلس الوزراء بكتابها رقم 7124/1 تاريخ 30/4/2014 بإعادة التوازن للعقد المذكور تم إبرام ملحق عقد رقم /2/ لعام 2014 بين إدارة إسمنت طرطوس والشركة المحلية بهدف متابعة تنفيذ العقد وقد تم دخول العقد وملحقه حيز النفاذ بتاريخ 1/2/2016.
الإنتاجية
وعن الخطة الإنتاجية التي وصلت إليها شركتا طرطوس وعدرا بعد التطوير الجزئي أوضحت إدارة المؤسسة أنه في إسمنت طرطوس كانت الطاقة الفعلية قبل البدء بالتنفيذ 570072 خلال العام 2015 والطاقة الفعلية بعد التنفيذ 635557 طناً لغاية آب 2016 علماً أن تاريخ نفاذ العقد 1/2/2016.
أما في شركة إسمنت عدرا لم يتم تنفيذ العقد لغاية تاريخه، وبلغت كميات الإنتاج خلال العام الحالي /377395/ طناً.
وبالنسبة للخطة الإنتاجية لغاية الشهر الماضي وما مبيعاتها والأرباح المقدرة؟ أشار المدير العام إلى أنها بلغت 1788441 طناً وبنسبة تنفيذ 88% والمبيعات 1294213 طناً وقيمتها 9,663 مليارات والأرباح المقدرة 14,679 مليار ليرة للعام 2016.
الواقع القائم
وحول النهوض بالواقع الإنتاجي ومصير المعامل التي خرجت من الخدمة خلال الحرب الإرهابية المفروضة علينا قال المدير العام: في العمل المؤسساتي لا يدخل تغير وتبدل الأشخاص في صلب العمل إلا من خلال الدور في تفعيل المفاصل واستثمار الطاقات والقدرة على تقييم الموقف واتخاذ القرار المناسب وفق الصلاحيات والتفويضات الممنوحة لمجلس الإدارة والقوانين والأنظمة الناظمة حيث نص القانون رقم /2/ لعام 2005 بأن (مجلس الإدارة هو السلطة المختصة برسم السياسة التي تسير عليها المؤسسة لتحقيق الغرض الذي قامت من أجله… وذلك وفق سياسة الدولة وخططها العامة وتم تفعيل دورها في زيادة الإشراف على الشركات التابعة ومتابعة تنفيذ خططها الإنتاجية والاستثمارية واليد العاملة والصيانة والاطلاع ميدانياً على واقع العمل وصعوباته ومساعدتها في تذليل المعوقات التي تعترض عملها وتشجيع إداراتها لتحمل مسؤولياتها واتخاذ القرارات التي تمكنها من تحقيق خططها الإنتاجية الأمر الذي انعكس مرونة وتحسناً في الأداء ومكن من تفعيل بعض الأقسام المهمة التي كانت مهملة مثل المشاغل الميكانيكية لتلبية جزء من حاجاتها وبالخيرات الفنية الموجودة الأمر الذي وفر الكثير من المال والقطع الأجنبي كما تم ترميم وتأهيل مدحرجات الأفران وروترات الكسارات ذات الأوزان الكبيرة في شركة طرطوس وقص وتركيب رأس مطحنة المواد ولف وتصنيع حلقات أسطوانية للفرن في إسمنت عدرا وتجهيز وتركيب بنكر احتياطي لتجريع الحجر الكلسي من المقلع وإلى خط الإنتاج بشكل مباشر في الشركة السورية علماً أن هذه الأعمال كانت تقوم بها شركات مختصة وذات تكلفة عالية.
رؤية مستقبلية
وبخصوص الرؤية المستقبلية للمؤسسة قالت الإدارة تتضمن على صعيد الشركات خارج الخدمة، وبعد إعادة الأمن والاستقرار إلى مواقعها سيتم تقييم الوضع الفني والإنتاجي للخطوط الإنتاجية ووضع الآليات وأولويات إعادة التأهيل والترميم وصولاً إلى البدء بتشغيلها تباعاً، علماً أن شركة إسمنت عدرا خرجت من الخدمة لمدة عام كامل خلال العام 2014 وفور إعادة الأمن إلى منطقة ومحيط وجود الشركة تم إعادتها للعمل خلال فترة وجيزة بتضافر جميع المعنيين في الشركة والمؤسسة والوزارة.
وعلى الصعيد الاستراتيجي إعادة تأهيل الخطوط الإنتاجية في شركات الإسمنت التي تجاوز عمرها الزمني أكثر من 35 سنة بتحديثها وإطالة عمرها التشغيلي لرفع الطاقات الإنتاجية وخفض تكاليف الإنتاج وبشكل خاص تكاليف الطاقة (الفيول + الكهرباء) التي تشكل أكثر من 50% من تكاليف الإنتاج للوصول قدر الإمكان إلى الاستهلاكات العالمية للطاقة نظراً للمنافسة المتوقعة في الأعوام القادمة من قبل شركات الإسمنت الخاصة التي تعتمد الفحم الحجري في إنتاجها وتحسين الظروف البيئية وتخفيض الهدر بالمواد نتيجة الاستفادة من الغبار المنطلق مع الغازات الخارجة وإعادته إلى دارة الإنتاج وإعادة التأهيل دون تحميل خزينة الدولة أي تكاليف استثمارية لهذا التطوير بحيث تتحمل الجهة المطورة كافة التكاليف الاستثمارية لعمليات التوريد والتركيب والإشراف على التشغيل والتدريب مقابل حصولها على جزء من الإنتاج المضاف لاستعادة استثماراتها خلال مدة زمنية محدودة يتفق عليها.
وتفعيل التنسيق مع القطاع الخاص في مجال صناعة الإسمنت للمحافظة على استقرار السوق وعدم الاحتكار وإقامة مشاريع حديثة للإنتاج (وحدات طحن لإنتاج إسمنت النانو) في كل من الشركة السورية وإسمنت عدرا، والبحث في استخدام الطاقات البديلة مثل الفحم الحجري والنفايات الصلبة ومادة المرفوضات وإنشاء معامل إنتاج بلوك خلوي ومجابل خرسانة إسمنتية في كافة المعامل للمساهمة في مرحلة إعادة الاعمار.
عن صحيفة الثورة