ثورة أون لاين: تغيب القضية الفلسطينية عن البيانات الانتخابية والحياة السياسية للأحزاب (الإسرائيلية) الصهيونية داخل الأرض المحتلة… هذه الأيام وهي تستعد لدورة انتخابية برلمانية جديدة.
ولم لا… وهي ما عادت تعني الكثيرين من أهلها (الأصليين) الذين يتسلمون زمام من لا يفرطون بها.. فقراء شعبها الذي يحتاج أن يتنفس الحرية على أرضه.. وذاك الذي يحلم رغم كل ما يمكن أن ناله على غير ترابها من مكانة ورفاهية وقد يكون عيشاً رغيداً لكنه ما زال يحلم بالبيت الذي أورثه أبواه مفتاحه الذي علقته أمه برقبتها عند الرحيل على أمل العودة بعد زمن قصير قد لا يجاوز الأيام إلى شهور… لكن طالت السنون..
لم لا تشطب القضية الفلسطينية من أوراق اعتمادهم لحياة سياسية جديدة وهم يرون حماة القضية من الدول العربية قد نجح فيهم الفعل النيراني لتتلهى كل دولة في مشاكلها على ساحتها وقد أغرقها طوفان الربيع العربي كما كان الفرات يُغرِقُ المساحات الخضراء عندما يفيض في نهايات الربيع قبل سد الفرات فيجرف الزرع والضرع ويبتلع القرابين البشرية في هديره ومسيره.
متى يمكننا وضع سد لوقف طوفان الدماء نتاج الربيع العربي…
لم يضع الصهاينة أو حتى اليهود قضية فلسطين في جداول أعمالهم الانتخابية وما عاد للقضية من حامٍ أو محامٍ إلا فرادى. وقد أهدى البعض أصولهم وترابهم (لكيان سرطاني) أرضاً وقضية، بعيداً عن طفولته وجذره، أتراه يمتلك هذا الحق… متخلياً عنها وما عاد له من حلم في الوصول إلا النظر من بعيد والتلويح بيد لا تحمل منديلاً لزمن مضى وكأن الفاصل بينهما قرون ودهور…
الوطن ملك جميع أهله فمن يملك حق التفريط فيه مهما كانت قيمته الزمانية أو المكانية.
إن لم يبك الصغير ويصرخ قد لا ترضعه أمه وهي تغرق في أعمالها، إلا أن صوته هو المنبه لها أن الزمن عليه أن يتوقف لصالحه ولو لدقائق ينال فيها حقه لاستمرار الحياة في حالة صراع لأجل البقاء، وكلٌّ صراعه على قياس عمره الزمني وقدرته البنيوية..
إن المؤامرة التي استخفّ الكثيرون من مفردتها عندما أعلنتها سورية تجلت حقيقة وواقعاً ليس على الأرض السورية وحدها بل وعلى كل الأرض العربية. إِنْ في سرقة الثورة على هذه الساحة أو تلك، أو لتدمير دول أصبحت تقترب من صفوف الأقوياء أو تزاحم أكتافها وخطواتها من اصطفوا على الأقل في خط النهاية بين عالم التقدم والنهضة…
فكان لابد من السعي لتحطيمها بحجة الحرية والديموقراطية والترويج لهما بين صفوف أهلها في استغلال أخطاء كان يمكن تجاوزها بالحكمة والعمل لصالح الوطن وبتعاون كل أبنائه… ولكن هذا لا يوافق أهواء أعدائها فكان لابد من كسر عصا المناهضة لرفع عصا الطاعة أو الإغراق في الدم والخراب… وابتدأ الارهاب من العراق لتنتشر رائحة الدم عبرها بنزيز الشرايين العربية في جميع أرجاء الوطن. واستغلال أدوات العولمة لإسعار النار وتأجيج النفوس تأكيداً لمقولة الأجداد (القدر من نار وبني آدم من كلام) هكذا يكون الغليان.
وبالوصل بين الإعلام المأجور في الداخل والمضلِّل من الخارج في الترويج لأنباء الكذب وأخبار الضلالة.. تزداد النار اضطراماً.. وتشتعل الأرض العربية لتستعر (ناراً في هشيم) منقولة بأفواه العصافير من مستصغر الشرر… ما أصعب الزمن عندما تقفر الحقول وتصبح القوة هشيماً تنال منه شرارة…
وها هي تبدأ بالتنقل لتصل إلى أرض ذات الذين عملوا على إشعالها في سورية وباقي الدول العربية فهي بدأت تطال أطراف العباءات والأثواب رغم شرائهم صمت شعوبهم بالبترودولار لكنها العدوى التي لا بد منها لتنال ممن سخّروا مالهم للإجهاز على المقاومة والدول الحاضنة والمقاوِمَة، حتى وإن كانت فعلاً شعبياً لا قيادياً؛ كما الدول التي صالحت دبلوماسياً لكنها رافضة للتطبيع شعبياً ولا سبيل لتحقيق مآرب العدو. إن عدونا التاريخي والذي يحتسي أنخاب نصره من دمائنا في كل الأرض العربية يلوح اليوم ببدايات نصره (حسب ظنه) في معركته المأجورة بيد البعض من ذات البين في تصريح واضح للعيان بحجة عدم جدية الحل السلمي والسبيل إليه.. وذلك ليس بالتغاضي عن طرح القضية الفلسطينية في طيات الحياة الانتخابية لدى أحزاب العدو بل بالإجهار على شطب هذا البند من بياناتهم والدلالة واضحة على الوجوه وفي نبرات الصوت وما بين السطور… للمرشحين.. والذي نال استحساناً من الناخبين الصهاينة… والمتكؤ في ذلك هو إضعاف دول الطوق ومتابعة إضعاف سورية لأنها آخر قلاع المقاومة في وجههم البغيض وخروج كثير من الدول العربية إلى مساحات بعيدة عن الحق الفلسطيني وأحياناً إسقاطه من المفردات السياسية في حياتها اهتماماً بالقطر أولاً وثانياً وعاشراً.. بل أكثر من ذلك في الذهاب إلى حفظ المواثيق مع العدو وتفعيل ما صدأ منها. والأنكى من ذلك زيادة التضييق الاقتصادي على سورية وشعبها وإنعاش الاقتصاد الصهيوني بالسياحة الخليجية الرفيعة المستوى السخية الصرفيات.
هل لنا أن نستفيق ونعي أين نحن من أعدائنا… وأين هم منا…
وإلى أين يستدير البترودولار.
ما كان عدونا بالقوة المرهبة يوماً… ولكننا الضعفاء بتفككنا دائماً وهذا ما جعل رياحه تجتاحنا على أنها ربيع عربي بشعارات براقة صيغت طرائقها في غرف سوداء.. ليته كان ربيعاً حقيقياً لاستقبلناه بالتهاليل وارتدينا له أجمل الأثواب، ولَكُنّا احتضناه كغائب عاد بعد غياب وقبضنا عليه بشدة الشوق في عدم التفريط.. لكنه ريح حملت رائحة الموت والدم والخراب والدمار..
في بداية سبعينات القرن الماضي يوم كان العرب على قلب رجل واحد هزمنا عدونا في تشرين (أكتوبر) أما اليوم… فالقضية الأم تشطب من الحسابات بعد كل ما ضحينا به على مدى السنين . حتى هذه اللحظة وسورية تدافع عن كرامة الأمة وهوية الأمة وقضية الأمة وأرض الأمة.
والجميع يتخلى عنها ولكنها القادرة دائماً كطائر الفينيق النهوض من تحت الرماد والحل السياسي ثم الحل السياسي ثم الحل السياسي هو السبيل لوحدة القلوب والخروج من الأزمة والحوار هو الآلية الوحيدة لذلك مهما اجتهدت الأطراف ما بين عمومية نيويورك والكرملين والبيت الأبيض , شكراً لكل الأصدقاء لكن المفتاح هنا على الأرض السورية وبيد أهلها.
كم نحتاج من الزمن لنبرأ مما نحن فيه بعد فقد الألفة والهدوء والأمان.. والذي نحتاج فيه لزمن فوق الزمن لإعادة ترتيب بيتنا الداخلي الذي نال منه الهدم كل ما فيه حتى العلاقات البينية بين أهله وأحياناً بين أهل البيت الواحد.
هؤلاء الذين وقفوا على الجبهة السورية القادمون من ضفاف الأطلسي وأقصى شمال المتوسط يداً بيد في وحدةٍ عربية قوة ضد الصهاينة، كيف يمكن أن يأتوا اليوم لقتل السوريين تحت عنوان الجهاد… الجهاد ضد من… ولصالح من… من القاتل ومن المقتول؟؟!!
والعدو يربح كل يوم وجميع العرب خاسرون بامتياز.. وأحلام الطغاة في زمن العتاة تعاود لتطفو على سطح منابرهم الكل يحلم بوطئ الأرض العربية وفي سورية خصوصاً لأنها شام شريف في تشريف الله لها… وحلم الآخر في الوقوف على قبر صلاح الدين ولكننا وبالفم الملآن نقول ما هي إلا أحلام العصافير..
والسؤال المشروع في هذه الأيام الثقيلة… أي زمان نعيش يا عرب… يا أهلنا… يا سوريين.
هل يمكننا ترميم الشروخ التي نالت من نفوس الناس بفضل نار الفتنة بين الأهل والأشقاء.. وهذه أصعب في إعادة البناء والتأهيل والترميم من إعادة الحياة للحجر المحترق.. المرافق العامة قبل الخاصة.. والخاصة قبل العامة.. أيهما يسبق لابد من تواز في إعادة البناء. وقبل كل ذلك كيف لجراح النفوس والقلوب أن تبرأ ؟؟!!
فقط عندما يتعافى الوطن مما هو فيه. كل ذلك يمكن أن ترتشفه الأيام القادمات ويمكن تجاوزه عندما تصبح النوايا صادقة والنفوس هادئة والقلوب راضية. عندها تعود أطواق الياسمين لتزين الصدور والرسوغ فتغلب روائحها الزكية على رائحة الدم المهراق … وإلا فما الفائدة من تأهيل المرافق العامة والأحياء بلا سكان . وكيف يكمل المرء حياته اليومية دون مرافق عامة اعتادتها حياته في ظل البناء الماضي الذي أسس لحياة الاستقرار المفقودة اليوم , وتعود أن يرتادها فيجد فيها سلامته وسلامة بيته وأهله..
هي حقاً مرافق وخدمات ولكنها سبيل الحرية واحترام الذات وحفظ الكرامة… بعيداً عن موجات الباطل ودفقات التزوير والانقضاض لمحو نصف قرن من الزمان من خلال نزعة تآمرية تريد الإطاحة بالوطن كما أطاحت بوطن بات مشطوباً من حياة محتلي أرضه وكأنه لم يكن في مسارب الزمن ولا على صفحاته.
شهناز صبحي فاكوش